سوق العقارات في مدينة مرسيليا الفرنسية.. سلبياتها وإيجابياتها

اختيرت عاصمة للثقافة الأوروبية هذا العام

جانب من مارسيليا
جانب من مارسيليا
TT

سوق العقارات في مدينة مرسيليا الفرنسية.. سلبياتها وإيجابياتها

جانب من مارسيليا
جانب من مارسيليا

لدى مرسيليا، ثاني أكبر مدن فرنسا من حيث المساحة والتي يقطنها نحو 850.000 نسمة متنوعي الثقافة، شهرة كبيرة في مجال العقارات والجريمة والاضطرابات. غير أن هناك الكثير من الإشارات ذات الدلالة التي تشير إلى أن مرسيليا بدأت تدخل مرحلة جديدة من الازدهار. فقد كانت واحدة من مدينتين جرى إعلانهما عاصمتي الثقافة في أوروبا لعام 2013، كما استطاعت اجتذاب مئات الملايين من اليوروهات في مجال الاستثمار على مدى الخمسة أعوام الماضية، وأسهمت في إعادة ازدهار منطقة الميناء القديم أو فيو بور. وقد أعلن أخيرا رئيس الوزراء الفرنسي جان - مارك إيرو، أن الحكومة الفرنسية ملتزمة باعتماد نحو ثلاثة مليارات يورو (أربعة مليارات دولار) توجه للتنمية المحلية، منها ملايين اليوروهات جرى تخصيصها لكثير من الأحياء الأشد احتياجا في مرسيليا.
وتغطي أكثر المقاطعات رقيا في الميناء الشهير، وهما المنطقتان السادسة والسابعة، واللتان تقعان في جنوب مرسيليا، منطقة ساحلية كثيرة التلال وتعرف باسم «الكورنيش»، كما يصفها كريستوف فالبو، مدير مكتب وكالة إميل جارسين في مرسيليا. في هذه المنطقة، قد تصل أسعار أفضل «الباستديز»، وهو الاسم المحلي الدارج للفيللا، إلى 1250 دولارا للقدم المربع الواحد.
واكتسبت الوحدات السكنية الصغيرة في منطقة الميناء القديم (فيو بور) شهرة كبيرة، حتى إنه أصبح من الصعب الحصول عليها، وتبلغ أسعارها نحو 750 دولارا للقدم المربع. ويضيف فالبو أن المنطقة الخامسة، والتي تتميز في وقت من الأوقات بشوارعها الكبيرة كثيرة الأشجار وشققها السكنية التي تعود إلى القرن التاسع عشر، فقد تحولت إلى مقصد لصانعي الموضة وطبقة الفنانين، وهذا ما جعل الأسعار تصل في الوقت الحالي إلى 375 دولارا للقدم المربع، والزيادة مستمرة.
وفي غرب مرسيليا، تقع مدن كاسي وسناري وبندول وسان سير سور مير التي تجتذب أولئك الذين يرغبون في شراء منازل الدرجة الثانية رخيصة الأسعار. وتعد تلك المدن بديلا جيدا لمدن مثل سان تروبيه وكوت دازور. وتصل أسعار أغلى المنازل في تلك المدن إلى نحو ثمانية ملايين دولار مع دفع 30 - 40 في المائة من قيمة المنزل بالنسبة للعقارات الساحلية.
ويصف وسطاء العقارات الأسعار في تلك المنطقة أنها في حالة ترقب وانتظار، بيد أن هناك علامات على أن حركة بيع المنازل في عموم السوق الفرنسية آخذة في الانتعاش بعد حالة الركود التي ضربت السوق في عام 2012. وحسب بيانات نشهرها المكتب القومي للإحصائيات، وصل حجم التداول في سوق العقارات إلى ثلاثة في المائة على أساس سنوي بنهاية الربع الثاني، كما زادت الأسعار خارج نطاق باريس إلى 0.6 في المائة في الربع الثاني أيضا بعدما ظلت في حالة تراجع على مدى عام ونصف العام.
يقول فرانسوا - زافييه دو فيال، مدير وكالة صائدي المنازل (Home Hunts) ومقرها في مرسيليا، إن الأسعار تراجعت العام الماضي في تلك المنطقة بما يقرب من 20 في المائة، وهو ما يعني بالنسبة للمشترين أن «هناك فرصة كبيرة للمساومة»، لكنه أضاف أن أسعار العقارات في المناطق التي تشهد إقبالا متزايدا تبقى مستقرة، كما أنها تتزايد في منطقة الميناء القديم.

من يشتري في مرسيليا؟

يقول دو فيال إنه بعيدا عن المشترين المحليين، يتسابق الباريسيون والمقيمون في تلك المنطقة من البريطانيين الذين يرغبون في شراء المنازل التي يقضون فيها إجازاتهم، وكذلك الأميركيون والأستراليون والقادمون من جنوب أفريقيا، على شراء العقارات في تلك المنطقة. كما تشمل قائمة المشترين أيضا المغتربين الذين تزوجوا من أهل قاطني تلك المنطقة ويريدون العودة إليها أو شراء منزل آخر. غير أن دو فيال يشير إلى أنه «منذ أكثر من عامين، لنكن صادقين، لم نرغب في رؤية أجانب في مرسيليا».
أما كريستوف فالبو، مدير مكتب وكالة إميل جارسين في مرسيليا، فيشير إلى أنه بالنسبة لسوق العقارات الفاخرة، يمثل المحليين نحو 50 في المائة من المشترين في مرسيليا، 30 - 40 في المائة منهم من شمال فرنسا «الباحثين عن الشمس والطقس الجميل والبحر». ويضيف فالبو أن بعض هؤلاء المشترين يعملون في باريس ويذهبون إلى أقاربهم في الجنوب عن طريق القطار فائق السرعة. كما يمثل الأجانب القادمون من سويسرا وبلجيكا وبريطانيا وهولندا نحو 10 - 20 في المائة من المشترين الأجانب، أما المشترون الأميركيون، فهم قلة.
وأصدرت مجموعة «بي إن بي باريبا» البنكية تقريرا حديثا في ما يتعلق بالمشتركين الأجانب في فرنسا والذي عن كشف أن إقليم بروفنس ألب كوت دازور، الذي يضم مدينة مرسيليا، هو أكثر المناطق جذبا للأجانب الذين يمثلون نحو 29 في المائة من حجم المشترين في المنطقة. ويضيف التقرير أن عدد الصفقات التي يعقدها المشترون الأجانب في فرنسا تراجع بنسبة 29 في المائة في الفترة من 2010 وحتى 2012، غير أن الأسعار زادت بنسبة خمسة في المائة لكل صفقة أو نحو 520.000 دولار.

أساسيات الشراء

لا توجد أي قيود على شراء الأجانب للعقارات في تلك المنطقة. وجميع صفقات شراء العقارات يجب أن تمر من خلال أخصائي قانوني يدعى موظف الشهر العقاري الذي يدير يشرف ويدير جميع جوانب الصفقة، بما فيها المفاوضات واتفاقية البيع والعقود، كما يتأكد من جميع الضرائب والرسوم المفروضة على العقار قد جرى تسديها. ويلجأ كثير من المشترين إلى توكيل محام، رغم أن هذا الأمر غير ذي أهمية كبيرة.
وينصح فرانسوا - زافييه دو فيال، مدير وكالة صائدي المنازل (Home Hunts)، المشترين الأجانب باستئجار موظف شهر عقار يتحدث لغتهم ويمثلهم هم وليس البائعين، هذا على الرغم من قوله إن القانون الفرنسي يوفر حماية كاملة للمشترين.
ويضيف دو فيال أن تكاليف الصفقة بالنسبة للمشترين تصل إلى نحو ستة في المائة من سعر العقار، والذي يتضمن العقار والضرائب الأخرى وكذلك أتعاب موظف الشهر العقاري. ويلزم التنبيه على المشترين الأجانب إلى أن أرباح رأس المال وضرائب التركات على العقارات في فرنسا ربما تكون مرتفعة بعض الشيء. وتصل الضرائب والرسوم نحو 2800 يورو سنويا.

* خدمة «نيويورك تايمز»



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».