بن دغر: لا قتال ولا دماء في عدن مجدداً

الحكومة اليمنية تتعهد ملاحقة الإرهاب وتحسين الخدمات

رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقائه كلمة في اللقاء التشاوري للمجلس الأعلى للتعليم في عدن أمس (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقائه كلمة في اللقاء التشاوري للمجلس الأعلى للتعليم في عدن أمس (سبأ)
TT

بن دغر: لا قتال ولا دماء في عدن مجدداً

رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقائه كلمة في اللقاء التشاوري للمجلس الأعلى للتعليم في عدن أمس (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقائه كلمة في اللقاء التشاوري للمجلس الأعلى للتعليم في عدن أمس (سبأ)

قال رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر: «عدنا لنوقف تدهور الأوضاع التي تفاقمت للحفاظ على ما حققناه من نجاحات خلال العامين الماضيين، وعدنا لنمنع المزيد من الضرر بمصالح الناس وحياتهم وأمنهم. وعدنا وكلنا أمل في تعاون الجميع معنا مواطنين وشركاء ونحن وأنتم في المقدمة منهم»، مشيراً إلى أن مشكلة اليمن «تتعلق بالهوية الوطنية التي تتعرض لكثير من التشويه، وأكثر من ذلك فإن البحث عن هوية حديثة لا علاقة لها بحاضرنا وماضينا... لا علاقة لها بتاريخنا، يُعد أمراً أكثر صعوبة على الفهم».
وأضاف: «علينا أن نبحث في الأسباب التي أدت إلى سقوط الجمهورية في صنعاء، وتراجع قيم ومبادئ ثورة سبتمبر (أيلول) في المناطق الشمالية وفي اليمن عموماً، التي كان من نتائجها ظهور حركة التمرد المسلح الحوثية العنصرية السلالية»، متابعاً: «علينا بالوقت ذاته أن نبحث في الأسباب التي أدت إلى نمو شعور قوي معادٍ للوحدة في المحافظات الجنوبية، وظهور الحراك الجنوبي كردّ فعل على مظالم حقيقية أصابت الناس في هذه المحافظات، وتراجع قيم ومبادئ وأهداف ثورة الرابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الوحدوية».
هذا التشوش في منظومة القيم الثورية الذي حدث بين الوحدة كهدف سامٍ ونبيل، وسلوك ومساوئ وأخطاء النظام السياسي الذي أدار نظام الوحدة بعد حرب صيف 1994. هذه قضايا تبحث عن إجابات، ولا بد أن تحظى ببحث عميق فيما بين النخب العلمية والثقافية.
وأكد رئيس الوزراء اليمني أن «الانقلاب اليوم على قيم الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر لا يبدو لي منسجماً في السياق العام مع تاريخنا ومصالحنا المشتركة»، مؤكداً على أن «مخرجات الحوار الوطني كانت وما زالت إنتاجاً فكرياً متوازناً ومتزناً مراعياً للمصالح المشتركة، واختراقاً ديمقراطياً وفكرياً في حياتنا السياسية فلا إقصاء ولا إلغاء ولا تفريط ولا إفراط، لهذا تجد هذه المنظومة من الفكر السياسي القبول من الغالبية المطلقة من أبناء اليمن. ومن المهم أن يبقى الخلاف حولها في الإطار السلمي».
جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس الحكومة اليمنية في اللقاء التشاوري للمجلس الأعلى للتعليم الذي نظمته وزارة التعاليم العالي في عدن، أمس.
وقال بن دغر وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ): «لا قتال ولا دماء في عدن مجدداً بسبب وجود الحكومة، هذا أمر لن نمنحه لمن يريده لكننا سنبذل جهدنا لوقف التدهور المريع للأمن، وسنسعى جاهدين لوقف عمليات الاغتيال التي طالت العشرات من الدعاة وأئمة المساجد ورجال الجيش الوطني والأمن وقادة الأحزاب، فما حدث في الأشهر الماضية من جرائم في عدن ومحافظات أخرى يعد جرماً فضيعاً لن يفلت مرتكبوه من العقاب. سنواسي عائلات شهداء العقيدة والكلمة والمبدأ، فلأسرهم وأبنائهم حق علينا».
كما تعهد للمواطنين بإعادة «خدمات الكهرباء والماء والصحة والنظافة التي تركناها في حال أفضل قبل شهرين وإلى مستوى يليق بالمدينة العاصمة وأهلها. لقد نجحنا في الفترة الماضية وبإمكانيات محدودة بل وبموارد شحيحة عندما كانت هذه الخدمات في أسوأ حالاتها، وسننجح مرة أخرى اليوم بدعم المواطنين في استعادة الأمن والخدمات. بل إننا سنضع حجر الأساس لمشاريع جديدة في عدن وفي لحج وأبين والضالع. وسنفتتح مشاريع مهمة في مأرب وشبوة وحضرموت والمهرة كنا قد وضعنا حجر أساسها»، مكملاً: «سنعزز جهود الجيش الوطني والمقاومة في تعز لتحريرها، فهي بوابة النصر وهي طريقنا إلى العاصمة التاريخية، وفي الوقت ذاته رصدنا ما يكفي من المال هذا العام لتحريك عجلة التنمية فيها. كما أننا سنواصل دعمنا لانتصارات الجيش في مأرب والجوف والبيضاء والحديدة».
وفي الجانب الأمني، تطرق رئيس الحكومة اليمنية إلى مواصلة «بناء المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية، وسنقنع شركاءنا بجعل هذه المؤسسات موحدة تحت سلطة واحدة هي سلطة الشرعية. شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي دون غيره، فتعدد السلطات السياسية والعسكرية يحمل في وجوده كثيراً من المخاطر التي تهدد حياة المواطنين، وتقلق سكينتهم، وبالقدر ذاته تضعف الجبهة الداخلية للتحالف العربي في مواجهة العدو الحوثي المدعوم إيرانياً. كما تخلق بيئة مواتية لانتشار وتمدد المنظمات الإرهابية».
ودعا بن دغر إلى وقف «السجال العقيم، والشحن الإعلامي الذي لا يخدم سوى الأعداء... سنتعاون مع مَن يرغبون في العمل المشترك معنا وعلى مختلف المستويات حتى مع أولئك الذين وجهوا السلاح يوماً ما ضدنا أفراداً كانوا أو جماعات، فلدى المجتمع بكل فئاته ومناطقه وتياراته ومذاهبه فرصة لبناء يمن اتحادي جديد متسامح مع نفسه ومتصالح مع جواره، يمن يتطلع للمستقبل ويرغب في النهوض وتحقيق النمو والاستقرار».
وقال: «لدينا عدو واحد، وعلينا أن نوجه نحوه بنادقنا، خلافاتنا تخدم الانقلابيين في صنعاء، وتضعف جبهتنا الداخلية، وتطيل أمد الحرب والمأساة وتؤخر تحقيق أهداف (عاصفة الحزم). لدينا أمل في السلام مع مجيء المبعوث الدولي الجديد، فقد سمعنا منه وضوحاً في الرؤية وتمسكاً بالمرجعيات في البحث عن الحلول، وإصراراً على تحقيق السلام دون الإضرار بوحدة البلاد».
وأكد رئيس الوزراء اليمني على ملاحقة خلايا الإرهاب («القاعدة» و«داعش»)، «حتى يضع هؤلاء السلاح ويتخلوا عن العنف. وسنحصن بلدنا من التطرف والغلو، فإنه من أسباب التخلف والعنف والدماء والدمار. وسنواصل لقاءاتنا مع كافة الفئات والشرائح الاجتماعية، فأمن عدن واستقرارها مدخل لأمن واستقرار الوطن كله، اليمن ملاذنا جميعاً، والإنسان اليمني هدفنا وغايتنا».
وتعهد بن دغر بمنع الاعتداء على أراضي الدولة والمواطنين والمستثمرين. وقال: «سنفعّل من جديد أجهزة الأمن تحت راية الشرعية. سنعاود بناء الشرطة وأجهزة التحري التي تضررت من أحداث يناير الأخيرة، فإن عجزنا وحالت بيننا وبين تنفيذ خططنا للبناء والاستقرار والأمن الأهواء والأطماع والنعرات المناطقية وتعدد السلطات، فسنصارح شعبنا وأهلنا والقيادة والتحالف بحقائق الأمور. وسنضعهم جميعاً أمام مسؤولياتهم التاريخية».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.