بريطانيا وفرنسا وألمانيا تواكب «خطط» الإدارة الأميركية

مروحية فوق القاعدة البريطانية في قبرص أمس (أ.ب)
مروحية فوق القاعدة البريطانية في قبرص أمس (أ.ب)
TT

بريطانيا وفرنسا وألمانيا تواكب «خطط» الإدارة الأميركية

مروحية فوق القاعدة البريطانية في قبرص أمس (أ.ب)
مروحية فوق القاعدة البريطانية في قبرص أمس (أ.ب)

تحركت الدول الأوروبية الكبرى، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، لبحث الخيارات العسكرية والسياسية لمواكبة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب توجيه ضربات لقوات النظام السوري على خلفية استخدام الكيماوي في دوما. وأكدت لندن وباريس وبرلين مسؤولية النظام عن استخدام الكيماوي.
وعقدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اجتماعاً عاجلاً لحكومتها الخميس وسط تكهنات بأنها ستدعم أي تحرك أميركي ضد سوريا رغم الانقسامات في البلد الذي لا يزال يخيم عليه تدخله في اجتياح العراق بقيادة الولايات المتحدة.
ومع تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن الصواريخ «قادمة» وتفكير فرنسا في شن غارات، ذكرت تقارير أن ماي ستسعي للحصول موافقة وزرائها للانضمام إلى الحلفاء في استهداف نظام الرئيس بشار الأسد. لكن بعض نوابها أعربوا عن قلقهم حيال الدخول في النزاع المعقد في سوريا في حين يضغطون لاستدعاء البرلمان من عطلة الفصح لمناقشة أي تحرك. وبينما حاولت ماي عدم توجيه اللوم بشأن الهجوم المفترض بالأسلحة الكيماوية السبت في مدينة دوما قرب دمشق، قالت الأربعاء، إن «جميع المؤشرات تدل على أن النظام السوري هو المسؤول». وأضافت: «لا يمكن أن يمر استخدام الأسلحة الكيماوية دون عواقب. سنعمل مع حلفائنا المقربين للتوصل إلى الكيفية التي يمكننا من خلالها ضمان محاسبة المسؤولين».
واستدعت ماي الوزراء لاجتماع حكومي عاجل بعد ظهر الخميس «لمناقشة الرد على الأحداث في سوريا». وذكرت صحف بريطانية، أن غواصات البحرية الملكية مسلحة بصواريخ من طراز «كروز» تتحرك لتصبح ضمن المدى الذي يمكنها من المشاركة في ضربة محتملة. وذكرت صحيفتا «ذي تايمز» و«ديلي تلغراف»، أنه من المتوقع أن تدعم الحكومة ماي في الانضمام إلى أي تحرك تقوده الولايات المتحدة. لكن لا يتوقع أن يتم استدعاء النواب الذين لن يعودوا إلى البرلمان قبل الاثنين للحصول على موافقتهم.
وبريطانيا منضوية حالياً في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويشنّ غارات جوية على مواقع عناصر تنظيم داعش في العراق وسوريا، حيث نفذ أكثر من 1700 ضربة من هذا النوع. ولم يُسمح بالمهمة إلا بعدما وافق عليها النواب، حيث دعموا التحرك عسكرياً في العراق في سبتمبر (أيلول) 2014، وفي سوريا بعد عام من ذلك، محددين بحزم الضربات لتشمل الأهداف التابعة لتنظيم داعش فقط. واستبعد التحرك ضد النظام السوري إثر جلسة تصويت عقدها البرلمان في 2013 في حين دعا الكثير من النواب إلى إجراء تصويت قبل اتخاذ أي تحرك.
وقال زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن لشبكة «بي بي سي» الإخبارية، إنه «يجب أن يكون للبرلمان رأي في أي تحرك عسكري». وأضاف: «ما لا نريده هو قصف يؤدي إلى تصعيد ما يؤدي بدوره إلى حرب ساخنة بين روسيا والولايات المتحدة في الأجواء السورية».
ورسمياً، لدى رئيسة الوزراء الحق في الدخول في حرب دون الحصول على موافقة البرلمان، لكن هناك اتفاقاً تم التوصل إليه في نزاعات سابقة يتيح للنواب التصويت، إما قبل التحرك العسكري أو بعده بوقت قصير.
ودعا عدد من النواب في بريطانيا إلى التحرك ضد النظام في سوريا، محذرين من أن استخدام الأسلحة الكيماوية يعد خرقاً للقانون الدولي، ولا يمكن أن يمر دون عقاب. وأعادت الأزمة إلى الذاكرة حرب العراق التي وافق عليها البرلمان وخلفت 179 قتيلاً في صفوف الجنود البريطانيين وشرعت الأبواب أمام سنوات من العنف الطائفي. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة «يوغوف» هذا الأسبوع ونشرت صحيفة «ذي تايمز» نتائجه، أن 43 في المائة يعارضون ضرب سوريا، في حين 34 في المائة غير متأكدين، و22 في المائة فقط يؤيدون ذلك.
ودعا بعض أعضاء حزب ماي المحافظ إلى الحذر إزاء التدخل في حرب معقدة للغاية ومتعددة الأطراف. وقال رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم جوليان لويس لـ«بي بي سي»: «ما لدينا هنا في سوريا هو خيار بين وحوش من جهة ومجانين من جهة أخرى».
وقال نائب محافظ آخر يدعى زاك غولدسميث عبر موقع «تويتر»: «نحتاج إلى رد واضح لحالة الغضب» بشأن استخدام السلاح الكيماوي المفترض في سوريا، «لكن يجب أن يتدخل البرلمان قبل الاتفاق على أي تحرك عسكري. على الحكومة تحديداً توضيح هوية الجهة التي ستزداد قوتها عندما يضعف الأسد. وماذا سيحدث بعد ذلك».
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الخميس، إنه يبدو «واضحاً» أن النظام السوري لا يزال يملك مخزوناً من الأسلحة الكيماوية، بعد الهجوم المفترض الذي اتهمت القوات السورية بشنه في دوما.
وأوضحت: «علينا الآن أن نقرّ أنه من الواضح أن التدمير لم يكن تاماً» للأسلحة الكيماوية، في حين كان يفترض تدمير هذه الترسانة. لكن ميركل أشارت إلى أن برلين «لن تشارك في أعمال عسكرية» تستهدف نظام بشار الأسد، إلا أنها أكدت «دعم كل ما حصل للإعلان أن استخدام الأسلحة الكيماوية غير مقبول».
ومن دون موافقة النواب، لا يمكن أن تحصل أي عملية للجيش الألماني في الخارج. وقد نشرت ألمانيا طائرات استطلاع وتزويد بالوقود فوق سوريا والعراق، فقط في إطار التحالف الدولي ضد «داعش». وكانت ألمانيا اضطلعت بدور مركزي في تدمير الترسانة التي أعلنت عنها دمشق بعد هجوم كيماوي أسفر عن مقتل مئات الأشخاص في منطقة الغوطة الشرقية، شرق دمشق، في أغسطس (آب) 2013.
في باريس، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، أن لديه «الدليل» بأن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية في دوما، مشيراً إلى أن الرد على ذلك سيتم في «الوقت الذي نختاره». وقال ماكرون خلال مقابلة مع محطة «تي إف1» الفرنسية «لدينا الدليل بأن (...) الأسلحة الكيماوية استخدمت، على الأقل (غاز) الكلور، وأن نظام بشار الأسد هو الذي استخدمها». وقال، إنه على اتصال يومي مع الرئيس دونالد ترمب، وإنهما قد يقرران بشأن الرد «في الوقت الذي نختاره عندما نقرر بأنه الأنسب والأكثر فاعلية». وأضاف ماكرون، إن أحد أهدافه في سوريا «نزع قدرة النظام على شن هجمات كيماوية»، لكنه كرر أنه يريد كذلك تجنب «التصعيد». وأكد أن «فرنسا لن تسمح بأي حال بأي تصعيد، أو أي شيء من شأنه أن يخل باستقرار المنطقة، لكن لا يمكن أن نسمح لأنظمة تعتقد أن بوسعها التصرف دون عقاب أن تنتهك القانون الدولي بأبشع طريقة ممكنة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.