تسليم جثة معتقل يكشف وجود لبنانيين بالسجون السورية

يتوزّعون بشكل أساسي على سجني صيدنايا وعدرا

علي أبو دهن رئيس (جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية) يتحدث لإذاعة دوريتشه فيله العام الماضي
علي أبو دهن رئيس (جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية) يتحدث لإذاعة دوريتشه فيله العام الماضي
TT

تسليم جثة معتقل يكشف وجود لبنانيين بالسجون السورية

علي أبو دهن رئيس (جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية) يتحدث لإذاعة دوريتشه فيله العام الماضي
علي أبو دهن رئيس (جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية) يتحدث لإذاعة دوريتشه فيله العام الماضي

جدّدت جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية دعوتها الدولة اللبنانية للعمل على قضيتهم في الوقت الذي أعلن أمس عن وفاة المعتقل السوري من أم لبنانية حسن حديفة، بعدما قضى أكثر من ثلاثين عاما بين قضبان السجون السورية على غرار اللبنانيين الذين يقدر عدد الموثق منهم، كما تؤكد الجمعية 627 شخصا.
وأعلن أمس رئيس الجمعية علي أبو دهن عن وفاة حديفة المولود من أم لبنانية ووالد سوري وتسليم جثته لعائلته، مشددا على أن هذه الحالة تؤكد وجود معتقلين سياسيين وبينهم طبعا لبنانيون في السجون السورية رغم نفي النظام للأمر. وكان أبو دهن معتقلا سابقا في سوريا وأطلق سراحه في عام 2000 بعد 13 عاما صودف خلالها احتجازه مع حديفه وعشرات اللبنانيين في سجون عدّة.
ويمثل حديفة الذي كان قد اعتقل عام 1987 بحسب أبو دهن، مثالا على وجود معتقلين سياسيين في السجون السورية منذ عشرات السنوات، لافتاً إلى أنه، ووفق المعلومات التي حصلت عليها الجمعية، فإن المعتقلين اللبنانيين يتوزّعون بشكل أساسي على سجني صيدنايا وعدرا، بينما لم يعرف مصير من كانوا في سجن تدمر بعد سيطرة تنظيم داعش على المنطقة قبل نحو ثلاثة أعوام.
وفيما حمّل أبو دهن الدولة اللبنانية مسؤولية إهمال هذا الملف، مطالباً وزارة الخارجية ورئيس الجمهورية الذي طلبت الجمعية لقاءه قبل أكثر من سنة وأحالها إلى ضابط ومن ثم إلى رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب إبراهيم كنعان الذي لم يعد يتجاوب معهم، أشار إلى أن المعلومات عن المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية باتت تنعدم أكثر وأكثر منذ بدء الحرب السورية عام 2011، لافتاً في الوقت عينه إلى أنهم وكما المعتقلين القدامى، يعمد النظام إلى عزلهم في أقسام محددة في السجون منعا للتواصل مع الآلاف الذين سجنوا في السنوات الأخيرة.
وكتب أبو دهن الذي التقى حديفة للمرة الأخيرة في سبتمبر (أيلول) 1992 في سجن تدمر، على صفحته في «فيسبوك»: «31 عاما قضاها أبو أكرم (حسن حديفة) في الاعتقال بتهمة مزيفة، مركّبة، كاذبة، مثله مثل آلاف المعتقلين في سجون ومعتقلات الأسد الأب والابن. تنقل بين جميع الفروع القاسية المميتة من فرع المنطقة إلى فرع فلسطين والتحقيق العسكري ثم تدمر اللعينة، ومنها إلى سجن صيدنايا العسكري حيث مرّ كما مررنا بأشد أنواع العذاب والذلّ والقهر والجوع والمرض.وكان قد حرم من رؤية عائلته ما يقارب 25 سنة وأكثر، ثم نقل إلى سجن السويداء حيث وافته المنية هناك».
ورأى أبو دهن أن وفاة حديفة، المعتقل السياسي، يجب أن يكون إخبارا للدولة اللبنانية للتحرك والسؤال عن مواطنيها الذين تؤكد المعلومات وجود المئات منهم في السجون السورية، مذكرا كذلك بخروج أحد المعتقلين عام 2011 ويدعى جورج شمعون، قائلاً: «شمعون كان اعتقل أيضا خلال الحرب وبعدما أفرج عنه رفض الكلام أو إعطاء أي معلومات أو الحديث عن فترة سجنه، نتيجة الضغوط عليه، قبل أن يهاجر لبنان نهائيا إلى السويد».
وفي حين يصف مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية بـ«البقعة السوداء»، انطلاقا من نفي النظام الدائم لوجودهم لديه، يؤكد أبو دهن أن عددا قليلا من العائلات تقابل أبناءها مقابل دفع مبالغ من المال، لكنها تخشى الإفصاح عن الأمر خوفا على المعتقلين ومنعهم من رؤيتهم. وهو ما يؤكده عبد الغني لافتاً: «إلى أن قضية المعتقلين في السجون السورية باتت (سوقا سوداء) و(مافيات)، من أصغر عسكري إلى أكبر ضابط، يبتزون خلالها الأهالي للحصول على المال وفي أحيان كثيرة يتم إيهامهم بمعلومات غير حقيقية ووعود غير قابلة للتحقيق.
وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت عام 2014 ملخصا لمذكرة أعدها الأمن القومي السوري تكشف تعمده التهرب من إظهار أية حقائق حول مئات المعتقلين اللبنانيين في سجونه، في المراسلات الموجهة إلى الجانب السوري الممثل في اللجنة اللبنانية السورية المشتركة لدرس ملف المفقودين اللبنانيين والسوريين التي كانت قد تشكلت عام 2005.
واكتفى الأمن القومي بتبيان أوضاع عدد من المعتقلين بتهم جنائية، فيما أغفل تقديم الاستيضاحات عن عدد كبير منهم بتهم سياسية، بعضهم أعدم والبعض الآخر توفي لأسباب مرضية، ويقدّر عددهم ما بين ثلاثين وأربعين شخصا، فيما معتقلون آخرون ما زالوا أحياء.
ويلفت بيان الأمر القومي إلى تقديم الجهات اللبنانية قوائم بأسماء 725 لبنانيا فقدوا في سوريا، هناك أدلة على وجود 98 منهم في سوريا، و133 اسما لا أدلة على وجودهم، و491 أفادت الوثيقة بأن «اللبنانيين يعتقدون أن الميليشيات اللبنانية اعتقلتهم وسلمتهم إلى سوريا».
وفي مقابل القوائم اللبنانية، طرح الجانب السوري 1090 اسما سوريا مفقودا في لبنان، هناك أدلة على اختفاء 800 منهم في لبنان، و283 اسما لعسكريين سوريين فقدوا أيضا في لبنان مقابل سبعة أسماء فردية، وأشارت المذكرة المسربة إلى أن الجانب السوري أوضح خلال الاجتماعات معالجته لـ123 حالة، مقابل معالجة الجانب اللبناني لـ96 حالة.
مع العلم أن اللجنة اللبنانية - السورية المشتركة كانت قد عقدت 18 اجتماعا منذ تشكيلها نهاية شهر يوليو (تموز) 2005 حتى نهاية يناير (كانون الثاني) 2008، قبل أن تتوقف الاجتماعات نتيجة توتر العلاقة بين البلدين.



الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
TT

الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 

بدعوى مواجهة هجوم إسرائيلي متوقع، استنفر الحوثيون قوتهم في ثلاث محافظات يمنية، ودفعوا بها نحو محافظة إب التي تشهد احتقاناً شعبياً غير مسبوق نتيجة ممارسات الجماعة وتغاضيها عن الانتهاكات التي طالت السكان هناك، والتي كان آخرها مقتل الزعيم القبلي صادق أبو شعر.

وبالتزامن مع تهديد وجهاء المحافظة الواقعة على بُعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، أعلنت الجماعة الانقلابية عقد اجتماع موسع في المنطقة العسكرية الرابعة، برئاسة نائب رئيس الوزراء - وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية في الحكومة غير المعترف بها، محمد المداني، وضم قائد المنطقة عبد اللطيف المهدي، ومحافظي ذمار وإب، والأجزاء الواقعة تحت السيطرة في محافظتي تعز والضالع، وقيادات أمنية وعسكرية.

وغداة منع خروج مظاهرة منددة بتواطؤ الحوثيين مع أحد قادتهم ومرافقيه المتهمين بقتل أبو شعر، ذكرت وسائل إعلامهم أن الاجتماع، الذي لم يسبق أن شهدت المحافظة مثله، ناقش الأوضاع الخدمية والتنموية في محافظات تعز، والضالع، وإب، وذمار، وجوانب التنسيق والترتيبات العسكرية والأمنية لمواجهة أي تحركات عدوانية لمن وصفت بأنها «قوى الهيمنة والاستكبار بقيادة أميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني».

الحوثيون يخشون انتفاضة جديدة في إب مع زيادة الاحتقان الشعبي (إعلام محلي)

ومع أن محافظة إب يفصلها عن الساحل الغربي لليمن محافظتا الحديدة وتعز، إلا أن وسائل إعلام الحوثيين واصلت التضليل بشأن هدف الاجتماع وقالت إنه كُرِّس لتدارس الأوضاع في هذه المحافظات، والاستعداد لإفشال «أي تحركات عدوانية».

ونقلت هذه الوسائل عن القيادي الحوثي المداني قوله إن الجانب العسكري تطور بشكل لافت، وإن الجماعة أصبحت تمتلك صواريخ وطائرات تستهدف إسرائيل في العمق، وفي البحار والمحيط الهندي، ووعد بالتحرك في إحداث التنمية، وتوفير الخدمات في مختلف المحافظات.

تهديد السكان

بدوره، عدّ قائد المنطقة العسكرية الحوثية الرابعة عبد اللطيف المهدي انعقاد الاجتماع والنزول الميداني فرصة للاطلاع على الأوضاع، لا سيما ما يخص الجانب الرسمي، والتعبئة العامة، والوضع الأمني، وكل ما يخص هذه المحافظات.

وطالب المسؤول الحوثي بأن يتحمل الجميع المسؤولية، ابتداءً من محافظ المحافظة الذي يُعد المسؤول الأول، ومدير أمن المحافظة، والتعبئة العامة والأمن والمخابرات والشرطة العسكرية والاستخبارات، وغيرها من الجهات المعنية وذات العلاقة، للعمل على تعزيز مستوى الأداء ومضاعفة الجهود.

الحوثيون دفعوا بكبار قادتهم ومخابراتهم في مسعى لإخماد أي تحرك شعبي في إب (إعلام حوثي)

وزعم المهدي أن التحركات الشعبية ضد جماعته «تخدم الأجندة الصهيونية والأميركية والبريطانية»، وذكر أن عناصر جماعته يرصدون تحركات من سماهم «العدو»، وأن لديهم معرفة كاملة بما يُخطط له، وأنهم مستعدون «للتصدي لأي عدوان مهما كلفهم من تضحيات».

وفي رسالة تهديد لسكان المحافظة، التي باتت مركزاً لمعارضة حكمهم، قال المهدي إن الاستعدادات العسكرية والأمنية في جاهزية عالية، «وهناك تنسيقيات عسكرية وأمنية كبيرة جداً، وكل جانب مكمل للآخر».

أما عبد الواحد صلاح، محافظ إب المعين من قبل الحوثيين، فقد أكد أن المحافظة من أكثر المحافظات التي يركز «العدو» عليها ويستهدفها بصورة مستمرة. وأشاد بالقيادي المهدي ووقوفه إلى جانب السلطة المحلية في المحافظة، وقال إنهم يعملون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية والتعبئة العامة كأنهم فريق واحد لتجاوز أي تحديات.

ورغم تماهيه مع خطاب الحوثيين، فإن محافظ إب طالب بالتعاون بين السلطة المحلية والأجهزة الأمنية لحلحلة ما سماها «القضايا المجتمعية»، في إشارة إلى قضايا القتل التي استهدفت عدداً من سكان المحافظة والعبث بالممتلكات، والتي كانت سبباً في حالة الغليان الشعبي ضد سلطة الجماعة الانقلابية. وتعهد بالعمل على كل ما من شأنه استقرار الوضع في المحافظة، وتعزيز السكينة العامة، والمساهمة في تعزيز جهود التنمية المحلية، وتفعيل المبادرات المجتمعية.

ورأى القيادي الحوثي شمسان أبو نشطان، الذي يرأس ما تسمى «الهيئة العامة للزكاة»، وهي الجهة التي تمول النفقات العسكرية والشخصية للقيادات الحوثية، في اللقاء «فرصة لتدارس ما يحيكه العدو» من مؤامرات ضد الجماعة وجبهتها الداخلية. وقال إن الهيئة ومكاتبها ستكون جزءاً من الخطة التي يتم رسمها لمواجهة أي تحديات.

طلب المساندة

أما وكيل وزارة داخلية الانقلاب الحوثي لقطاع الأمن والاستخبارات علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، فأكد حرصه على تنفيذ الخطط العملية وفق إجراءات تنفيذية لمسار الواقع الميداني، مشدداً على أهمية الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع.

نجل مؤسس جماعة الحوثيين يتولى مهمة قمع أي تحرك شعبي مناهض (إعلام حوثي)

وبعد شهور من استحداث جهاز مخابرات خاص يتبعه شخصياً، يُعتقد أنه وراء حملة الاعتقالات التي طالت المئات من سكان إب، وأمل خلال اللقاء بتعزيز الشراكة بين الأجهزة الأمنية والجهات ذات العلاقة، وطالب الجهات المشاركة في الاجتماع من سلطات محلية وشخصيات اجتماعية بمساندة الأجهزة الأمنية وتعزيز السكينة العامة.

ولم يكتف نجل مؤسس الجماعة بطلب أن يكون لقطاع الاستخبارات والأمن الذي يديره السلطة الفعلية في المحافظة، بل طالب وسائل الإعلام بأن تلعب دورها «التوعوي» بما يُحاك ضد الجماعة من مؤامرات تستهدف جبهتها الداخلية. وقال إن على هذه الوسائل مضاعفة جهودها لكشف مخططات ما وصفه بـ«العدوان».

بدوره، طالب مسؤول التعبئة العامة بوزارة الدفاع في حكومة الانقلاب الحوثية، ناصر اللكومي، بضرورة العمل كأنهم فريق واحد في مواجهة «العدوان» ورفع الجاهزية، والعمل وفق الخطة الأمنية والتعبوية، والحفاظ على الجبهة الداخلية والتماسك المجتمعي.

إلى ذلك اقترح أحمد الشامي، عضو المكتب التنفيذي لجماعة الحوثي، أن تواجه وسائل إعلام الجماعة ما وصفها بـ«أباطيل ودعايات العدو» على مستوى كل محافظة، بما يعزز انتصارات الجماعة.