شبكة إنترنت هجينة فائقة السرعة.. وروبوتات طائرة لخدمة السكان

مفاهيم ونظم لبناء «أول دولة ذكية» في العالم بسنغافورة

شبكة إنترنت هجينة فائقة السرعة.. وروبوتات طائرة لخدمة السكان
TT

شبكة إنترنت هجينة فائقة السرعة.. وروبوتات طائرة لخدمة السكان

شبكة إنترنت هجينة فائقة السرعة.. وروبوتات طائرة لخدمة السكان

تطمح سنغافورة لتجاوز مفهوم المدن الذكية، والتحول إلى أول دولة ذكية في العالم. ولذا أسست هيئة تنمية تقنية المعلومات والاتصالات السنغافورية التابعة لوزارة الاتصالات والمعلومات، للإشراف على تطوير جميع النواحي التقنية للوزارات والقطاع الخاص وبناء المواهب والشركات. وقد كانت «الشرق الأوسط» المطبوعة العربية التي دعيت حصرا لحضور مؤتمر ومعرض تقنية المعلومات والاتصالات والإعلام لعام 2014 «آي إم بي إكس» (Infocomm Media Business Exchange imbX 2014) الذي دارت فعالياته الأسبوع الماضي في مدينة سنغافورة. كما وزارت «الشرق الأوسط» مختبرات الهيئة السنغافورية وشركائها للتعرف على آليات العمل نحو تطوير وتفعيل الدولة الذكية.

* ثلاث مراحل أساسية

* أكد «ستيف لينارد»، نائب الرئيس التنفيذي للهيئة أنها أدركت حاجتها لتفعيل ثلاث مراحل أساسية للتحول إلى أول دولة ذكية؛ هي البنية التحتية، وجمع البيانات، وتحليلها. وبالنسبة للبنية التحتية، تعاونت الهيئة مع شركات الاتصالات والحكومة لنشر شبكة متقدمة من الألياف الضوئية تغطي جميع نواحي الدولة، وبأسعار منخفضة تصل إلى 29 دولارا لسرعة مائة ميغابت في الثانية، أو 49 دولارا لسرعة 1024 ميغابت «1 غيغابت» في الثانية، مع توفير اتصال «واي فاي» مجاني لجميع السكان والسياح والزوار بسرعة «2 ميغابت» في الثانية للمستخدم الواحد. وطورت الهيئة كذلك تقنيات تسمح لأجهزة المستخدمين بالتنقل المباشر ومن دون أي تدخل بين الشبكات اللاسلكية المختلفة، مثل «واي فاي» و«واي ماكس» وشبكات الجيل الرابع للاتصالات، وذلك لدرء الاختناق في الشبكة الواحدة. وأطلق على هذه التقنية مصطلح «الشبكة اللامتجانسة» Heterogeneous Network HetNet. وتعمل الهيئة حاليا على تسخير الطيف غير المستخدم للبث التلفزيوني ليعمل كقناة نقل للبيانات في حال انشغال الشبكات الأخرى.
ونشرت الهيئة كذلك مجسات كثيرة في جميع أنحاء الدولة، مثل مجسات لقياس مستوى الازدحام المروري في التقاطعات والأنفاق، وأخرى لقياس منسوب المياه (والانسداد) في شبكات تصريف مياه الأمطار، وأخرى لقياس مستوى الرطوبة وغازات ثاني أكسيد الكربون في الهواء، وأخرى للتعرف على وجود المارة في الحدائق والطرقات وخفض شدة الإنارة في حال عدم مرورهم لفترة طويلة بعد ساعة محددة في المساء، وذلك لخفض استهلاك الطاقة الكهربائية، وصولا إلى تركيب مجسات تستشعر وجود القمامة خارج الحاويات أو وصولها إلى حد كبير داخل الحاويات.
أما مرحلة جمع البيانات، فتجري من خلال صناديق خاصة توضع حول عمدان الإنارة في المناطق المختلفة Above the Ground Boxes، ذات تصميم جميل وحضاري. وتستطيع هذه الصناديق جمع البيانات المختلفة لاسلكيا من شبكة المجسات والكاميرات ونقلها عبر شبكة من الألياف الضوئية من دون تشويه المنظر العام للمنطقة (على خلاف إقحام عشرات الأجهزة والصناديق والمجسات والكاميرات لكل مؤسسة أو هيئة). وتوفر هذه العملية آلاف فرص العمل الجديدة في قطاع التقنية، نظرا لأن عملية جمع البيانات وتطوير التطبيقات المختلفة لها في شتى القطاعات تحتاج إلى عقول ماهرة ويد عاملة.
وتأتي بعد ذلك مرحلة تحليل البيانات التي ستستفيد منها القطاعات المختلفة، مثل الصحة والتجارة والحكومة والنقل والأبحاث. وسيصل الخبراء إلى نتائج كثيرة جراء عملية تحليل البيانات الضخمة، وسيجري تطوير تطبيقات مفيدة للسكان من شأنها رفع مستوى المعيشة بشكل كبير للجيل الجديد وكبار السن.

* تطبيقات وخدمات «ذكية»

* وتستطيع المجسات التعرف على وجود ازدحام مروري في مكان ما، ليعرض النظام تنبيهات من تلقاء نفسه في مناطق مختلفة بعيدا عن ذلك المكان تخبر السائق بوجود ازدحام خانق أمامه، ليغير من مساره للوصول إلى وجهته بأقل وقت ممكن، ولخفض الازدحام. ومن التطبيقات الأخرى المثيرة للاهتمام تعرف المجسات على وجود كمية من النفايات لم تتسع داخل الحاوية بعد احتفال كبير في حي ما، ليجري إشعار الهيئة المسؤولة عن نظافة المنطقة من أجل تنظيف المنطقة قبل أن يستيقظ السكان صباح اليوم التالي.
واستعرضت الهيئة كذلك نماذج هندسية رقمية للمباني الموجودة حاليا في الأحياء السكنية، تعرض أعداد السكان وأعمارهم مع تعداد النوافذ والجدران والسلالم ووحدات الإطفاء في كل دور من المبنى، وذلك لتحديد أفضل سبل مساعدة السكان في حالات الإغاثة. ويمكن استخدام هذه البيانات للسماح للسكان بالبحث عن منازل تناسب احتياجاتهم بالقرب من المدارس أو مكان العمل.
وتعرفت «الشرق الأوسط» كذلك على المنازل الذكية التي تحتوي على مجسات تقيس البيانات الصحية للمستخدم أثناء النوم (مثل عدد ضربات القلب والضغط) وعدد مرات استخدام المرحاض وقياس الوزن لاسلكيا، بالإضافة إلى قدرة بعض المجسات الخاصة التي تستخدم الموجات فوق الصوتية (ألتراساوند) على التعرف على معدل شرب المستخدم للمياه وكمية تناوله للسكريات، وتحميل هذه البيانات إلى أجهزة خادمة متصلة مع العيادات، ليظهر أمام الطبيب تنبيه بضرورة الاتصال بالمريض في حال انخفاض المؤشرات عن قيم مسبقة التحديد.
هذا، ويستطيع التطبيق عرض صورة متوقعة لشكل المستخدم بعد مرور عشرة أعوام في حال لم يتبع عادات غذائية صحية (مثل تناول المنبهات بكثرة وعدم خفض الوزن أو الضغط) وذلك بهدف تشجيع المستخدم على اتباع العادات الصحية السليمة. واستعرضت الهيئة كذلك ملصقا يوضع على يد مريض الصرع يستطيع التعرف على بدء نوبة الصرع وإشعار الأهل أو الجيران أو الطبيب بحدوث تلك الحالة في الأوقات التي قد يكون فيها المريض بعيدا عنهم.
وعوضا عن ترك كبار السن بعيدا عن التقنية، تطور الهيئة، بالتعاون مع شركائها، تطبيقات سهلة الاستخدام على كبار السن، مثل تطبيقات للدردشة بالصوت والصورة، والقدرة على التسوق إلكترونيا وإيصال البضائع إلى المنزل، ومشاهدة العروض التلفزيونية المفضلة عبر الإنترنت، ومشاركة البيانات الصحية الأساسية مع الأطباء من دون أي دراية تقنية. ومن التطبيقات الأخرى الخاصة بكبار السن قدرة بعض الخدمات على تحديد مسارات ذكية خاصة بكبار السن (من خلال بيانات شبكة الاتصالات اللاسلكية لهواتفهم الجوالة والتعرف على أعمارهم من مزود الخدمة)، وتحليل سبب عدم ذهابهم إلى حديقة ما، ليكتشف المحللون أن تلك الحديقة تحتوي على درج مرهق لهم، الأمر الذي سيترتب عليه إرسال طلب إلى هيئة تطوير الحدائق لإزالة الدرج والاستعاضة عنه بمنحنيات مريحة لكبار السن والمقعدين.

* روبوتات طائرة

* واستعرضت بعض الشركات نماذج لروبوتات طائرة مطورة، يمكن للمزارعين من خلالها استخدام خرائط «غوغل» على الكومبيوتر الشخصي لتحديد موقع المزرعة، ومن ثم تحديد مسار ما فوق المزرعة للروبوت الطائر باستخدام الفأرة، ليطير ويلتقط صورا عالية الدقة وبسرعة كبيرة. وستساعد هذه الصور المزارع في تحديد المناطق الجافة في مزرعته أو تلك التي تحتاج إلى ري أفضل، ليقوم الروبوت بتلك العملية بسهولة وبتكاليف منخفضة.
ومن المجسات الأخرى التي يمكن تثبيتها مجسات لقياس مستوى الضجيج أو شدة ارتفاع الصوت، وكثافة المشاة في منطقة محددة، وما إذا شخص ما يقوم بالتدخين في أماكن محظورة، وقياس طول طابور انتظار سيارات الأجرة وإبلاغ شركات سيارات الأجرة بتوجيه المزيد من السيارات نحو ذلك المكان، أو عدم توجيه أي سيارة في حال عدم وجود أي شخص في ذلك الوقت (وبشكل آلي، طبعا)، والسيارات الكهربائية الآلية الصغيرة التي تستطيع نقل كبار السن في الحدائق والأماكن العامة، وتحديد كمية استهلاك الطاقة الكهربائية في كل مبنى أو منطقة، ومجسات تقيس صوت دوران الآلات الأساسية وتقارن ذلك بنمط الصوت القياسي للآلات في حالاتها السليمة، وذلك للتعرف على بدء تعطل أجزاء من الآلة أو حاجتها إلى الصيانة، وغيرها من المجسات الدقيقة الأخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة تتبع أسلوب مشاركة السكان في عملية التطوير التقني على مستوى الدولة، وذلك بمشاركة بيانات المجسات المختلفة من خلال موقع خاص مفتوح المصدر (http: / / data.gov.sg) يسمح لهم بتطوير التطبيقات المختلفة المهمة لهم، والتي بإمكانهم تطويرها وطرحها مجانا أو لقاء مبالغ مالية، مثل تطبيق يستخدم عروض الفيديو الخاصة بكاميرات إشارات المرور لمعرفة حالة الازدحام في مسار المستخدم وحالة كل إشارة، واتخاذ القرار السليم فيما يتعلق بالمسار للوصول إلى الوجهة المرجوة. ومن شأن هذا الأمر إيجاد خدمات مطورة ومبتكرة بتكلفة منخفضة، مع رفع المستوى التقني للسكان. ويقدم الموقع 8600 فئة مختلفة من المعلومات من 60 مصدرا.



ضغوط تدفع الاتحاد الأوروبي لتخفيف ضوابط الذكاء الاصطناعي والخصوصية

سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)
سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)
TT

ضغوط تدفع الاتحاد الأوروبي لتخفيف ضوابط الذكاء الاصطناعي والخصوصية

سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)
سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)

يبدأ الاتحاد الأوروبي، الأسبوع المقبل، إجراءات قد تفضي إلى إلغاء قواعده التاريخية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وحماية البيانات الشخصية تحت ضغوط شديدة من قطاع التكنولوجيا على جانبَي المحيط الأطلسي.

وفي إطار مساعي تقليص البيروقراطية المُرهقة في حين تواجه الشركات الأوروبية صعوبات أمام منافساتها الأميركية والصينية، دفعت هذه الخطوة إلى توجيه اتهامات لبروكسل بتغليب التنافسية على حماية خصوصية المواطنين وبياناتهم.

تنفي بروكسل أن يكون ضغط الإدارة الأميركية قد أثر في مساعيها «لتبسيط» القواعد الرقمية الأوروبية التي أثارت غضب الرئيس دونالد ترمب وشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة.

وتقول المفوضية الأوروبية إنها أخذت في الاعتبار مشاغل شركات الاتحاد الأوروبي، وما تريده هو تسهيل وصولها إلى بيانات المستخدمين لتطوير الذكاء الاصطناعي، وهي خطوة يهاجمها المنتقدون ويرون فيها تهديداً للخصوصية.

مع ذلك، قد يشعر كثير من الأوروبيين بالارتياح تجاه تغيير واحد تخطط له بروكسل، يتمثل في التخلص من لافتات ملفات تعريف الارتباط المزعجة التي تطلب من المستخدمين الموافقة على تتبع ما يتصفحونه على التطبيقات ومواقع الويب.

يقول مسؤولون في الاتحاد الأوروبي، وبناء على ما ورد في مسودات اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، وقد تتغير قبل إعلان 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، إن المفوضية الأوروبية ستقترح تعليق تطبيق أجزاء من قانون الذكاء الاصطناعي لمدة عام، والمراجعة الشاملة لقواعد حماية البيانات الرئيسية التي يقول المدافعون عن الخصوصية إنها ستُسهّل على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى «سرقة البيانات الشخصية للأوروبيين».

كرّس النظام العام لحماية البيانات (GDPR)، الذي يعد حجر زاوية في الاتحاد الأوروبي، خصوصية المستخدمين منذ عام 2018، وأثّر في المعايير المعتمدة بجميع أنحاء العالم.

ويقول الاتحاد الأوروبي إنه يقترح تغييرات تقنية فقط لتبسيط القواعد، لكن نشطاء حقوق الإنسان ومشرعِي الاتحاد يرون الأمور من منظور مختلف.

تراجع كبير

تقترح المفوضية تضييق تعريف البيانات الشخصية، والسماح للشركات بمعالجة هذه البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي «لأغراض المصلحة المشروعة»، وفقاً للمسودة التي أدى تسريبها إلى سيل من ردود الفعل القوية.

كتبت 127 منظمة، من بينها منظمات المجتمع المدني ونقابات عمالية، في رسالة، يوم الخميس: «ما لم تُغيّر المفوضية الأوروبية مسارها، فسيكون هذا أكبر تراجع للحقوق الرقمية الأساسية في تاريخ الاتحاد الأوروبي».

وحذّر ماكس شريمز، الناشط في مجال الخصوصية الرقمية، من أن المقترحات «ستُشكّل تراجعاً هائلاً في خصوصية الأوروبيين» إذا بقيت على حالها.

وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه من المتوقع أن تقترح بروكسل أيضاً تأجيل تطبيق العديد من الأحكام المتعلقة بالذكاء الاصطناعي العالي المخاطر لمدة عام واحد. ومن بينها، على سبيل المثال، النماذج التي قد تُشكّل خطراً على السلامة أو الصحة أو الحقوق الأساسية للمواطنين. فبدلاً من أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل، ستُطبّق ابتداء من عام 2027.

تأتي هذه الخطوة بعد ضغوط شديدة مارستها الشركات الأوروبية وشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة. فقد دعت عشرات من كبرى الشركات الأوروبية، بينها «إيرباص» الفرنسية، و«لوفتهانزا» و«مرسيدس بنز» الألمانيتان، في يوليو (تموز) إلى التعليق المؤقت لقانون الذكاء الاصطناعي، معتبرة أنه يُهدد بخنق الابتكار.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بروكسل (إ.ب.أ)

معارك أخرى في المستقبل

تواجه رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، معركة حاسمة، إذ تتطلب التعديلات موافقة كلٍّ من برلمان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء.

وقد دقّ حلفاء معسكرها المحافظ الرئيسيون ناقوس الخطر. وأعلن الاشتراكيون معارضتهم لأي تأجيل في تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي، وحذّر الوسطيون من أنهم سيقفون بحزم ضد أي تغييرات تُقوّض الخصوصية.

ونشرت مجموعة «نويب»، وهي مجموعة ضغط أسسها شريمز، انتقاداً لاذعاً لخطط الاتحاد الأوروبي المتعلقة باللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) وما تنطوي عليه.

ورفض الاتحاد الأوروبي ما يُقال عن توجه بروكسل للتقليل من حماية الخصوصية. وقال توماس رينييه، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الرقمية: «أستطيع أن أؤكد بنسبة 100 في المائة أن الهدف... ليس خفض معايير الخصوصية العالية التي نفرضها لمصلحة مواطنينا».

ولكن هناك مخاوف من إجراء مزيد من التعديلات على القواعد الرقمية.

التبسيط لا إلغاء القيود

تُعدّ هذه المقترحات جزءاً مما يُسمى «حِزم التبسيط» التي وضعتها السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لإزالة الأعباء الإدارية التي تعوق عمل الشركات.

وترفض بروكسل أن تكون واقعة تحت تأثير ترمب، على الرغم من الضغوط المستمرة منذ الأسابيع الأولى لإدارته الجديدة، عندما انتقد نائب الرئيس، جي دي فانس، «التنظيم المفرط» للذكاء الاصطناعي.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، باولا بينهو، هذا الأسبوع، إن هذا «بدأ قبل ولاية رئيس الولايات المتحدة».

تزايدت الدعوات إلى تغيير قواعد الذكاء الاصطناعي والبيانات في أوروبا. ومن بين الأصوات المطالبة بذلك رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي الذي حذر في تقرير صدر في 2024 من أن قواعد البيانات قد تعوق الابتكار لدى الشركات الأوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي.


روبوتات ذكية تتعلم العمل مثل البشر... مستقبل الذكاء الاصطناعي المادي يبدأ في اليابان

صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)
صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)
TT

روبوتات ذكية تتعلم العمل مثل البشر... مستقبل الذكاء الاصطناعي المادي يبدأ في اليابان

صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)
صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)

تحاكي ذراعان شبيهتان بالأطراف البشرية طُوّرتا لأبحاث الذكاء الاصطناعي المادي، الحركات التي يؤديها شخص يضع خوذة رأس للواقع الافتراضي، في إطار تطوير روبوتات قادرة على أداء مهمات الإنسان.

صمّمت الذراعين شركة «إناكتيك» التي تتخذ من طوكيو مقراً، وهي تعمل على تطوير روبوتات مشابهة للبشر قادرة على غسل الأطباق والملابس في دور الرعاية اليابانية التي تعاني نقصاً في عدد الموظفين. وتؤكد الشركة أنه مع توفير التدريب الكافي يمكن لروبوتات مثل هذه أن تنجز المهمات اليومية بمفردها دون إشراف مباشر.

ويرجح أن تشكّل هذه الابتكارات مستقبل الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يتسلل إلى العالم المادي على شكل روبوتات ذكية وسيارات ذاتية القيادة وآلات أخرى ذاتية التشغيل.

وكان الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» الأميركية لصناعة الرقائق المتطورة، جانسن هوانغ، تطرق إلى هذه المسألة العام الماضي، بقوله إن «الموجة المقبلة من الذكاء الاصطناعي هي الذكاء الاصطناعي المادي». وأوضح أن هذا «ذكاء اصطناعي يفهم قوانين الفيزياء... قادر على العمل بيننا».

في هذا السياق، تستثمر الشركات مبالغ طائلة في الذكاء الاصطناعي المادي. وتوقع مصرف «مورغان ستانلي» الأميركي أن يتخطى عدد الروبوتات الشبيهة بالبشر ملياراً بحلول سنة 2050.

وتنتشر بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، مقاطع فيديو لروبوتات تؤدي حركات راقصة أو تجر أغراضاً ثقيلة بسهولة.

ويعتزم هيرو ياماموتو (24 عاماً)، الرئيس التنفيذي لـ«إناكتيك» -التي تستخدم «إنفيديا» وجامعات كبرى أجهزتها للتدريب المادي للذكاء الاصطناعي- أن يبدأ الصيف المقبل نشر روبوتات جديدة لا تزال قيد الاختبار.

ويوضح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن هدفها «العيش جنباً إلى جنب مع الناس في بيئات شديدة الفوضى، حيث الظروف متغيرة باستمرار» مثل دور الرعاية.

ويشدد على ضرورة أن «تكون آمنة» وذات هيكل خارجي ناعم لا يسبّب أي أذى.

يظهر شعار «Nvidia» على علبة بطاقة الرسومات (رويترز)

مهمات بشرية

ليست اليابان وحدها في هذا المجال، ففي مدينة قوانغتشو الصينية، ظهر الأسبوع الماضي روبوت بملامح أنثوية وذو وجه مشعّ بيضاوي، يسير ببطء أمام عدسات الكاميرات والصحافيين.

كان هذا الجهاز أحدث روبوت شبيه بالبشر تكشف عنه شركة «إكس بنغ» (XPeng) الصينية لصناعة السيارات الكهربائية التي دخلت أيضاً مجال الذكاء الاصطناعي المادي.

وسبق لآلات صنعتها شركات أميركية، مثل الروبوتات الشبيهة بالكلاب، أن تصدّرت عناوين الصحف لأعوام خلت. لكن الدعم الحكومي وسلاسل التوريد المحلية الصلبة تساعد المنافسين في الصين؛ مثل: «يونيتري روبوتيكس» (Unitree Robotics)، و«إنجن إيه آي» (EngineAI)، على التفوق في السباق نحو التقنيات المستقبلية.

وقال رئيس «Xpeng»، شياو بينغ: «لم أفكر ملياً في عدد الروبوتات التي سنبيعها سنوياً خلال عشرة أعوام، لكن أعتقد أنها ستكون أكثر من السيارات».

وتتمتع روبوتات الشركة بالقدرة على المشي والرقص، لكن يتبقى التوسع في عرض قدرتها على التعامل مع الأشياء، وهي مهمّة أكثر تعقيداً.

واستبعد بينغ أن تتمكن هذه الروبوتات من الحلول بدلاً من العمال في مصانع الصين قريباً، علما بأن تكلفة يد الروبوت، التي يتوجب استبدالها بانتظام في حال أدى مهمات شاقة، توازي راتب عامل صيني لسنوات.

ويتوقع المسؤول في الشركة، براين غو، أن تتمكّن هذه الروبوتات من أن تؤدي «دور أي بشري تقريباً»، من مربّي الأطفال إلى الطهاة.

التدريب خلال العمل

يتم تدريب تطبيقات الذكاء الاصطناعي النصية، مثل «تشات جي بي تي»، على كميات هائلة من الكلمات، لكن على النماذج المادية أن تتعامل أيضاً مع الرؤية والعلاقة المكانية بين الأشياء.

ويوضح رئيس «إيناتيك» اليابانية، ياماموتو، أن ضبط إعدادات نماذج الذكاء الاصطناعي التي تربط بين «الرؤية واللغة والفعل»، يتطلب ما بين 30 و50 عرضاً توضيحياً لكل حركة.

وتواصلت الشركة مع دور رعاية في اليابان، مقترحة أن تتولى روبوتاتها التي يتمّ تشغيلها عن بعد، أداء المهمات الشاقة، ما يتيح للعاملين المؤهلين مزيدًا من الوقت للاهتمام بالمسنّين.

وتعتمد شركة «وان إكس» (1X) الأميركية-النرويجية الناشئة، نهجاً مشابهاً مع مساعدها المنزلي الشبيه بالبشر «نيو» (NEO)، الذي ستوفره للمنازل الأميركية بدءاً من العام المقبل.

وتبلغ تكلفة هذا الروبوت 20 ألف دولار، لكن أداءه ما زال غير ثابت؛ إذ أظهر مقطع فيديو انتشر عبر وسائل الإعلام الأميركية الروبوت وهو يكافح لإغلاق باب غسالة الأطباق حتى عند تشغيله عن بعد.

حدود بدنية

في مشهد محرج آخر، ترنح روبوت روسي شبيه بالبشر، قيل إنه الأول في البلاد، ثم سقط أرضاً في ظهوره الأول على المسرح في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وتتحدث سارة أديلا آباد غوامان، الأستاذة المساعدة في علم الروبوتات في كلية لندن الجامعية، عن «فجوة كبيرة» بين أنظمة الذكاء الاصطناعي للروبوتات، وقدراتها البدنية.

تضيف: «أثبتت لنا الطبيعة أن التكيف مع الطبيعة يحتاج إلى بدن ملائم».

ورغم ذلك تُبرم صفقات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي المادّي. وأكد مصرف «سوفت بنك» الياباني أن هذا المجال هو «وجهته التالية»، معلناً استحواذه على شركة «إيه بي بي روبوتيكس» (ABB Robotics) مقابل 5.4 مليار دولار.

وفي ظل ما يثيره الذكاء الاصطناعي من مخاوف على مستقبل العاملين من البشر، تؤكد آباد أن الفوارق تبقى كبيرة.

وتوضح أن «حاسة اللمس لدينا لا تُضاهى».


«غوغل» تطلق برنامجاً إلزامياً للتحقق من مطوّري تطبيقات «أندرويد» خارج متجرها الرسمي

البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)
البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)
TT

«غوغل» تطلق برنامجاً إلزامياً للتحقق من مطوّري تطبيقات «أندرويد» خارج متجرها الرسمي

البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)
البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)

تُصعّد «غوغل» جهودها لتعزيز الأمان داخل منظومة «أندرويد»، عبر إطلاق برنامج جديد للتحقق من هوية المطوّرين الذين يوزّعون تطبيقاتهم خارج متجر «غوغل بلاي»، مع الإبقاء على خيار تثبيت التطبيقات غير الموثّقة للمستخدمين المتقدمين تقنياً. ويمثل هذا التوجّه تحولاً مهماً في طريقة تعامل «أندرويد» مع التطبيقات المُحمّلة من خارج المتجر، ويضيف طبقة جديدة من الثقة في هوية المطوّرين.

نهج متعدد الطبقات

في مدونة نُشرت، هذا الأسبوع، أوضحت «غوغل» أنها بدأت مرحلة الوصول المبكر لنظام «التحقق من المطوّر»، مؤكدة أن جهودها المستمرة لمكافحة الاحتيال والبرمجيات الخبيثة عبر أدوات مثل «Google Play Protect» وأنظمة التحذير داخل «أندرويد»، لا تزال تواجه تحديات مؤذية، خصوصاً في المناطق التي تشهد دخول أعداد كبيرة من المستخدمين الجدد إلى الإنترنت لأول مرة.

وتذكر الشركة مثالاً على عملية احتيال في جنوب شرقي آسيا، حيث تلقّى المستخدمون مكالمات هاتفية تُخدعهم لتثبيت تطبيق «تحقق» مزيف، كان قادراً على قراءة الرسائل والتنبيهات، بما فيها أكواد التحقق الثنائية. وترى «غوغل» أن القدرة على توزيع التطبيقات دون الكشف عن الهوية تسمح للمهاجمين بتكرار عملياتهم دون رقيب، بينما يفرض التحقق من الهوية حاجزاً إضافياً ويزيد تكلفة الهجوم على الأطراف الخبيثة.

البرنامج يتضمن حسابات مختلفة منها حساب مخصّص للطلاب والهواة يسمح لهم بالتوزيع على نطاق محدود دون متطلبات تحقق معقدة (شاترستوك)

الوصول المبكر وأنواع حسابات المطوّرين

تتيح «غوغل» أولاً للمطوّرين الذين يوزّعون تطبيقاتهم خارج متجر «بلاي» فرصة الانضمام المُبكر إلى برنامج التحقق الجديد. أما مطوّرو متجر «بلاي»، فسيحصلون على دعوتهم بدءاً من 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025. وتقرّ الشركة بأن فئات مثل الطلاب والهواة تحتاج إلى مسار أبسط، لذلك تعمل على تقديم نوع حساب خاص يسمح بالتوزيع لعدد محدود من الأجهزة دون الحاجة لإجراءات تحقق معقّدة.

وبالتوازي مع ذلك، تعمل الشركة على تطوير مسار مخصّص للمستخدمين المتقدمين أو «الخبراء التقنيين» يتيح لهم تثبيت التطبيقات غير الموثّقة مع تقديم تحذيرات واضحة وإجراءات تمنع استغلالهم عبر الإكراه أو الخداع. هذا المسار يشير إلى تغيير في سياسة المنع الكامل نحو نموذج أكثر مرونة، يعترف بحق المستخدم المتمكن في الاختيار، دون التفريط بسلامة المستخدمين الأقل خبرة.

أهمية التغيير

لطالما كان «أندرويد» منصة مفتوحة تتيح للمستخدمين تثبيت التطبيقات من خارج متجر «بلاي»، وهذه ميزة قوية. لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام هجمات تعتمد على الهندسة الاجتماعية؛ حيث يُخدع المستخدم لتخطي التحذيرات وتفعيل أذونات حساسة.

من خلال التحقق من هوية المطوّر، تريد «غوغل» التأكد من وجود شخص أو جهة حقيقية تقف خلف التطبيق، مما يجعل توزيع البرمجيات الخبيثة أكثر صعوبة وأعلى تكلفة. وهو أمر مهم، خصوصاً في الأسواق الناشئة، حيث لا تزال الثقافة الرقمية قيد التكوين. أما المسار المتقدم للمستخدمين يضمن بقاء خاصية «التحميل الجانبي» (sideloading) متاحة، لكن بطريقة واضحة وشفافة تمنع استغلال المستخدمين عبر الضغط أو التلاعب.

تعمل «غوغل» على مسار خاص للمستخدمين المتقدمين يتيح لهم تثبيت التطبيقات غير الموثّقة ولكن عبر خطوات تحذيرية واضحة لمنع الاستغلال (غيتي)

ردود الفعل والحسابات المعقدة

هذا التوجه لم يأتِ من فراغ؛ فقد أثار إعلان سابق لـ«غوغل» في أغسطس (آب) 2025، الذي كان سيقيد تثبيت التطبيقات غير الموثّقة بشكل كبير ردود فعل غاضبة من مجتمع مطوّري «أندرويد»، والمستخدمين المتقدمين ومحبي تعديل النظام (modders). التعديل الحالي يبدو خطوة وسطية: ليس إلغاءً للحرية، بل تنظيم لها.

بالنسبة للمطورين الذين يعملون خارج متجر «بلاي»، يعني ذلك ضرورة الانضمام إلى برنامج التحقق الجديد للحصول على انتشار أوسع. أما المستخدمون، فيحتفظون بخيار تثبيت التطبيقات غير الموثّقة، لكن بعد المرور بخطوات تحذيرية واضحة.

ماذا بعد؟

تقول «غوغل» إنها في مرحلة جمع الملاحظات حول البرنامج الجديد ومسار المستخدمين المتقدمين، وإن تفاصيل إضافية ستُكشف خلال الأشهر المقبلة. وقد بدأت بالفعل دعوات الانضمام إلى البرنامج تصل إلى المطوّرين عبر وحدة التحكم الخاصة بـ«أندرويد».

الرسالة الأساسية هي أن «أندرويد» سيبقى مفتوحاً، لكن مع حواجز أمان إضافية. يمكن للمستخدم المتقدم أن يثبت التطبيقات غير الموثّقة، لكن ضمن إطار مسؤول، ومع معرفة واضحة بالمخاطر. ويمكن للمطورين الاستمرار في الإبداع خارج المتجر، لكن مع إثبات الهوية عند الرغبة في الوصول لمستخدمين أكثر.

تأثيرات على المنظومة

بالنسبة للمستخدم العادي، هذا التطور يعني حماية أكبر أي تطبيقات أقل مجهولة المصدر وهوية أكثر وضوحاً للمطورين، وانخفاضاً في عمليات الاحتيال. أما المستخدمون المحترفون، فسيظلون قادرين على الوصول لما يريدون، لكن عبر خطوات واعية. وبالنسبة للمطورين، قد يضيف هذا التغيير خطوة إدارية إضافية وربما كلفة لكنّه يمنحهم أيضاً مصداقية أكبر. فوجود هوية موثّقة قد يصبح معياراً جديداً للجودة والثقة، خصوصاً مع تزايد القلق حول أمان التطبيقات.

تتجه «غوغل» نحو صيغة جديدة، وهي أن التحميل الجانبي لا يزال متاحاً، لكنه لن يكون مفتوحاً بلا حدود. الهوية أصبحت جزءاً أساسياً من معادلة الأمان، وخيار المستخدم محفوظ، لكن بشكل أكثر وعياً ومسؤولية.