تركيا تعتبر الضربات ضد الأسد «رداً في محله»

TT

تركيا تعتبر الضربات ضد الأسد «رداً في محله»

أيدت تركيا الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضد النظام السوري، معتبرة أنها كانت «رداً في محله» على الهجوم الكيماوي في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، وأنها كان يجب أن تنفذ من قبل، وأنه لا يجب أن يبقى الأسد في السلطة، وأكدت أنها أُبلغت مسبقاً بالضربات، وأن قاعدة «إنجيرليك» لم تستخدم فيها.
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، أمس، إن العملية العسكرية الثلاثية ترجمت مشاعر الضمير الإنساني بأسره، في مواجهة الهجوم الكيميائي على مدينة دوما، المشتبه بقوة في تنفيذه من قبل النظام.
وأكد البيان أن الهجمات العشوائية ضد المدنيين بأسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية، تشكل جريمة ضد الإنسانية، وشدد على أن النظام السوري يمارس الظلم على شعبه بالأسلحة التقليدية والكيميائية منذ أكثر من 7 سنوات، ولديه سجل ثابت في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، معتبراً أنه ليس هناك أي شك في هذا الصدد لدى ضمير المجتمع الدولي.
وأكد البيان، أن «تركيا تولي أهمية بالغة لضمان معاقبة مثل هذه الجرائم، وتأسيس آلية لمحاسبة المسؤولين، وذلك من أجل الحيلولة دون تكرار حوادث مشابهة»، داعياً المجتمع الدولي، خصوصاً أعضاء مجلس الأمن الدولي، إلى التفاهم حول الخطوات المشتركة التي من شأنها ضمان معاقبة مستخدمي الأسلحة الكيميائية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن «العملية العسكرية في سوريا استهدفت نظاماً استخدم أسلحة كيميائية»، معتبراً أنه «كان من الضروري تنفيذ العملية العسكرية في سوريا من قبل»، وشدد على أنه «لا يجب أن يبقى رئيس النظام السوري بشار الأسد في الحكم».
من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن بلاده تعتبر الضربات العسكرية ضد النظام السوري «خطوة إيجابية، ولكن هناك حاجة لما هو أكثر من ذلك لتحقيق السلام الدائم في سوريا».
وأشار يلدريم، في كلمة خلال لقاء جماهيري للحزب الحاكم في إسطنبول، أمس، إلى أن «النظام السافل في سوريا» أقدم خلال الأيام الماضية على قتل المدنيين الأبرياء والأطفال بالأسلحة الكيميائية، وفجأة ارتفعت أصوات بعض الدول «التي ترى في نفسها ضمير العالم».
وأضاف رئيس الوزراء التركي، مخاطباً تلك الدول: «يُقتل الناس في سوريا، وتتواصل الأعمال الوحشية منذ 7 أعوام. أين كنتم حتى اليوم؟ هل تتذكّرون إنسانيتكم فقط عند استخدام السلاح الكيميائي؟».
وشدد يلدريم على رفض بلاده قتل الأبرياء بجميع أنواع الأسلحة، سواء الكيميائية أو التقليدية، ولكن ينبغي على الراغبين بحل الأزمة السورية أن يتحملوا المسؤولية بصورة حقيقية لإنهاء هذه الوحشية، بدلاً من استغلال الضمائر في الظاهر.
وأضاف أن التنافس لا يساهم في حل مشاكل سوريا، ولا في ضمان أمن المدنيين الأبرياء.
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إنه لم يكن مقبولاً عدم الرد على النظام السوري عقب اتضاح تنفيذه الهجوم الكيميائي على مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية في 7 أبريل (نيسان) الحالي. وأشار كالين، في بيان، أمس، إلى أن استخدام الأسلحة الكيميائية يعد انتهاكاً للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية، وأنه ينبغي محاسبة المسؤولين عن الهجوم البشع على مدينة دوما. ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف مشترك، بهدف الحيلولة دون وقوع هجمات كيميائية في المستقبل، مشدداً على أن الخطر الذي تشكله الأسلحة الكيميائية لا يغير من حقيقة مقتل مئات آلاف الأشخاص في سوريا بالأسلحة التقليدية، وأن الجهود الرامية لتدمير الأسلحة الكيميائية فقط لن تكون كافية لإنهاء الفوضى في المنطقة، وأن الهدف هو إنهاء الحرب في سوريا.
ورأى المتحدث التركي أن «منع جميع المجازر المرتكبة بالأسلحة التقليدية والكيميائية مرتبط بتحقيق الحل السياسي بسوريا في أسرع وقت»، داعياً المجتمع الدولي إلى تفعيل استراتيجية سياسية شاملة، من شأنها إنهاء القتل بجميع الأسلحة التقليدية والكيميائية.
في السياق ذاته، قال ماهر أونال، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، إن بلاده «تلقت معلومات مسبقة» بخصوص الضربات العسكرية ضد النظام السوري. وأوضح، في مقابلة تلفزيونية، أمس، أنه كان واضحاً من التصريحات الصادرة حول الهجوم الكيميائي في دوما، حدوث رد من هذا القبيل، مشيراً إلى أنهم يعتبرون الضربات العسكرية «عقاباً على استخدام الأسلحة الكيميائية»، و«تحذيراً جدياً من أجل منع الأسلحة الكيميائية التي استخدمها الأسد ضد شعبه». إلى ذلك من جانبه، نفى نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ، استخدام قاعدة «إنجيرليك» جنوب البلاد في شن الضربات الغربية على المواقع العسكرية للنظام السوري فجر أمس.
وقال بوزداغ إن واشنطن أبلغت أنقرة مسبقاً بالهجوم، وطالب بضرورة إنهاء التنافس، والبحث عن حل سياسي تفادياً لإراقة مزيد من الدماء في سوريا.
وأكد أن موقف تركيا واضح تجاه سوريا، مؤكداً أن بلاده ضد نظام الأسد واستخدام الأسلحة الكيميائية والتقليدية والحرب الداخلية وقتل البشر وتهجيرهم.
وأجرى كل من رئيسي الأركان التركي ونظيره الأميركي اتصالاً قبل الضربات العسكرية على سوريا، بحسب بوزداغ، الذي أشار إلى أن هذه الاتصالات جاءت بتعليمات من الرئيسين رجب طيب إردوغان ودونالد ترمب. كما أجرى إردوغان اتصالاً هاتفياً مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بحثا خلاله آخر التطورات على الساحة السورية.
وبحسب مصادر في الرئاسة التركية، أطلعت ماي الرئيس التركي على معلومات حول الضربات الجوية، التي وجهتها بلادها مع فرنسا والولايات المتحدة ضد النظام السوري فجر أمس.
وأكد إردوغان أن بلاده أدانت بشدة منذ البداية استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية. وأكد ضرورة وقف النظام السوري للظلم الذي يمارسه، سواء بالأسلحة الكيماوية أو التقليدية، وشدد على أن الحل الوحيد لتحقيق السلام الدائم للشعب السوري هو السبل السياسية، ولفت إردوغان أيضاً إلى أهمية عدم تصعيد التوتر في المنطقة أكثر مما هو عليه.
وفي السياق ذاته، قال إردوغان في مؤتمر جماهيري في إسطنبول أمس، إن النظام السوري أدرك بعد الضربات الجوية أن هجماته الوحشية ضد المواطنين لن تمر دون رد، لافتاً إلى أنه يواصل اتصالاته مع كل من الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف إردوغان أن تركيا هي القوة الوحيدة الفاعلة على الأرض في سوريا التي تساهم في تحقيق السلام، مشيراً إلى أنه اقترح من قبل على الولايات المتحدة وقوى إقليمية إقامة منطقة آمنة في سوريا، لكن الاقتراح لم يلقَ القبول.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».