السلطات الجزائرية مستاءة من التركيز على مصير بوتفليقة

TT

السلطات الجزائرية مستاءة من التركيز على مصير بوتفليقة

نفى رئيس وزراء الجزائر أحمد أويحيى، أخباراً نشرتها الصحافة، تناولت «توتراً بينه وبين الرئاسة»، على خلفية انسحابه من الشأن العام منذ مطلع العام. وقال في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة أمس «ينبغي أن تدركوا شيئاً، وهو أن رئيس الوزراء يعينه رئيس الجمهورية، الذي يملك صلاحية تنحيته في حال لم يرض عن أدائه».
ووضع أويحيى بهذا الموقف حداً لجدل كبير شد الأوساط السياسية والإعلامية، قبل تعديل حكومي، جرى منذ أسبوعين، تعلق بـ«احتمال إبعاده من تسيير الحكومة». علماً بأنه أشيع بأن أويحيى «يملك رغبة في خلافة بوتفليقة في الحكم»، وأنه بناء على ذلك غضب منه الرئيس، الذي تنسب له إرادة الاستمرار في الرئاسة بمناسبة الانتخابات المرتقبة العام المقبل. لكن سبق لأويحيى أن استبعد أي احتمال بأن يدخل في منافسة مع الرئيس، إذا أفصح عن ترشحه لولاية خامسة.
وهاجم أويحيى صحافياً سأله عن «دلالات» خروج بوتفليقة إلى العاصمة، الأسبوع الماضي، لـ«زيارة مشاريع إنمائية». وجاء في السؤال أن قطاعاً من المراقبين عدَّ الزيارة «رسالة وداع للجزائريين»، فيما قرأها قطاع آخر بأنها «طلب دعم لفترة رئاسية خامسة». ورد أويحيى بالقول: «إنه مؤسف حقاً هذه التساؤلات من طرف أقلام معارضة ومن طرف بعض الأبواق... فإذا ظهر الرئيس إلى العلن تساءلتم إن كان يريد توديع شعبه أم يطلب منه التمديد. ما يهمنا نحن هو أن الشعب ابتهج برئيسه وهو يراه أمامه. صحيح أن الرئيس لا ينزل إلى الميدان باستمرار مثلما كان في الماضي، وهذا يعود إلى حالته الصحية التي لا نخفيها... إن خروج الرئيس كذب أقاويل مفادها أن السلطات تظهر للناس دمية تحركها أصابع عندما يزورنا أجانب. كما يقولون إن ظهور الرئيس في كاميرات التلفزيونات صور مفبركة». وكان أويحيى يشير إلى تعاليق وسجالات تتجدد كلما استقبل بوتفليقة زائراً أجنبياً، لأنه في كل مرة يبدو شاحب الوجه وعاجزاً عن الكلام، وتكتفي الكاميرات بنقل نظراته نحو الزائر الذي يبدو في الغالب محرجاً من ظهوره، وهو «يبحث مع رئيس الجمهورية قضايا هامة»، بينما الحقيقة ليست كذلك.
وكشف أويحيى عزم الحكومة «إحداث حصيلة مفصلة عن إنجازات الحكومة خلال العام 2018، وعن المشروعات التي أنجزها الرئيس طيلة 19 سنة من الحكم». وقال إن هذه الحصيلة ستعرض على الجزائريين بنهاية العام الحالي.
وكان حزب الأغلبية، الذي يرأسه بوتفليقة، قد بادر إلى الشيء نفسه منذ شهرين، وتم ذلك في سياق دعوته الرئيس للترشح لولاية خامسة. وكان بوتفليقة أزال في تعديل للدستور عام 2008 ما يمنع الترشح لأكثر من ولايتين. وفي تعديل دستوري أجراه عام 2016 أعاد ضبط الترشح للرئاسة بولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، وبذلك يحق له بدءاً من 2019 الترشح مرتين.
وكان الدافع إلى تنظيم مؤتمر صحافي هو عرض حصيلة ستة أشهر من عمل رئيس الوزراء، الذي تولى قيادة الحكومة في 15 أغسطس (آب) الماضي. وأفاد أويحيى بهذا الخصوص بأن عام 2017 عرف انخفاضاً في عائدات النفط والغاز، مشيراً إلى أن البطالة زادت بنسبة 1.7 في المائة قياساً إلى عام 2016. كما تحدث عن «تقلص فرص العمل بشكل كبير».
ورفض رئيس الوزراء تسمية حكومته بـ«تصريف أعمال»، بحجة أن عمرها لن يتعدى انتخابات الرئاسة المقبلة التي ستكون على الأرجح في أبريل (نيسان) 2019. وذكر أويحيى بهذا الشأن «حاسبونا على نتائج عملنا... لا مشكلة لديّ في أن تسمونني رئيس حكومة تصريف أعمال». وانتقد بشدة تصريحات لسفير فرنسا بالجزائر كزافييه دريانكور، جاء فيها أن «مسؤولين كباراً في حكومة الجزائر يمارسون الغش في ملفات طلب تأشيرة (شنغن)». وقال عنه أويحيى «ما صدر عن السفير انزلاق، ولكن لا داعي لتضخيم الموقف، فبيننا وبين فرنسا مصالح وعلاقات اقتصادية هامة».



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.