أنشطة الدمج والاستحواذ تتجاوز تريليون دولار

إصلاحات ترمب الضريبية وفرت موارد مالية للشركات

أنشطة الدمج والاستحواذ تتجاوز تريليون دولار
TT

أنشطة الدمج والاستحواذ تتجاوز تريليون دولار

أنشطة الدمج والاستحواذ تتجاوز تريليون دولار

على الرغم من رياح الحروب التجارية والعسكرية التي تعصف بعدة مناطق ساخنة في العالم، والتي تضع المستثمرين الدوليين والبورصات أمام ظروف عصيبة، إلا أن رغبة الشركات الكبرى التي تعرض أسهمها وسنداتها للبيع في الأسواق الدولية في عمليات الدمج أو الشراء لم تنقطع أبداً. وفي هذا الإطار يقدر الخبراء الألمان إجمالي حجم هذه العمليات في الربع الأول من العام الحالي بأكثر من تريليون دولار. وهذا رقم قياسي لم يشهده العالم منذ أكثر من عشرة أعوام. وعلى الصعيد الألماني تخطت هكذا عمليات عتبة 75 مليار يورو.
ويقول الخبير الألماني، بول شنيبرغر، إن إجمالي عمليات الدمج والشراء رست على 763 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي. ما يعني ارتفاعاً واضحاً ومفاجئاً بمعدل 30 في المائة مقارنة مع الربع الأول من العام الفائت.
ويتابع: «نلاحظ زيادة في عمليات الدمج بين الشركات والشراء أينما كنا. ففي الولايات المتحدة الأميركية سجلت الأسواق أداءً باهراً لها في هذا المجال، إذ وصل إجمالي هذه العمليات إلى 450 مليار دولار، أي زيادة بنسبة 58 في المائة مقارنة بالربع الأول من العام المنصرم. وفي أوروبا رسا إجمالي عمليات الدمج والشراء على 293 مليار دولار، زيادة بنسبة 41 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الفائت، في حين سجلت زيادة بمعدل 24 في المائة في منطقة آسيا - الباسيفيك وصلت إلى 212 مليار دولار».
ويختم بول شنيبرغر بالقول: «لقد فاق عدد عمليات الدمج والشراء الهامة كل التوقعات». وكان أبرزها في الولايات المتحدة الأميركية بفضل الموارد المالية الضخمة التي تراكمت في خزائن الشركات جراء الإصلاحات الضريبية التي أقر بها الرئيس رونالد ترمب، ما دفع عدداً منها، خصوصاً تلك العاملة في البورصات إلى توطيد موقعها التجاري. ويعتبر القطاع الصحي - الصيدلاني الأكثر إثارة للشهية في الوقت الراهن، لذا قررت شركة «أمازون» الأكثر شهرة في مجال التجارة الإلكترونية اقتحام هذا القطاع مما هزّ معاقل الشركات الصيدلانية الكبرى. وشهد مطلع العام خطوة في غاية التنافسية من شركة «أمازون» التي يرأسها جيف بيزوس، إذ قررت التحالف مع مصرف «جي بي مورغان» والقابضة «بيركشاير هاثاوي» التابعة لرجل الأعمال وارن بافيت لإحياء شركة غير ربحية عاملة في مجال الإنترنت والتكنولوجيا شديدة التطور تعمل لصالح خدمات الرعاية الصحية بهدف تخفيض التكاليف.
وتذكّر يانيك فيدر، الخبيرة بالشؤون الاقتصادية في فرانكفورت، بأن أبرز عملية دمج وشراء حول العالم هي عرض الشراء الذي قدمه عملاق الخدمات الصحية «سيغنا» لشركة «إكسبرس سكريبت»، وما يحصل من عمليات دمج في ألمانيا ليس أقل أهمية من ذلك الحاصل في الولايات المتحدة الأميركية. فألمانيا وفرنسا تحاولان توحيد صناعة القطارات عن طريق شركة «ألستوم» الفرنسية و«سيمنز» الألمانية. وهذا من شأنه توفير 60 ألف وظيفة جديدة، فضلاً عن تشكيل محور تجاري جبار قادر على المنافسة في وجه شركة «سي آر آر سي» الصينية المملوكة من قبل حكومة بكين.
وعبر عمليات الدمج تتوقع هذه الخبيرة ولادة شركة «سيمنز ألستوم» خلال العام، وسيكون مقرها الرئيسي باريس. مع ذلك، يتخوف البعض من أن تؤول عملية الدمج هذه إلى تسريح آلاف العاملين في أعقاب إقدام الحكومة الفرنسية على بيع 20 في المائة من حصة أسهمها لدى شركة «ألستوم» إلى القطاع الخاص.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».