تركيا: 5 مليارات دولار عجز في الميزانية خلال الربع الأول

استمرار تدهور الليرة

تركيا: 5 مليارات دولار عجز في الميزانية خلال الربع الأول
TT

تركيا: 5 مليارات دولار عجز في الميزانية خلال الربع الأول

تركيا: 5 مليارات دولار عجز في الميزانية خلال الربع الأول

سجلت الميزانية التركية عجزا بلغ 20.2 مليار ليرة (4.9 مليار دولار) في مارس (آذار) الماضي، ليصبح عجز الربع الأول من العام الجاري 20.4 مليار ليرة (نحو 5 مليارات دولار).
وقال وزير المالية التركي ناجي أغبال أمس الاثنين، إن ميزانية مارس (آذار) أظهرت عجزا أوليا قدره 10.6 مليار ليرة (نحو ملياري دولار)، ما أفضى إلى فائض ربع سنوي قدره 1.9 مليار ليرة (نحو 350 مليون دولار).
على صعيد آخر، شهد الإنتاج الصناعي في تركيا ارتفاعاً بنسبة 9.9 في المائة، خلال فبراير (شباط) الماضي مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي. بينما تراجع مؤشر الإنتاج الصناعي خلال فبراير بنسبة 0.2 في المائة مقارنة مع يناير (كانون الثاني) 2018، وفقا لبيان صادر من هيئة الإحصاء التركية أمس.
وسجل معدل البطالة في تركيا تراجعا في يناير (كانون الثاني) الماضي بنسبة 2.2 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
وذكرت هيئة الإحصاء، في بيانها، أن معدل البطالة وصل إلى 10.8 في المائة، وانخفضت نسبة البطالة بين المواطنين فوق سن الخامسة عشرة، حيث تراجع العدد إلى 3 ملايين و409 آلاف شخص.
وأضاف البيان أن معدل البطالة انخفض في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بنسبة 2.5 في المائة في جميع القطاعات عدا الزراعة، موضحا أن معدل البطالة انخفض بين المواطنين في الفئة العمرية بين 15 و24 عاما بواقع 4.6 نقطة، لتتراوح حول 19.9 في المائة.
ولفت البيان إلى أن معدل البطالة انخفض في الفئة العمرية بين 15 و64 عاما بمعدل 2.2 نقطة، إلى ما يقرب من 11.1 في المائة.
وكان معدل البطالة للعام 2017 سجل 10.4 في المائة، لينخفض في الأشهر الأخيرة من العام إلى 10.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ثم ارتفع إلى 10.4 في المائة في شهر ديسمبر (كانون الأول) ، بحسب أرقام هيئة الإحصاء التركية.
وسجل الاقتصاد التركي معدل نمو فاق التوقعات خلال العام الماضي بنسبة 7.4 في المائة، واعتلى بذلك المرتبة الأولى بين مجموعة الدول العشرين الصناعية، والثانية بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في كلمة أمام مؤتمر «ريادة الأعمال» في إسطنبول أمس إن بلاده استطاعت جذب استثمارات أجنبية بقيمة 180 مليار دولار خلال السنوات الخمس عشرة الماضية نتيجة الإصلاحات الهيكلية في بنية الاقتصاد.
ولفت الرئيس التركي إلى أن صادرات بلاده كانت عند حدود 36 مليار دولار مطلع الألفية الثالثة، وأنها وصلت إلى 160 مليار دولار مع نهاية 2017.
وعلى الرغم من معدل النمو المرتفع، واصل معدل التضخم ارتفاعه ليستقر في خانة العشرات ما ألقى بضغوط على الليرة التركية مع إصرار إردوغان على تبني سياسات تقوم على خفض سعر الفائدة وطمأنة المستثمرين بشأن مخاوف العجز التجاري عبر حزم من الحوافز.
وفقدت الليرة التركية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة نحو 7 في المائة من قيمتها، مسجلة تراجعا قياسيا أمام الدولار إلى نحو 4.08 ليرة للدولار ونحو 5.06 ليرة مقابل اليورو. وأرجع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم التقلبات في سعر الليرة مقابل العملات الأجنبية إلى سوء الأوضاع الأمنية في المنطقة كسبب رئيسي في التراجع الحاد في قيمة العملة التركية. ولفت يلدريم أمام تجمع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول أول من أمس إلى أن التطورات الإقليمية والعالمية لها تأثير على اقتصادات الدول وتجلب معها الغموض، منوهاً إلى أن عالم اليوم لا يخلو من التوترات والحروب والإرهاب وأن بلاده تقع في منطقة جغرافية مليئة بالفوضى والحروب.
وشدد رئيس الوزراء التركي على أن اقتصاد بلاده سيواصل نموه المستقر خلال العام الجاري مثلما كان العام الماضي 2017. معتبرا أن التقلبات في أسعار صرف العملات، هي تقلبات مؤقتة ومحدودة.
وأشار إلى جهود الحكومة والبنك المركزي والرئيس إردوغان ومجلس تنسيق الاقتصاد، المبذولة في سبيل اتخاذ الخطوات اللازمة تجاه الحفاظ على قوة الاقتصاد التركي.



صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)

توقّع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي ثابتاً عند 3.3 في المائة خلال العامَيْن الحالي المقبل، وهو ما يتماشى بوجه عام مع الاتجاهات العالمية التي شهدت تراجعاً ملحوظاً في النمو منذ ما قبل جائحة «كوفيد-19». وفي المقابل، يُتوقع أن ينخفض التضخم إلى 4.2 في المائة هذا العام (2025)، و3.5 في المائة في العام المقبل (2026)؛ مما يقترب من أهداف البنوك المركزية ويتيح لها المزيد من المرونة في السياسة النقدية. وأشار الصندوق، في تحديثه لتقرير «آفاق الاقتصاد العالمي»، إلى أن هذا الاتجاه من شأنه إنهاء الاضطرابات الاقتصادية التي طغت على السنوات الأخيرة، بما في ذلك تأثيرات الجائحة والحرب الروسية في أوكرانيا، التي أسفرت عن أكبر زيادة في التضخم منذ أربعة عقود.

الاقتصاد الأميركي وأزمة منطقة اليورو

وحسب المستشار الاقتصادي، مدير إدارة البحوث في الصندوق، بيير أوليفييه غورينشا، أوضح أنه على الرغم من أن توقعات النمو العالمي لم تشهد تغييرات كبيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، فإن الفجوات بين البلدان تتسع بشكل ملحوظ. ففيما يخص الاقتصادات المتقدمة، تبرز الولايات المتحدة بصفتها أحد أبرز الاستثناءات، حيث أظهرت أداءً أقوى من المتوقع بفضل استمرار قوة الطلب المحلي. وبناءً على ذلك، رفع الصندوق توقعاته للنمو الأميركي هذا العام بمقدار 0.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 2.7 في المائة.

في المقابل، من المتوقع أن يشهد النمو في منطقة اليورو زيادة متواضعة فقط، حيث يُتوقع أن يرتفع إلى 1 في المائة مقارنة بـ0.8 في المائة في عام 2024. وتشهد منطقة اليورو تراجعاً في الزخم الاقتصادي، خصوصاً في قطاع التصنيع، مع انخفاض ثقة المستهلك وتأثير صدمات أسعار الطاقة؛ حيث تظل أسعار الغاز في أوروبا أعلى خمس مرات من الولايات المتحدة، مما يزيد العبء الاقتصادي مقارنة بما قبل الجائحة.

أعلام خارج مركز مؤتمرات يستضيف اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش (أ.ب)

اقتصادات الأسواق الناشئة

وفي اقتصادات الأسواق الناشئة، ظلّت توقعات النمو ثابتة إلى حد كبير؛ حيث يُتوقع أن يسجل النمو 4.2 في المائة هذا العام و4.3 في المائة في العام المقبل. وتُسهم حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التجارة والسياسات في ضعف الطلب في الكثير من البلدان، ولكن من المرجح أن ينتعش النشاط الاقتصادي مع تراجع هذه الحالة من عدم اليقين. ويشمل ذلك الصين؛ حيث يتوقع الصندوق الآن نمواً بنسبة 4.5 في المائة العام المقبل، بزيادة 0.4 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة.

التباين بين الاقتصادات الكبرى

ووفقاً لغورينشا، هناك تباين بين الاقتصادات الكبرى؛ حيث يعمل الاقتصاد الأميركي فوق إمكاناته، في حين تعمل أوروبا والصين دونها. كما ارتفع مستوى عدم اليقين في السياسات الاقتصادية، خصوصاً بعد الانتخابات التي جرت في الكثير من البلدان في عام 2024. وتشمل توقعات الصندوق التطورات الأخيرة في الأسواق وتأثير زيادة عدم اليقين في السياسات التجارية، الذي يُفترض أنه مؤقت. ومع ذلك، امتنع الصندوق عن تقديم افتراضات حول التغييرات المحتملة في السياسات التي لا تزال قيد المناقشة العامة.

وعلى المدى القريب، قد تتفاقم التباينات الاقتصادية بسبب عدة مخاطر. وقد يشهد الاقتصاد الأوروبي تباطؤاً أكبر إذا تزايدت المخاوف بشأن استدامة الدين العام، مما يضع السياسات النقدية والمالية في مأزق. وفي الصين، قد يؤدي ضعف التدابير المالية والنقدية إلى ركود ناتج عن انكماش الدين، مما يعمّق ضعف النشاط الاقتصادي. وتشير الانخفاضات في عائدات السندات الصينية إلى قلق المستثمرين، وقد تؤدي هذه العوامل في الصين وأوروبا إلى انخفاض التضخم والنمو الاقتصادي.

وعلى النقيض، رغم صعوبة التنبّؤ بالتحولات السياسية في الإدارة الأميركية المقبلة فمن المرجح أن تُسهم هذه التغييرات في زيادة التضخم على المدى القريب. وقد تحفّز بعض السياسات مثل التيسير المالي أو تخفيف القيود التنظيمية الطلب الكلي وتزيد التضخم من خلال رفع الإنفاق والاستثمار. في المقابل، قد تؤدي سياسات أخرى، مثل زيادة الرسوم الجمركية أو فرض قيود على الهجرة، إلى صدمات في العرض، مما يقلّل الناتج الاقتصادي مع زيادة ضغوط الأسعار. هذا المزيج من الطلب المرتفع والعرض المحدود قد يُعيد إشعال ضغوط التضخم في الولايات المتحدة، رغم أن التأثير في الناتج الاقتصادي في الأمد القريب لا يزال غير واضح.

ومن شأن ارتفاع التضخم أن يمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة، وربما يتطلّب الأمر رفعها، مما يعزّز من قيمة الدولار ويوسّع العجز الخارجي الأميركي. وسيؤدي الجمع بين السياسة النقدية الأكثر صرامة والدولار الأقوى إلى تشديد الظروف المالية، خصوصاً في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. وقد بدأ المستثمرون تسعير هذا الاحتمال، حيث ارتفع الدولار بنسبة 4 في المائة منذ انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني).

اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية خلال اجتماعات الربيع والاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي (من موقع الصندوق)

المخاطر والتحديات الاقتصادية

وعلى المدى المتوسط، قد تتبدّد الآثار الإيجابية للصدمة المالية الأميركية إذا تفاقمت نقاط الضعف المالية، كما قد تتفاقم المخاطر الاقتصادية بسبب السياسات التجارية التقييدية وقيود الهجرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضغوط التضخم المتجددة قد تؤثر في التوقعات، مما يستدعي من السياسات النقدية أن تكون أكثر مرونة واستباقية، في حين يجب أن تظل السياسات المالية يقظة لتجنّب تراكم المخاطر المالية.

ومن المرجح أن تتفاقم هذه القضية في اقتصادات الأسواق الناشئة بسبب تذبذب أسعار صرف الدولار وضعف النمو في الصين. ويجب على هذه الاقتصادات السماح للعملات بالانخفاض عند الحاجة مع تعديل السياسات النقدية لتحقيق استقرار الأسعار.

وبالنسبة للكثير من البلدان، تأخرت جهود السياسة المالية أو كانت غير كافية لمعالجة ديناميكيات الدين. وبات من الضروري الآن استعادة الاستدامة المالية قبل فوات الأوان وبناء احتياطيات كافية للتعامل مع الصدمات المستقبلية التي قد تكون كبيرة ومتكررة. وأي تأخيرات إضافية قد تؤدي إلى دوامة مقلقة، حيث تستمر تكاليف الاقتراض في الارتفاع وفقدان الثقة في الأسواق، مما يفاقم الحاجة إلى التعديلات المالية.

وتؤكد الضغوط الأخيرة في أسواق البرازيل والمملكة المتحدة كيف يمكن أن تتدهور ظروف التمويل فجأة. ورغم أن الضبط المالي قد يُثقل النشاط الاقتصادي، يجب على البلدان التركيز على الحفاظ على النمو، مثل تقليص التحويلات والإعانات غير المستهدفة، بدلاً من تقليص الإنفاق الاستثماري الحكومي.

ولتحقيق هذا الهدف، يجب التركيز على الإصلاحات البنيوية لتعزيز النمو، مثل تحسين تخصيص الموارد، زيادة الإيرادات الحكومية، وجذب رأس المال، فضلاً عن تحسين المؤسسات المتعددة الأطراف لدعم اقتصاد عالمي أكثر مرونة واستدامة. كما أن السياسات الأحادية التي تشوّه المنافسة، مثل التعريفات الجمركية والإعانات، نادراً ما تحسّن الآفاق المحلية وقد تضر بالشركاء التجاريين وتحفّز ردود فعل انتقامية وتزيد الوضع سوءاً.