105 ضربات بينها 56 «توماهوك»

مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية يعرض نتائج الضربات أمس (أ.ف.ب)
مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية يعرض نتائج الضربات أمس (أ.ف.ب)
TT

105 ضربات بينها 56 «توماهوك»

مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية يعرض نتائج الضربات أمس (أ.ف.ب)
مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية يعرض نتائج الضربات أمس (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) نجاح العمليات العسكرية التي ضربت 3 مواقع في سوريا، أول من أمس، مبينةً أن عدد الصواريخ التي تم إطلاقها على المواقع الثلاثة بلغ 105 صواريخ، وذلك بالتشارك بين القوات العسكرية الثلاث الأميركية، والبريطانية، والفرنسية.
وأوضح الجنرال كينيث ماكينزي مدير هيئة الأركان المشتركة، خلال المؤتمر الصحافي أمس، أن عدد الصواريخ التي تم إطلاقها الساعة الرابعة فجراً بتوقيت دمشق 14 أبريل (نيسان)، و9 مساءً بتوقيت واشنطن 13 أبريل (نسيان)، على المواقع العسكرية السورية الثلاثة بلغت 105 صواريخ، موضحاً أن تلك المواقع الثلاثة هي مركز دراسات كيماوية في البرزة، ومنشأة لخزن الأسلحة الكيماوية غربي حمص، وموقع لخزن معدات الأسلحة الكيماوية وموقع قيادة قرب حمص أيضاً. وأفاد ماكينزي بأن «الضربات العسكرية تنوعت بين 76 صاروخاً منها 56 (توماهوك) عبر الغواصات والسفن الأميركية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، و19 صاروخاً عبر الطائرات، والبقية عبر حاملة الطائرات والقذائف البريطانية والفرنسية»، مؤكداً أن «تلك الضربات لم تُلحق أي أضرار بالمدنيين، وأن الدفاعات الجوية لسوريا لم تكن فعالة، ولم يتم إسقاط أي صاروخ من صواريخنا من قبل قوات الدفاع الجوي السوري كما أشاع الإعلام السوري التابع للنظام هذه الإشاعات». وأضاف: «الدفاعات الجوية السورية أطلقت 40 صاروخاً من دون أن تؤثر على عملياتنا، ولا توجد مؤشرات على استخدام أنظمة دفاع روسية ضد الصواريخ التي أطلقتها سوريا، والاتصالات بيننا وبين القوات الروسية في الميدان مستمرة منعاً لحدوث أي تصادمات، ولمن لم يتم إخبارهم على المواقع التي سيتم ضربها، والهدف هو تقويض قدرة الأسد على إنتاج الأسلحة الكيماوية».
وزاد الجنرال ماكينزي أن القذائف التي ضربت المواقع الثلاثة السورية تم تسليمها من السلاح الجوي البريطاني، والفرنسي، وكذلك الأميركي، وتمت الاستعانة بالسفن والبارجات الأميركية في الرصيف بالبحر الأحمر، والخليج العربي الشمالي، والبحر المتوسط، إذ تم إطلاق صواريخ «توماهوك» من البحر الأحمر والخليج العربي الشمالي، وصواريخ «هيغنز» و«توماهوك 23» من شرق البحر الأبيض المتوسط، وكذلك الطائرات «ميراج» الفرنسية بثلاثة إصدارات عسكرية مشتركة، كما أطلقت يوهان 6 مجموعات «توماهوك» في الهواء، وأطلقت قاذفتان عسكريتان 19 قذيفة، فيما استخدم الحلفاء البريطانيون طائرات التورنادو والتايفون، و«LUUNCHED 8».
بدورها، قالت دانا وايت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الدفاع، إن الهجمات التي نفّذتها القوات الأميركية العسكرية مبرَّرة وشرعية وحظيت بدعم من الكونغرس، وستعيد تلك الضربات برنامج تطوير الأسلحة الكيماوية السورية عدة أعوام إلى الوراء، مطالبةً النظام الروسي الذي يتشارك العمليات العسكرية في سوريا مع نظام الأسد، بتدمير النظام السوري للسلاح الكيماوي وعدم استخدامه مجدداً.
وأكدت وايت حصول الولايات المتحدة الأميركية على أدلة ثابتة وقاطعة على استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي ضد الأبرياء في دوما، وعلى ضوء ذلك تم ضرب الأهداف المحددة بدقة، لافتة إلى أن تلك الضربات رسالة قوية لنظام الأسد، كما ستواصل واشنطن عملها في سوريا بمحاربة «داعش» في سوريا.
وأضافت: «ما سيأتي لاحقاً يعتمد على قرار الأسد وخطواته، والدعم الروسي الذي يقف معه، إذ لا بد عليه من تدمير السلاح الكيماوي وعدم استخدامه، وهذه الضربات هي لإنقاذ الأبرياء في سوريا، وما تتفق عليه قيمنا التي نؤمن بها بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية، ولا يمكن التسامح مع أي شخص يتعمد استخدام السلاح الكيماوي، ولن نقف بسلبية بينما يتجاهل الأسد المدعوم من روسيا وإيران هذه القيم، ويتجاوز القانون الدولي».
ونقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، وفقاً لمسؤولين عسكريين، أن الصواريخ التي تم إطلاقها هي صواريخ «كروز» وقنابل «بي 1». وبيّن المسؤولون أن صواريخ «كروز» المستخدمة محمولة جواً، ويمكن إطلاقها خلال تحليق الطائرات، ولا يشترط أن تُطلق من داخل المجال الجوي لسوريا باعتبار مداها الواسع.
وأشار المسؤولون العسكريون إلى أنه تمت الاستعانة أيضاً بصواريخ «توماهوك كروز» التي تُطلق بحرياً، والتي تتميز بأنها قادرة على حمل رؤوس حربية بقوة 1000 باوند، وتتميز بقدرتها على التحليق على مستويات منخفضة من الأرض لتفادي رصد الرادارات لها، مشيرين إلى إمكانية إطلاقها من مسافة 1250 إلى 2500 كيلومتر، وتصل سرعتها إلى 880 كيلومتراً بالساعة.
ويبلغ عدد القوات العسكرية الفاعلة التي تمتلكها الولايات المتحدة الأميركية حول العالم نحو 200 ألف عسكري، موزعين على 150 دولة في العالم، وذلك وفقاً لإحصائيات وزارة الدفاع الأميركية، وفي سوريا فقط يبلغ عدد الجنود الأميركيين على أرض الميدان 2000 جندي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.