مصر لتعزيز التعاون في «حوض النيل» قبل جولة جديدة لـسد النهضة غداً

السيسي يؤكد مساندة القاهرة ترسيخ الاستقرار في الصومال

TT

مصر لتعزيز التعاون في «حوض النيل» قبل جولة جديدة لـسد النهضة غداً

في حين وصفها مراقبون بأنها «مساعٍ حثيثة من القاهرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بدول حوض النيل قبل جولة مفاوضات جديدة لـ(سد النهضة) غداً (الجمعة) بالقاهرة»، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساندة بلاده ترسيخ الأمن والاستقرار بالصومال. وفي غضون ذلك، قال بيير نكورونزيزا، رئيس جمهورية بوروندي خلال لقائه سامح شكري وزير الخارجية المصري أمس، إن «نهر النيل يجمع شعوب وحكومات دول الحوض، وبوروندي دائماً تأخذ مواقف داعمة للتوافق بين الدول».
وأكد السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أمس، أن «زيارة الوزير شكري لبوروندي تنبع من العلاقة الخاصة التي تربط مصر بدول حوض النيل والدول الأفريقية عامة»، مشيراً إلى أن مصر كثفت في الفترة الأخيرة بشكل كبير من اتصالاتها مع دول حوض النيل، مبرزاً أن الرئيس السيسي أجرى جولات كثيرة لدول حوض النيل ولأفريقيا عامة.
ويجتمع وزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات في كل من مصر وإثيوبيا والسودان غداً (الجمعة) في القاهرة لمواصلة مناقشة الموقف من «سد النهضة». وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية المصري، إن «بلاده حريصة على التوصل إلى تفاهم مشترك خلال الجولة الجديدة بالقاهرة». علماً بأن الجولة الأخيرة للمفاوضات، التي عقدت في العاصمة السودانية ما بين 4 و5 أبريل (نيسان) الحالي، لم تتوصل لأي اتفاق بين الجانبين.
وقال المراقبون، إن «الهدف من الزيارات الخارجية لمصر هو توفير الدعم بالدول الشقيقة في المجالات التنموية المختلفة، وفي مجال بناء القدرات والتدريب، فضلاً عن شرح المواقف المصرية للأشقاء في دول حوض النيل وملف مياه النيل، والاحتياجات المائية المصرية، ومدى اعتماد مصر الكامل على نهر النيل بصفته مورداً وحيداً وأساسياً للمياه بالنسبة للشعب المصري».
وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً من الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو الليلة قبل الماضية. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «الرئيس الصومالي أعرب خلال الاتصال الهاتفي عن تقديره العلاقات التاريخية التي تجمع بين الدولتين الشقيقتين»، مشيداً بدور مصر في مساندة الصومال، ودعمها جهود تحقيق الأمن والاستقرار فيه. كما أكد الرئيس الصومالي حرص بلاده على استمرار التنسيق والتشاور مع مصر إزاء مختلف القضايا، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب.
وأضاف راضي موضحاً، أن الرئيس السيسي أكد من جانبه قوة العلاقات، التي تربط بين مصر والصومال، واستمرار موقف مصر الداعم وحدة الصومال، معرباً عن حرص مصر على مواصلة تعزيز مختلف أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، وتقديم الدعم الفني لأبناء الصومال، ومساندتها جهود بناء مؤسسات دولته وترسيخ الأمن والاستقرار به.
في غضون ذلك، التقى شكري أمس الرئيس نكورونزيزا، وذلك في ختام زيارته إلى بوجمبورا، حيث نقل إليه رسالة شفهية من الرئيس المصري، تتناول سبل تعزيز العلاقات بين البلدين ومجمل ملفات التعاون الثنائي، وعدداً من القضايا محل الاهتمام المشترك.
وأشار شكري في هذا الإطار إلى حرص مصر على دعم بوروندي في المحافل الدولية المختلفة خلال الفترة الأخيرة، التي شهدت فيها بوروندي توترات سياسية، وبخاصة من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن عامي 2016 و2017، وعضويتها الحالية في مجلس السلم والأمن الأفريقي، ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، منوهاً بأهمية استمرار التنسيق بين البلدين لتحقيق مصالحهما المشتركة.
كما أكد شكري مواصلة تقديم الدعم اللازم لبوروندي في المجالات التنموية كافة، وذلك من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، التابعة لوزارة الخارجية، ولا سيما في مجال دعم القدرات والمنح، والدورات التدريبية التي تسهم في نقل الخبرات وبناء الكوادر، مشيراً إلى أن مصر استضافت نحو 150 متدرباً بوروندياً عام 2017، بالإضافة إلى ما تقدمه مصر من منح دراسية. وأعرب وزير الخارجية المصري عن سعادته البالغة بافتتاحه اليوم مركزي الغسيل الكلوي، اللذين موّلتهما الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بكل من المستشفى العسكري والشرطي في بوجمبورا.
وحول القضايا محل الاهتمام المشترك، أوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن مباحثات وزير الخارجية مع الرئيس البوروندي تطرقت أيضاً إلى ملف مياه النيل، وتطلع مصر للتعاون والتنسيق مع بوروندي من أجل تقريب وجهات النظر، واستعادة التوافق بين دول حوض النيل، بما يحقق مصالح جميع دول الحوض.
من جانبه، أعرب الرئيس البوروندي عن تطلعه لأن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من التعاون بين مصر وبوروندي، ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، الذي تواجهه بوروندي بقوة خلال مشاركتها في عمليات حفظ السلام في الصومال وأفريقيا الوسطى.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.