عريقات: قمة الظهران كانت فلسطينية بامتياز

الفلسطينيون يشيدون بقدرتها على توحيد المواقف من «القضية المركزية»

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يرحب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يرحب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

عريقات: قمة الظهران كانت فلسطينية بامتياز

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يرحب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يرحب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)

وصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، القمة العربية في الظهران، بـ«قمة فلسطينية»، بينما قالت الخارجية إنها حققت نجاحاً ملحوظاً في ما يتعلق بالحقوق الفلسطينية.
وقال عريقات إن القمة كانت «فلسطينية بامتياز»، مشيداً بإدانة جميع القادة العرب إعلان الرئيس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وأضاف عريقات: إن «هذا الموقف أكد الحق الفلسطيني الثابت في القدس عاصمةً لدولة فلسطين».
ورحب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بتبني المقترحات الفلسطينية كافة واعتمادها في قرارات القمة التي جاءت في البيان الختامي، وأبرزها اعتماد الرؤية السياسية السلمية التي طرحها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمام مجلس الأمن في فبراير (شباط) الماضي، المستندة أساساً إلى مبادرة السلام العربية.
وكان تبني خطة عباس في القمة الطلب الفلسطيني الأهم، كما نشرت «الشرق الأوسط» سابقاً.
وكان الفلسطينيون قد أجروا اتصالات مكثفة، قبل القمة، مع دول عربية لتبني خطة أبو مازن للسلام، التي تُعنى بتفاصيل إجراء التفاوض وكيفيته وآليته ومرجعيته وهي خطة السلام العربية.
وتقوم خطة عباس التي طرحها أمام مجلس الأمن، في فبراير الماضي، على عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام الحالي، ينتج عنه تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف، تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم حسب اتفاق أوسلو بما في ذلك القدس.
واقترح عباس خلال فترة المفاوضات، توقف جميع الأطراف عن اتخاذ أي أعمال أحادية الجانب، بما في ذلك الاستيطان، وطلب كذلك تجميد القرار الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووقف نقل السفارة الأميركية إليها.
وجاءت خطة عباس للسلام في مواجهة «صفقة القرن» الأميركية، وبعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل. وهي الخطوة التي خلّفت توترات فلسطينية أميركية كبيرة، وانتهت بقطع علاقات وتهديد ووعيد.
وجدد عباس رفضه لأي خطط أميركية. وقال إنه لن يستمع إليها ما دامت القدس خارج المفاوضات.
وطلبت السلطة من جميع الدول الامتناع عن المساس بالوضع القائم بالقدس.
وقال عريقات إن اللجنة الوزارية العربية، ستواصل عملها لجهة ثني دولتي غواتيمالا وهندوراس، عن الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، عبر مخاطبة اتحاد دول أميركا، لافتاً إلى تحركات في مجلس الأمن برئاسة السويد، بدأت من أجل تعزيز مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة.
ولم يتوقف الترحيب الفلسطيني على تبني خطة عباس. فقد رحب الدكتور محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، بدعوة القمة العربية العادية الـ29 «قمة القدس»، العرب والمسلمين إلى شد الرحال إلى مدينة القدس، وزيارة المسجد الأقصى المبارك والرباط فيه إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين.
وأكد الهباش في بيان صحافي، أن «القمة العربية التي عُقدت برئاسة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، بمدينة الظهران السعودية، شهدت إعادة القضية الفلسطينية إلى قمة الاهتمامات العربية، من خلال عدد من القرارات المتعددة التي تناولت الصراع العربي الإسرائيلي في البيان الختامي».
وأضاف الهباش أن «قمة القدس أعادت إلى الأذهان المواقف العربية الموحدة من قضية القدس، من خلال تأكيد بطلان وعدم شرعية القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل».
وأشاد الهباش بالبيان الختامي الذي أكد أن القدس كانت وستبقى عاصمة فلسطين العربية وإلى الأبد، رافضاً اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس، حيث سيؤدي ذلك إلى تداعيات مؤثرة على الشرق الأوسط بأكمله.
وقال الهباش: إن «قمة الظهران أكدت من جديد مركزية القضية الفلسطينية ورفض ممارسات إسرائيل الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، والتي تهدف إلى تغيير الحقائق على الأرض وتقويض حل الدولتين».
ودعا الهباش إلى «تعزيز العمل العربي المشترك المبنيّ على منهجية واضحة وأسس متينة تحمي أمتنا من الأخطار المحدقة بها، وهو ما بدأت ملامحه تعود إلى الأفق من خلال القرارات الصادرة عن قمة القدس في الظهران، التي أكدت أهمية صون الأمن والاستقرار، وتأمين مستقبل مشرق واعد يحمل الأمل والرخاء للأجيال القادمة، وإعادة الأمل لشعوبنا العربية التي عانت من ويلات الانقسام والتشرذم الذي أنهك جسد أمتنا العربية».
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن القمة العربية «حققت نجاحاً ملحوظاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية»، مؤكدة أن تسمية القمة «قمة القدس»، «تعني أن الدول العربية تؤكد محورية ومركزية قضية القدس في هذه المرحلة بالذات، كما تعني أيضاً رداً عربياً واضحاً وصريحاً على المحاولات الإسرائيلية الأميركية الهادفة إلى شطب قضية القدس، أو سحبها عن الطاولة أو تهويدها».
وشكرت الوزارة رئاسة القمة على هذا القرار، مذكّرة بأنها قدمت رسالة بهذا الخصوص لرئاسة القمة بناءً على تعليمات الرئيس محمود عباس، فجاء قرار خادم الحرمين الشريفين انسجاماً مع الرسالة، ودعماً للقدس في معركتها ضد التهويد.
وأشادت الخارجية بإعلان «المملكة العربية السعودية الشقيقة عن تقديم 150 مليون دولار لدعم مشاريع البنية التحتية في القدس»، قائلة إن ذلك يشكّل «تعزيزاً لصمود مواطنيها ويكتسي أهمية كبيرة، حيث جاء هذا الإعلان بناءً على دراسة مكثفة وتفصيلية قدمتها دولة فلسطين للقمة، توضح فيها احتياجات المدينة المقدسة ومرابطيها الصامدين». وأضافت: «كما أن تقديم المملكة 50 مليون دولار دعماً لـ(أونروا)، يُعتبر رداً على السياسة الأميركية الإسرائيلية الهادفة إلى تهميش (أونروا) وشل قدرتها على تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، وهو أيضاً مساهمة مهمة في تعزيز دور (أونروا)، تُضاف إلى ما تم جمعه في مؤتمر روما الأخير لتغطية العجز الناتج عن القرار الأميركي تخفيض التزامات واشنطن تجاهها».
وقالت الخارجية إن القمة ليست قمة القدس كما سُميت وحسب، وإنما كانت قمة فلسطين بامتياز.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.