حان وقت السفر إلى أفريقيا

مخاطر السفر مبالغ فيها.. والمعالم السياحية أخاذة

حان وقت السفر إلى أفريقيا
TT

حان وقت السفر إلى أفريقيا

حان وقت السفر إلى أفريقيا

هناك انطباع خاطئ أن السائح يتعرض لأخطار غير محسوبة في أفريقيا أكثر من أي مكان آخر في العالم، ولكن معظم شركات السياحة ترفض هذا الانطباع لأنه غير صحيح في معظم بلدان القارة، ولأن أخطر ما يتعرض له السائح في مواقع السياحة في أفريقيا هو السرقات التي يمكن أن تحدث في أي موقع سياحي آخر في العالم.
ولكن على السائح أن يراعي أن الدول الأفريقية في أغلبها دول فقيرة، ولذلك عليه أن يتجنب استعراض ممتلكاته من كاميرات أو نقود على الملأ حتى لا يتعرض إلى متاعب. ولكن حتى السرقات بالإكراه نادرة في أفريقيا ولا تحدث بصورة منتظمة إلا في مدن معدودة مثل داكار ونيروبي وجوهانسبرغ.
وهناك بالطبع مواقع العنف السياسي كما في مناطق شمال نيجيريا حيث جماعة بوكو حرام، ودول عدم الاستقرار السياسي مثل ليبيا وجنوب السودان حاليا، والمجاعات كما يحدث دوريا في إثيوبيا ودول أخرى. والصورة تتغير دائما فيما يتعلق بالنقاط الساخنة التي يجب تجنبها ويمكن لسفارات الدول في أفريقيا أن تنصح مواطنيها بمدى الأخطار المحتملة في كل دولة على حدة.
وتبدو النصائح المتبعة من السياح لتجنب المخاطر في مواقع أخرى مفيدة في أفريقيا أيضا وأهمها حمل ما يكفي من النقود ليوم واحد فقط مع استخدام خزانات الفنادق لإيداع البطاقات ووثائق السفر. ولا يجب ارتداء الحلي ولا الساعات الغالية أو ارتداء الكاميرات حول الرقبة. ويجب بعد التقاط الصور حفظ الكاميرات في حقائب اليد.
وأحيانا تكون خزانات الغرف في الفنادق غير آمنة ولا بد من سؤال الفندق عن موقع خزانات أمينة مغلقة بعيدا عن الغرف أو حفظ الأغراض في حقيبة السفر الكبيرة وإغلاقها مع ربطها بشيء ثابت في الغرفة. وبالطبع على السائح عدم التجول ليلا وحده أو التوجه إلى مواقع مجهولة، مع ضرورة مراقبة المتعلقات الشخصية في كل الأوقات خصوصا في المناطق المزدحمة.
من الخدع السياحية التي يجب تجنبها في أفريقيا الشحاذين الذين يأتون في مختلف الأدوار من لاجئين إلى مشردين إلى ضحايا حروب، والهدف واحد هو الحصول على بعض الأموال. الأفضل التبرع ببعض الطعام وليس بالأموال. كما تلجأ بعض قوات الشرطة في دول أفريقية إلى حيلة بيع المخدرات للسياح، وإذا وقع السائح في الفخ فإنه يدفع ثمن غلطته مرتين مرة بدفع ثمن المخدرات والأخرى بغرامة فادحة من الشرطة نفسها بعد اتهامه بحمل مخدرات.
من الأخطار غير المحسوبة الأخرى خطر الإرهاب وهذا مرصود في بعض الدول الأفريقية مثل كينيا وتنزانيا ونيجيريا ومصر. ويجب مراجعة مواقع السفارات حول أخطار الإرهاب المحتملة في أرجاء أفريقيا قبل السفر.
وتشمل دول أفريقيا حاليا ثلث التحذيرات الدولية من المخاطر السياحية حول العالم والتي تشمل أخطار الإرهاب والحروب الأهلية والهجمات الإرهابية والأمراض المعدية الخطيرة، مثل ايبولا. ولكن معظم الدول التي تمثل هذه الأخطار ليست وجهات سياحية على الإطلاق. وفي بعض الأحيان تكون الأخطار السياسية قصيرة المدى وتقتصر على أوقات الانتخابات.
وبالإضافة إلى الانطباعات الخاطئة عن مخاطر السفر إلى أفريقيا، هناك أيضا أفكار مغلوطة عنها مثل:
* أفريقيا موبوءة بالأمراض وفقيرة: وهذا صحيح من ناحية الفقر ولكن ليس كل الدول الأفريقية فقيرة، فمشكلة أفريقيا هي في توزيع الثروة. ودولة مثل جنوب أفريقيا تعد أكثر ثراء من دولة أوروبية مثل بلجيكا ولديها الكثير من الموارد الطبيعية ونظم تعليم وصحة جيدة ومجتمع أعمال نشط. ولكن معظم سكان البلاد لا يشاركون في هذه الثروة. وتقول وثائق إحصائية إن دولا مثل مصر ونيجيريا والجزائر أكثر ثراء (نظريا من حيث الناتج القومي) من دول أوروبية مثل الدنمارك والنرويج. وهناك الكثير من العائلات الثرية والمتوسطة التي تعيش في أفريقيا بنفس مستويات المعيشة الأوروبية. وبسبب الفقر تقضي الأمراض على مليون نسمة في أفريقيا سنويا ومعظمها يكون بسبب نقص التطعيم وقواعد الصحة البسيطة وليس بسبب الأوبئة. وعلى السياح تجنب الأمراض الاستوائية كما في كل القارات الأخرى وأهمها الملاريا.
* أفريقيا متأخرة تكنولوجيا: تنتشر في أفريقيا شبكات الهاتف الجوال وتتعدد استخداماته إلى عمليات التعامل المالي في الأرياف، وحتى قبائل الماساي في كينيا ترعى الأبقار وترسل الرسائل النصية في الوقت نفسه على الهواتف الجوالة. هناك صناعات كاملة وعمليات صيانة وإصلاح للأجهزة والسيارات في أرجاء القارة وهي لا تقل قدرة ولا تقنية عن القارات الأخرى على رغم من شح الموارد.

* التخطيط لأفريقيا

* ولكن كيف يخطط السائح لرحلة إلى جهة أفريقية؟
لا بد وأن تكون نقطة البداية هي الاستعانة بشركة سياحية ذات خبرة. فهذه الشركات تستعين بأفضل الخبرات المحلية لخدمة السائح وهذا بدوره يعود إيجابيا على الاقتصاد الأفريقي. ولا تقتصر عناية الشركات السياحية على السياح فقط وإنما تمتد أيضا إلى العاملين فيها والمتعاملين معها الذين يضمنون دوام نشاطها الناجح.
وإذا أراد السائح أن يكون مفيدا لاقتصاد الدولة التي يزورها فعليه أن يختار الفنادق المحلية بدلا من سلاسل الفنادق العالمية. وهناك الكثير من هذه الفنادق الصغيرة التي تقدم خدمات متميزة ويمكن البحث عنها على الإنترنت وعلى مواقع السياحة في أفريقيا.
ويمتد هذا إلى التسوق في الأسواق المحلية وتناول الطعام في المطاعم واستخدام المقاهي المحلية وعدم الاكتفاء بالبقاء في الفنادق واستخدام مطاعمها. ويمكن أيضا استخدام المواصلات العامة كلما كان ذلك متاحا.
ويمكن للسائح أن يختار بين شمال أفريقيا وغربها مع منطقة أفريقيا الوسطى أو شرق أفريقيا أو جنوب أفريقيا. كما توجد أيضا الجزر الأفريقية وكلها جهات تستحق الاستكشاف والزيارة.
في شمال أفريقيا تتوافر للسائح جبال الأطلس والمدن التاريخية في المغرب مثل مراكش وفاس والآثار والشواطئ المصرية وكارتاج وسيدي بوسعيد وسفاري الصحراء في تونس.
وفي غرب أفريقيا وأفريقيا الوسطى يمكن للسائح أن يزور محمية لوانغو الطبيعية في الغابون حيث يمكنه أن يشاهد ما يسمى «آخر جنة عدن في أفريقيا». وهي جهة سياحية جديدة نسبيا وتعمل على أسس بيئية وتشمل المحمية الكثير من الحيوانات الوحشية التي يمكن مشاهدتها على الطبيعة.
من المواقع السياحية الأخرى منطقة دوغون في مالي وبها قرى لقبائل تعيش في بيوت منحوتة في جدران الجبال. وفي مالي أيضا توجد مدينة تمبكتو التي كانت مركزا تجاريا مهما في ساحق الزمان، وبها من المعالم ما يعود إلى العصور الوسطى. كما توفر جينفي في بنين مقصدا سياحيا فريدا، وهي قرية بنيت على سطح بحيرة ويعتمد أهلها على صيد الأسماك في معيشتهم.
وفي غانا يمكن زيارة شاطئ الأطلسي حيث القلاع القديمة التي بناها الغزاة الأوروبيون على مر القرون. وشهدت هذه القلاع عصور تخزين الذهب قبل تصديره ثم تجارة العبيد، ثم تحولت إلى سجون. وهناك بعض القلاع التي كانت مقرا للإدارة البريطانية في البلاد لأكثر من مائتي عام.
وفي الكاميرون يمكن زيارة جبل الكاميرون الذي يعرف محليا باسم «مونغو مانديمي» وهو بركان خامل يصل ارتفاعه إلى 4040 مترا، ويمكن صعود الجبل على أربعة أيام باستخدام مرشدين محليين واستراحات على الطريق.
وفي شرق أفريقيا لا بد من زيارة منطقة ماساي مارا في كينيا، وأفضل الأوقات يكون وقت هجرة الحيوانات من يوليو (تموز) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، ويمكن مشاهدة الطبيعة الأفريقية من داخل بالون هوائي.
في إثيوبيا، يمكن زيارة منطقو نهر أومو، وهي منطقة نائية ويجري الذهاب إليها بالسيارات الرباعية ولذلك فهي تحتفظ بطبيعتها القبلية. وفي أوغندا ورواندا يمكن زيارة منتجع فيرونغا ماونتنز حيث تعيش آخر 700 من حيوانات غوريلا الجبال في العالم.
وفي تنزانيا يمكن زيارة جزيرة زنزبار على المحيط الهندي والتي كانت موقعا لتجارة التوابل ثم مركزا لتجارة العبيد. وهي تعد من المواقع التي تدخل ضمن التراث الإنساني المصنف من منظمة اليونيسكو. وفي تنزانيا أيضا يمكن زيارة محمية سيرنغيتي الطبيعية، ومنطقة نغورونغو المشهورة بسفاري مشاهدة الأفيال.
وتشمل منطقة جنوب أفريقا كلا من مالاوي وزامبيا وزيمبابوي وبتسوانا وناميبيا وجنوب أفريقيا. ومن أهم معالمها شلالات فيكتوريا ومحمية لوانغوا في زامبيا، حيث معاقل فرس النهر، ومحمية تشوبي ودلتا أوكافانغو في بتسوانا، وبحيرة مالاوي وشاطئ جنوب أفريقيا بالإضافة إلى محمية كروغر الطبيعية في جنوب أفريقيا.
أما الجزر الأفريقية فتشمل جزر السيشل ومدغشقر وموريشيوس، وجميعها تقع في شرق أفريقيا في المحيط الهندي. وهي تحوي بعض أفضل الشواطئ في العالم مع مناطق للغطس ومحميات طبيعية ورحلات السفاري وهي تجتذب سنويا آلاف السياح من أوروبا وتشتهر الجزر باستقبال حديثي الزفاف في رحلات شهر العسل.
ولا يبقى على المسافر إلى أفريقيا إلا أن يختار وجهة سياحته بعناية بما يتوافق مع ميوله وأن يخطط لرحلته لكي يعود بمشاهد وذكريات لا تتكرر في أي مكان آخر في العالم. فأفريقيا ما زالت مليئة بالأسرار التي تنتظر الاكتشاف.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.