صحف بريطانيا تنقل منافستها إلى مواقعها الإلكترونية

الأرقام الأخيرة التي نشرتها مؤسسة «آ بي سي» تشير إلى أن عدد متابعي مواقع الصحف البريطانية وصل إلى 30.6 مليون متابع أو زائر في اليوم
الأرقام الأخيرة التي نشرتها مؤسسة «آ بي سي» تشير إلى أن عدد متابعي مواقع الصحف البريطانية وصل إلى 30.6 مليون متابع أو زائر في اليوم
TT

صحف بريطانيا تنقل منافستها إلى مواقعها الإلكترونية

الأرقام الأخيرة التي نشرتها مؤسسة «آ بي سي» تشير إلى أن عدد متابعي مواقع الصحف البريطانية وصل إلى 30.6 مليون متابع أو زائر في اليوم
الأرقام الأخيرة التي نشرتها مؤسسة «آ بي سي» تشير إلى أن عدد متابعي مواقع الصحف البريطانية وصل إلى 30.6 مليون متابع أو زائر في اليوم

منذ دخول مواقع التواصل الاجتماعي على عالم الإعلام والأخبار، طرأت تغييرات كبيرة على خريطة الصحف البريطانية، وعدد القراء، وعدد النسخ الموزعة يومياً. إلا أن التنافس الحاد بين الجرائد لم يتضاءل، فقط توزع بين طبعاتها الورقية، ومواقعها الإلكترونية.
الأرقام الأخيرة التي نشرتها مؤسسة «آ بي سي»، تشير إلى أن عدد متابعي الصحف البريطانية التقليدية وصل إلى 30.6 مليون متابع أو زائر في اليوم في فبراير (شباط) من عام 2018 الحالي. وهذا يعني أن عدد المتابعات أو الزيارات وصل إلى 444 مليون شخص طيلة شهر فبراير نفسه.
ومن بين الكثير من الصحف المرموقة والعالمية والمحلية، كانت أكبر نسبة للنمو في عدد المتابعين على مواقع الإنترنت لصحيفة «المترو» التي توزع مجاناً إنجلترا واسكوتلندا وويلز. وقد وصلت هذه النسبة إلى 48 في المائة عما كان عليه عدد المتابعين العام الماضي. وهذا يعني أن عدد الزائرين أو المتابعين قد ازداد هذا العام بـ16 مليون زيارة، نسبة إلى ما كان عليه العدد العام الماضي 2017. وعلى هذا، فقد ارتفع عدد الزيارات من 2.56 مليون زيارة في يناير (كانون الثاني) إلى 2.67 مليون زيارة في اليوم، أي بزيادة كبيرة وصلت نسبتها إلى 56 في المائة سنوياً، و4.4 في المائة من شهر إلى آخر.
أما صحيفة «الصن»، التابلويد المنافسة للكثير من الصحف، فقد شهدت ارتفاعاً كبيراً أيضاً في نسبة عدد الزيارات لموقعها على الشبكة هذه العام، ووصلت هذه النسبة إلى 23 في المائة عما كانت عليه في فبراير العام الماضي 2017. وعلى هذا، وصل عدد الزيات في فبراير العام الحالي إلى ما لا يقل عن 83.5 مليون زيارة أو متابعة. كما ارتفعت نسبة المتابعة اليومية للصحيفة بنسبة 16 في المائة بشكل عام، نسبة إلى ما كان عليه المعدل العام الماضي. ورغم ارتفاع نسبة المتابعات السنوية فقد تراجع عدد الزيارات على «الصن» من شهر يناير إلى شهر فبراير هذا العام بنسبة 3.1 في المائة.
أما صحيفة «الديلي ميل» المحافظة التي تعتبر على رأس قائمة الصحف البريطانية الإلكترونية عادة والتي تسمى «ميل أون لاين»، فقد جذبت 13.5 مليون زائر يومياً، أي نحو 186 مليون زائر في كامل شهر فبراير من هذا العام. لكن تراجع عدد زوار هذه الصحيفة من شهر يناير (13.7 مليون زائر) إلى شهر فبراير (13.51 مليون زائر) هذا العام بنسبة 1.6 في المائة. وهي نسبة طفيفة، لكنها ملحوظة.
وقد سجلت مجموعة «ترينيتي ميرور غروب» أو ما يعرف بصحيفة الـ«ميرور» تقليدياً 9.3 مليون زيارة يومياً، أي 124 مليون زيارة خلال فبراير هذا العام. ومع هذا، تراجع عدد المتابعين أو الزوار من شهر يناير (19.11 مليون زائر) إلى فبراير (9.2 مليون زيارة) هذا العام بنسبة 2.7 في المائة.
والتراجع الشهري لم يتوقف على «ذا صن» و«الديلي ميل»، بل طال بقية الصحف المهمة كما يبدو والتي شهدت أيضاً تراجعاً في عدد الصحف المطبوعة والموزعة يومياً، حيث وصلت نسبة هذا التراجع إلى 2 في المائة. ولم تسجل أي من الصحف ارتفاعاً شهرياً إلا «الأوبزيرفر» بنسبة 1 في المائة و«الصنداي تايمز» بنسبة 0.4 في المائة.
وفي هذا المضمار، فقد أزاحت «المترو» صحيفة «الصن» عن عرش الصحف المطبوعة؛ إذ وزعت يومياً في فبراير هذا العام ما معدله 1.472 مليون نسخة، بينما لم تتمكن «الصن» من توزيع أكثر من 1.465 نسخة. وفيما ذلك يعني تراجعاً بنسبة 0.25 لـ«المترو» سنوياً، فإنه وصل إلى نسبة 8 في المائة لـ«الصن».
وبينما سجلت صحيفة «الافنين ستاندرد» المجانية أيضاً تراجعاً سنوياً بنسبة 1.1 في المائة، وصلت نسبة التراجع على صحيفة «الصنداي تايمز» المطبوعة إلى 5.8 في المائة، وصحيفة «التايمز» بنسبة 2.4 في المائة و«الغارديان» بنسبة 3.5 في المائة. لكن كان أهم التراجعات على صحيفتي «الديلي تلغراف» بنسبة 18.06 في المائة و«الديلي ميرور» بنسبة 19.04 في المائة.



رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.