دعت الحكومة الجزائرية وسائل الإعلام المحلية إلى «الاتفاق على ميثاق شرف»، يتضمن تعهدا بعدم نقل فتاوى ومواقف رموز التيار السلفي المنتشرين بكثرة في المساجد، بذريعة أنهم لا يعترفون بـ«المرجعية الدينية الجزائرية».
وقال محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف، أمس خلال نشاط ميداني بشرق البلاد إن وزارته ستنظم قبل شهر رمضان اجتماعا لمئات الأئمة، سيتناول «تعزيز المرجعية الدينية الوطنية في وسائل الإعلام». في إشارة، ضمنا، إلى فتوى مثيرة للجدل أصدرها الشهر الماضي الشيخ محمد علي فركوس، زعيم التيار السلفي، أنكر فيها على رجال دين جزائريين انتماءهم لـ«أهل السنة والجماعة». ورغم أنه لم يذكر أحدا منهم بالاسم، لكنه أعطى إشارات توجهت إلى شيوخ «زوايا» تدريس وحفظ القرآن، وشيوخ «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين». وقد هاجم الشيخ عبد الرزاق قسوم، رئيس «الجمعية»، فركوس بسبب فتواه.
وذكر عيسى أن رؤساء التحرير بالصحف والفضائيات الخاصة، والقناة التلفزيونية الحكومية، مدعوون للمشاركة في أشغال الاجتماع. مضيفا أن «الخطاب الديني في وسائل الإعلام بحاجة إلى توجيه، وأن تتم مرافقته من طرف أئمة وزارة الشؤون الدينية». وحتى وقت قريب كانت علاقة الحكومة بفركوس وغيره من السلفيين، وهم كثر، جيدة لسبب أساسي هو أن السلفيين أفتوا بعدم جواز «منازعة الرئيس في حكمه». كما أفتوا بعدم جواز الإضراب، الذي يشنه حاليا الأطباء، وكان لهم أيضا موقف سلبي من إضراب أساتذة التعليم مطلع العام الحالي، بذريعة أن ذلك «يفتح باب الفتنة». وغالبا ما تصدر هذه المواقف الدينية مرفقة بسرد نماذج التغيير في ليبيا وسوريا، و«نتائجها الكارثية» على المجتمع في البلدين.
غير أن هذه العلاقة ساءت بمجرد أن هاجم فركوس «المرجعية الدينية الوطنية»، التي يدافع عنها الرئيس بوتفليقة منذ وصوله إلى الحكم عام 1999. فقد جاء للسلطة وهو يحمل فكرة أن الأزمة الأمنية، التي تخبطت فيها الجزائر في تسعينات القرن الماضي، (الصراع مع المتطرفين)، كانت بسبب «استيراد فتاوى تبيح الجهاد من الخارج». وعلى هذا أساس كان بوتفليقة دائما يشيد بـ«بمراجع الدين الجزائريين واعتدالهم ووسطيتهم». علما بأن بوتفليقة عاش فترة طويلة بالخارج قبل انتخابه رئيسا.
ومما جاء في كلام عيسى بهذا الخصوص أن الحكومة «تسعى إلى إقناع» عائلة الإعلام بإعداد ميثاق شرف، يكون التزاما ذاتيا منها، على أن يكون خطابها لتعزيز المرجعية الدينية الوطنية، وتأمين الجزائر فكريا، وتوفير الانسجام الاجتماعي في البلاد. وأضاف عيسى موضحا «أنها قناعة فكرية ينبغي أن نتقاسمها جميعا من خلال الاعتماد على العمل الجواري البيداغوجي التفاعلي. وفي حال نجحنا في مشروعنا بوسائل الإعلام التقليدية، سننقل جهودنا إلى الفضاء المعلوماتي الافتراضي». كما تحدث عيسى عن «هجمة فكرية دينية تتعرض لها الجزائر». وقال: إن «الأفكار المسيئة لنا كثيرة، وطريقة صدها تكون بالعودة إلى مرجعيتنا الدينية الوطنية، والتمسك بها والمحافظة عليها». مشددا على أن «المؤسسة الدينية (المساجد)، مطالبة بأداء دورها في التصدي لكل هذه الأفكار، وإبطال كل الأسس العقائدية، التي يعتمد عليها الإرهاب والتطرف، وغلق الطرق التي تفتح باب التشكيك في المرجعية الدينية الوطنية، وتلك التي تهدف إلى زعزعة الفهم الصحيح للإسلام. فالمرجعية الدينية الوطنية هي ذاكرة الأمة الجزائرية». في إشارة أخرى إلى فركوس، الذي يتحاشى الإعلام.
وكان بوتفليقة قد ذكر في خطاب مكتوب، نشرته وكالة الأنباء الحكومية، بمناسبة «يوم العلم» الذي صادف 16 من أبريل (نيسان) الحالي، أن «العولمة وظهور وسائل الاتصال الحديثة، وبعض الوقائع التي زعزعت فضاء العالم الإسلامي، أحدثت أفكارا جديدة وغريبة عن الشعب الجزائري بالتأكيد، وتسببت تدريجيا في زعزعة تماسك مجتمعنا عقائديا وفكريا، ووصل الأمر إلى المساس باستقرار الجزائر، وإدخالها في جحيم الإرهاب وآلام المأساة الوطنية». وترمز «المأساة الوطنية» إلى عشرات آلاف الأشخاص، الذين قتلوا خلال «العشرية السوداء» المرتبطة بالصراع مع الإرهاب.
7:57 دقيقة
الجزائر: الحكومة تناشد الإعلام عدم التعامل مع فتاوى السلفيين
https://aawsat.com/home/article/1242121/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%A7%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B9%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D9%81%D8%AA%D8%A7%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86
الجزائر: الحكومة تناشد الإعلام عدم التعامل مع فتاوى السلفيين
بهدف الدفاع عن «المرجعية الدينية» المحلية التي تتعرض لهجوم
الجزائر: الحكومة تناشد الإعلام عدم التعامل مع فتاوى السلفيين
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة