تعويل دبلوماسي على «خلوة استوكهولم» لتضييق الخلافات الدولية حول سوريا

TT

تعويل دبلوماسي على «خلوة استوكهولم» لتضييق الخلافات الدولية حول سوريا

اصطدم مشروع القرار الثلاثي الأبعاد الذي قدمته فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في شأن سوريا برفض روسيا الانخراط في المفاوضات التي بدأت حوله. غير أن دبلوماسيين دوليين كشفوا لـ«الشرق الأوسط» أن استعدادات تجري لفتح هذا الملف على مصراعيه خلال «الخلوة» التي يعقدها الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في استوكهولم خلال عطلة نهاية الأسبوع الجاري.
وسيمضي أعضاء مجلس الأمن أيام الجمعة والسبت والأحد في العاصمة السويدية. وتعقد «خلوة استوكهولم» في منزل الأمين العام الثاني للأمم المتحدة الراحل داغ همرشولد، حيث يأمل دبلوماسيون في تضييق الخلافات المستحكمة بين الجانبين الغربي والروسي، بصرف النظر عن تصريحات المندوب الروسي الدائم لدى المنظمة الدولية فاسيلي نيبينزيا الذي أعلن أن مشروع القرار الثلاثي «ليس في أوانه». وذكر أحدهم أن البعثة السويدية وضعت مشروع قرار على الطاولة «يمكن الإفادة منه في إيجاد قواسم مشتركة بين الأطراف المختلفة».
وفيما بدا أنه رد روسي على مشروع القرار الغربي عقب الضربة العسكرية الثلاثية الأميركية - البريطانية - الفرنسية لمواقع يشتبه بأنها تخص البرنامج الكيماوي التابع لنظام بشار الأسد، عقد مجلس الأمن جلسة مشاورات بطلب من موسكو للنظر في الأوضاع الإنسانية في مدينة الرقة ومخيم الركبان، اللذين يقعان تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن، علما بأنه توجد قريباً منهما أيضاً قواعد تنتشر فيها قوات أميركية.
وهذه المرة الأولى التي يقترح فيها مشروع قرار يجمع الجوانب الإنسانية والسياسية والملف الكيماوي في الأزمة السورية. ويتضمن البعد الكيماوي تنديداً بأشد العبارات «بأي لجوء إلى الأسلحة الكيماوية في سوريا، خصوصاً هجوم 7 أبريل (نيسان) في دوما». وينص على إنشاء «آلية مستقلة» للتحقيق وتحديد المسؤولين عن استخدام الغازات السامة «على أساس مبادئ الحياد والمهنية»، فضلاً عن مطالبة الحكومة السورية بـ«التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية فيما أعلنته وما لم تعلنه من برنامجها».
أما في مجال المساعدات الإنسانية، فيطلب المشروع «وقفاً مستداماً لإطلاق النار» استناداً إلى القرار 2401، ويدعو كل الدول إلى استخدام نفوذها لتطبيق وقف النار، مع تأمين «إيصال المساعدات الإنسانية من دون قيود» إلى كل أنحاء سوريا.
وفي البعد السياسي، يطالب «السلطات السورية بالدخول في مفاوضات سورية - سورية بحسن نية وبطريقة بناءة وبلا شروط مسبقة»، على أساس القرار 2254.
وكشف دبلوماسي شارك في جلسة المفاوضات الأولى حول مشروع القرار أن «ممثل روسيا حضر الجلسة بيد أنه لم ينخرط في المفاوضات التي استمرت طوال ثلاث ساعات حول فقرات المشروع»، في إشارة إلى «عدم اكتراث روسيا في الوقت الراهن على الأقل بمضمونه». واستبعد القيام بجولة جديدة من المفاوضات قبل «خلوة استوكهولم». لكنه لم يستبعد إجراء تعديلات على مشروع القرار المقترح رغم عدم انخراط روسيا حالياً. ورداً على سؤال عن مشروع القرار الذي قدمه نظراؤه الغربيون، قال نيبينزيا إن «عليهم أولاً أن يتراجعوا عما فعلوه قبل أيام قليلة».
وشدد المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر على أن المناقشات يجب أن تجرى «بحسن نية وفي أجواء جيدة»، مؤكداً أنه «لا يوجد إطار زمني محدد لطرح مشروع قرار للتصويت». وأضاف أن «ما نود فعله هو البدء بمفاوضات مثمرة وجادة وواقعية مع جميع أعضاء مجلس الأمن». وأشار إلى أن «الهدف من هذا القرار واضح من أجل أن يبدأ مجلس الأمن مجدداً عملاً جماعياً للتعاطي مع الملف الكيماوي وحماية المدنيين، والعمل على تسوية سياسية للنزاع السوري».
وقالت المندوبة البريطانية كارين بيرس إن «مشروع القرار قيد المناقشة. لكننا لا نبحث عن تقدم سريع في هذا الشأن»، مضيفة: «نحن بحاجة إلى رسم طريق العودة إلى العملية السياسية، وأعتقد أننا جميعاً نعرف أن هذا سيتطلب بعض الوقت».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.