سكان الجنوب الليبي يطالبون رئيس مجلس النواب بتفعيل «حالة الطوارئ»

TT

سكان الجنوب الليبي يطالبون رئيس مجلس النواب بتفعيل «حالة الطوارئ»

اشتكى نواب ونشطاء ومواطنون ليبيون، ينتمون إلى مناطق في جنوب البلاد، من الانفلات الأمني وقلة الخدمات الحكومية، وانعدام السلطة التنفيذية، وذلك بعد خمسة أيام من إعلان المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، حالة الطوارئ هناك، في ظل اقتتال متقطع بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو، وبعض فلول المعارضة الأفريقية في مدينة سبها.
وقال صالح همة، عضو مجلس النواب عن مدينة غات (جنوب البلاد)، إن الجنوب يعاني من الأزمات المعيشية المتكررة منذ سنوات، مشيراً إلى أن عدداً من النواب طالبوا المستشار عقيلة بإعلان حالة الطوارئ هناك، وذلك بسبب صعوبة الأوضاع الأمنية، «لكن إلى الآن لم تطبق على أرض الواقع».
وأضاف همة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي قرار يحتاج إلى وقت لتنفيذه، والبرلمان على تواصل مستمر مع الجهات الأمنية لتفعيله»، لافتاً إلى أن النائب عن الجنوب الهادي الصغير، وأعيان المنطقة، وجهوا خلال الجلسة الرسمية للمجلس، الأسبوع الماضي، دعوة للمستشار عقيلة لزيارة مدنهم، ووعدهم بتنفيذ ذلك، لكن إلى الآن لم يتم شيء.
وسبق لعبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، القول إن الدعوة الموجهة للمستشار عقيلة تأتي بهدف زيارة مناطق الجنوب، والوقوف على الأوضاع الصعبة التي يمر بها، لافتاً إلى أن رئيس المجلس وافق على فرض الطوارئ هناك بعد طلب النواب ذلك. بدوره، قال عميد بلدية سبها حامد الخيالي، أمس، إن أزمة الوقود بالمنطقة الجنوبية تشهد انفراجة ملحوظة، وذلك بعد وصول شحنات الوقود إلى مستودع سبها النفطي خلال الأيام الماضية، مطالباً باستمرار إرسالها لإنهاء الأزمة بشكل نهائي.
من جهته، رأى إسماعيل بازنكة، وهو ناشط مدني بقبيلة التبو، (جنوب البلاد) أن قرار عقيلة بفرض الطوارئ (إلى الآن) «حبر على ورق»، متسائلاً في حديث مع «الشرق الأوسط»: «ماذا يملك رئيس مجلس النواب حتى يفرض الطوارئ في الجنوب؟».
وأضاف بازنكة أمس، موضحاً أن عقيلة استجاب لطلب عدد من النواب «بحكم رئاسته للسلطة التشريعية في البلاد».
ورغم دخول القبلتين في هدنة، إلا أنه يتم خرقها من قبلهما، وأضاف بازنكة موضحاً: «بالأمس كانت هناك محاولة لاغتيال شخص أسود على اعتقاد أنه (تباوي)، لكنه نجا بصعوبة»، وذهب إلى أن «المتمركزين في كتيبة فارس (اللواء السادس) من أبناء أولاد سليمان هم من حاولوا ذلك».
وقال سليمان أبو فايز من مدينة سبها، «نحن نعاني من قلة الوقود في المحطات العامة، إلى جانب نقص الخدمات الكثيرة التي يحتاج إليها سكان المدينة»، مضيفاً: «سمعنا أن شاحنات الوقود اتجهت إلى الجنوب، ونحن في انتظارها».
وأضاف أبو فايز لـ«الشرق الأوسط»، أن «سكان المنطقة ملّوا الشكوى، دون أن تسمع إليهم حكومة الوفاق... نحن ننتهي من أزمة نقص سيولة لندخل في أزمة شح الوقود... لقد سمعنا أن رئيس البرلمان (السيد) عقيلة فرض الطوارئ، لكن ما زالت جرائم السرقة والتهديد بخطف أبناء الجنوب تمارس ضدهم، خصوصاً من ميليشيات طرابلس».
وسعى عقيلة صالح خلال لقاء داخل مقره في مدينة القبة، نهاية الأسبوع الماضي، بوفد من مشايخ وأعيان وحكماء أولاد سليمان من أنحاء البلاد، للعمل على إتمام المصالحة بين الأطراف المتنازعة، والمحافظة على السلم الاجتماعي. وقال بليحق لـ«الشرق الأوسط» إنه يتم الإعداد لزيارة المستشار عقيلة إلى الجنوب في أقرب وقت ممكن لإتمام المصالحة هناك.



دور «السلطة الفلسطينية» يُعقّد اتفاق إدارة معبر «رفح»

معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
TT

دور «السلطة الفلسطينية» يُعقّد اتفاق إدارة معبر «رفح»

معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)

بدا أن الاتفاق على إدارة معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة من الجانب الفلسطيني حجر عثرة كبير اليوم، بعدما أكدت إسرائيل تمسكها بالسيطرة الأمنية على إدارته، في وقت تحدثت مصادر مصرية وفلسطينية بأن «توافقاً جرى على دور السلطة الفلسطينية في إدارة المعبر».

وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أن الاتفاق بشأن عودة معبر رفح الفلسطيني للعمل تم منذ أيام في القاهرة بحضور ممثلين عن مصر وفلسطين وإسرائيل، ويقضي بعودة موظفي هيئة المعابر الفلسطينية والأمن العام الفلسطيني إلى المعبر طبقاً لاتفاق 2005 مع وجود المراقبين الدوليين.

واحتلت إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو (أيار) الماضي بعدما قصفته ودمَّرت أجزاء منه، وطالبت بأن يكون لها ممثلون دائمون بالمعبر، وهو ما رفضت مصر التعاطي معه.

مجدلاني أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أول من أمس كان هناك اجتماع لممثلي الاتحاد الأوروبي مع حسين الشيخ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من أجل وضع الترتيبات اللوجيستية لفتح المعبر وعودة المراقبين الأوروبيين له».

وفي 15 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005، وقّعت السلطة الفلسطينية، بصفتها طرفاً أول، وإسرائيل بصفتها طرفاً ثانياً، اتفاقاً عُرف باسم «اتفاق المعابر»، جرى من خلاله وضع الشروط والضوابط والمعايير التي تنظم حركة المرور من الأراضي الفلسطينية وإليها من خلال هذه المعابر، واتُفق خلاله على أن يكون هناك طرف ثالث هو الاتحاد الأوروبي.

ويتضمن الاتفاق أن تخطر السلطة الفلسطينية إسرائيل بمن يمرون من خلال المعابر لمنع أي أشخاص مشتبه بهم من العبور وأن يضمن الاتحاد الأوروبي تنفيذ ذلك، وأيضاً يتم عقد اجتماعات دورية بين الجمارك الفلسطينية والإسرائيلية بحضور الجمارك المصرية، كلما أمكن، لبحث المستجدات فيما يخص المعابر.

انسحاب إسرائيلي

وشدد مجدلاني على أنه وفق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة أخيراً «فسينسحب الجنود الإسرائيليون من المعبر، أما بالنسبة لخروج الجرحى ومرافقيهم فطبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار فيجب عرض الأسماء على الجانب الإسرائيلي من أجل الموافقة عليها».

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح مايو الماضي (رويترز)

ونوه إلى أنه في أغسطس (آب) الماضي تلقت السلطة الفلسطينية عرضاً للعودة إلى المعبر، لكنه كان عرضاً ينتقص من دورها وسيطرتها على المعبر؛ فلذلك رفضته. وقال مجدلاني إن «المعبر سيعود للعمل لخروج الجرحى ومرافقيهم بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي تتضمن تبادل الأسرى والرهائن».

رسائل نتنياهو للداخل

ورغم التأكيدات المصرية والفلسطينية على وجود دور للسلطة في تشغيل المعبر، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بياناً رد فيه على تقرير نشرته «الشرق الأوسط»، الثلاثاء، نقلاً عن مصادر مصرية قالت إن «اتفاق عودة معبر رفح يضمن أن تعود السلطة الفلسطينية للسيطرة عليه». ورأى مكتب نتنياهو أن السلطة الفلسطينية «تحاول خلق صورة زائفة مفادها أنها تسيطر على المعبر»، على حد زعمه.

وزيرا «الصحة» و«التضامن» المصريان أمام معبر رفح من الجانب المصري (الصحة المصرية)

وفي حين أن بيان مكتب نتنياهو قال إنه لا صحة لوجود دور للسلطة في المعبر؛ فإنه عاد وأقر بأن «التدخل العملي الوحيد للسلطة الفلسطينية هو ختمها على جوازات السفر، الذي وفقاً للترتيب الدولي القائم، هو الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لسكان غزة مغادرة القطاع من أجل الدخول أو الاستقبال في دول أخرى، وأن هذا الإجراء صحيح بالنسبة للمرحلة الأولى من الإطار وسيتم تقييمه في المستقبل».

وتابع مكتب نتنياهو: «بموجب الاتفاق، تتمركز قوات الجيش الإسرائيلي حول المعبر، ولا يوجد ممر دون إشراف ورقابة وموافقة مسبقة من الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)».

وأشار إلى أن «الإدارة الفنية داخل المعبر تتم من قبل سكان غزة غير المنتمين إلى (حماس)، بعد فحص جهاز الأمن العام، الذين يديرون الخدمات المدنية في القطاع، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، منذ بداية الحرب. ويشرف على عملهم قوة المساعدة الحدودية الأوروبية».

وعدّ مجدلاني أن «نتنياهو لديه مصلحة في إرسال رسائل للقوى الداخلية في إسرائيل، وخاصة للمتطرفين الذين يرفضون اتفاق وقف إطلاق النار وما يتضمنه».

عودة للأصل

ولفت الخبير العسكري المصري العميد محمود محيي الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاتفاق الذي تم يقضي بعودة الشيء لأصله، أي عودة السلطة الفلسطينية لممارسة الدور القنصلي الكامل على معبر رفح وفق اتفاق 2005».

وأوضح أن «ما تقوله إسرائيل يشبه فرض السيطرة بالعضلات وهذا أمر بعيد تماماً عن الاتفاق الذي تم، فهي التي قالت إنها لن تنسحب من محور فيلادلفيا، ولكن مصر رفضت ذلك وستنسحب إسرائيل في النهاية».

واحتلت القوات الإسرائيلية حدود غزة مع مصر بما فيها محور فيلادلفيا، بعد الاستيلاء عليه في مايو، بزعم أن مصر «لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق بطول هذه الحدود لقطاع غزة» وهو ما نفته القاهرة.

وكانت إسرائيل انسحبت من حدود مصر مع غزة ومنها محور فيلادلفيا بموجب اتفاقية لإدارة المعابر والحدود بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 2005.

أسقف تفاوضية

الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر عمرو الشوبكي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليست كل البيانات الرسمية ولا التصريحات الإعلامية تعبر عن الواقع، وأحياناً تكون بغرض دعائي لتوصيل رسائل معينة خصوصا للرأي العام الداخلي».

وأضاف: «في أثناء عمليات التفاوض المرهقة كثيراً ما تلجأ الأطراف لوضع أسقف تفاوضية عالية، بينما على الأرض يظل الوصول إلى الحلول الوسط ممكناً».

رفض لوجود جنود إسرائيليين

من جانبه، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيسي الموساد والشاباك في اجتماعهما مع مدير المخابرات المصرية، الاثنين، عرضا فكرة استمرار جنود إسرائيل بالمعبر في ظل عمل السلطة الفلسطينية، لكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض خاصة أن السلطة الفلسطينية رفضته من قبل، ومصر لا تقبل سياسة الأمر الواقع»، حسب تعبيره.

وتزامن ذلك مع تصريحات أدلى به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، خلال احتفال بـ«عيد الشرطة»، قال فيها إن «مصر ستدفع بمنتهى القوة في اتجاه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل سعياً لحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين وإعادة الخدمات إلى قطاع غزة ليصبح قابلاً للحياة ومنع أي محاولات للتهجير، لأن هذا الأمر ترفضه مصر بشكل قاطع، حفاظاً على وجود القضية الفلسطينية ذاتها».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

فيما تواصلت في رابع أيام الهدنة جهود إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري مروراً بالعوجة وكرم أبو سالم، حيث دخلت أمس وفق إحصاء رسمي 300 شاحنة تحمل 25 منها الوقود، ليرتفع إجمالي الشاحنات التي دخلت لغزة من الجانب المصري حتى الآن إلى 1290 شاحنة منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، فضلاً عن الشاحنات التي تدخل بمعرفة الأمم المتحدة من معابر أخرى.