مصر: تصريحات مسؤول حكومي تُثير انزعاج الأزهر

دعا إلى دمج التعليم الديني بالعام

TT

مصر: تصريحات مسؤول حكومي تُثير انزعاج الأزهر

أثارت تصريحات مسؤول حكومي مصري حول دمج التعليم الديني بالعام، انزعاجاً في أروقة الأزهر، ما فتح الباب لدعوات سابقة طالبت بهذا الدمج.
وكان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، قد صرح بوجود مناقشات حالية لبحث إمكانية ضم التعليم العام والأزهري، على أن تكون الأمور الدينية اختيارية، قبل أن يتراجع الوزير أمس، ويعلن خلال مؤتمر صحافي بمقر مجلس الوزراء، عقد على هامش اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن «التعليم الأزهري نظام مواز، وسيبقى كما هو، ولا يوجد أي دمج».
وسبق حديث الوزير مشروع تقدم به النائب محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب (البرلمان)، إلى البرلمان في فبراير (شباط) الماضي، طالب فيه بتوحيد نظام التعليم في مصر عبر دمج التعليم الأزهري بالعام. وقد أثارت هذه الدعوات جدلاً سياسياً ودينياً ملحوظاً.
فبينما رفض مجلس جامعة الأزهر أمس الدعوات، التي تنادي بدمج التعليم الأزهري أو إلغائه، قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إنه «تم التواصل مع وزير التربية والتعليم، فنفى التحدث عن دمج التعليمين، بل تحدث عن تصميم نظام جديد لرياض الأطفال بالتنسيق مع الأزهر».
ويقول «الأزهريون» إن «التعليم الديني له ثوابت وسمات ومواد خاصة، يتم تدريسها لتخريج داعية مؤهل لتعليم صحيح الدين للمواطنين، وهذا ما يختلف عنه في التعليم العام».
ويعاني المجتمع المصري من أزمة تعددية أنماط التعليم منذ عهد محمد علي باشا، الذي وافق على إنشاء مدارس مدنية، في مقابل التعليم الأزهري الديني. ويقدر إجمالي المدارس الرسمية الحكومية بنحو 43223 مدرسة، والمدارس الرسمية الحكومية (لغات) بنحو 2445 مدرسة، والمدارس الخاصة بنحو 7777 مدرسة، بإجمالي 53445 مدرسة، بينما يبلغ عدد المعاهد الأزهرية العامة والخاصة نحو 9600 معهد تقريباً.
وقبل أشهر اتهم عدد من الإعلاميين والكُتاب الأزهر بأنه يُخرج متشددين عبر مناهجه، وهو ما نفاه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في أكثر من لقاء، مؤكداً أن «مناهج الأزهر هي على العكس من ذلك تماماً فهي التي خرجت (وتخرج وسوف تخرج) المسلم الملتزم بالإسلام الوسطي، عقيدة وفكراً وسلوكاً... ولو نظرنا إلى كل قيادات الحركات الفكرية المتطرفة والمسلحة فلن تجد أيا منهم قد تخرج في جامعة الأزهر».
وشكل الأزهر لجنة كبرى لإصلاح مناهج التعليم قبل الجامعي، تضم أكثر من مائة متخصص، وتم بالفعل تغيير أجزاء كبيرة في المناهج. وفي هذا السياق، قالت مشيخة الأزهر: «للأسف ما زال البعض يتحدثون عن المناهج وهم لا يعلمون أنه تم تغييرها، مع العلم أننا لا نخجل مما كان يدرس في الأزهر؛ بل نفخر بتراثنا وما حققناه من تطوير فمناهجنا لا تخرج متطرفين، وهذا قليل من كثير مما يقوم به الأزهر، في محاولة إصلاح ما يقال عن الخطاب الديني... فأزمة الخطاب الديني ليست في مناهج الأزهر، بل تكمن في الأداء المنفلت الذي يمارسه البعض، والتطفل على الموائد الدعوية من قبل بعض غير المتخصصين والفتاوى الشاذة».
ويؤكد مراقبون أن «الأزهر يسعى لاستعادة الخطاب الديني من خاطفيه، وإبعاد المتطفلين عليه بعيداً، والأزهر ماض في طريقه، ولا يلتفت لمن يحاولون النيل به والعبث بقوانينه».
ولم يكن وزير التربية والتعليم الأول، الذي طرح فكرة دمج التعليم الديني، ففي مايو (أيار) عام 2017 اقترح المجلس القومي لحقوق الإنسان دمج التعليم الأزهري بالعام من أجل توحيد نظام التعليم، في ظل مطالبات مختلفة بتعديل قانون الأزهر من جانب عدد من نواب البرلمان، وعلى رأسهم النائب محمد أبو حامد، الذي قال أمس، إنه «يجب ضم التعليم العام والأزهري، وإلغاء الكليات العلمية والنظرية، التي ليس لها علاقة بدور الأزهر وعلومه»، موضحاً أنه يجب ضم باقي الكليات والمعاهد الأزهرية غير المختصة بعلوم اللغة والشريعة إلى وزارة التعليم العالي.
وأعلن مجلس جامعة الأزهر في بيان له أمس رفضه التام للدعوات المطالبة بدمج التعليم الأزهري أو إلغائه، حيث وجه المجلس نظر الداعين لذلك بأن «التعليم الأزهري ظل على مر تاريخه يرسخ المواطنة وحب الوطن، وكان لأبناء الأزهر على مر تاريخه دور لا ينكره إلا من لا يعرف تاريخ وطنه. فلا ينكر أحد أن البعثات العلمية في عصر النهضة ارتكزت على الأزهريين... كما لا ينكر أحد أن الأزهر مؤسسة تعليمية أضاءت جوانب الوطن؛ بل ملأ (أزهريون) العالم علماً وإرشاداً في الداخل والخارج، وأسهموا في بناء الوطن، كما أسهم الوافدون إليه من شتى بقاع الأرض في بناء أوطانهم؛ بل صاروا رؤساء وزعماء ووزراء».
وأضافت الجامعة أن «الدعوة إلى إزالة التميز والتنوع في الوطن هي في حقيقتها دعوة لهدمه وإزالة تاريخه، ومجلس الجامعة والجامعة وكل العاملين فيها يقفون صفاً واحداً خلف شيخ الأزهر... وتاريخ امتد لأكثر من ألف عام يستحيل إزالته».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.