حرب التجارة وتراكم الديون أبرز مؤرقات نمو شرق آسيا و«طريق الحرير»

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد
TT

حرب التجارة وتراكم الديون أبرز مؤرقات نمو شرق آسيا و«طريق الحرير»

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد

بالتزامن، حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أمس من مخاطر تزايد الديون في الدول المشمولة بخطة «طريق الحرير» التي تستثمر فيها الصين في سياق برنامجها واسع النطاق لتنفيذ مشاريع بنى تحتية في الخارج سعيا لترسيخ علاقاتها التجارية... كما رفع البنك الدولي توقعاته للنمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي في 2018. لكنه حذر من أن الحرب التجارية المحتملة بين الولايات المتحدة والصين قد تؤثر سلبا على النمو في دول تشكل جزءا من سلسلة توريد السلع الصينية.
ووجهت لاغارد تحذيرها في كلمة ألقتها في بكين بمناسبة انعقاد منتدى حول مبادرة «طريق الحرير الجديد»، المشروع الضخم الذي باشره الرئيس الصيني شي جينبينغ عام 2013 لإقامة طرقات ومرافئ وسكك حديد ومجمعات صناعية في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وصولا إلى أبواب أوروبا.
وأقرت لاغارد متحدثة أمام حضور من المسؤولين الصينيين والأجانب بأن «طريق الحرير» يمكن أن تلبي «الحاجة الماسة إلى بنى تحتية» في أنحاء مختلفة من العالم وتؤمن تمويلا لبلدان هي «بأمس الحاجة إليه». لكنها حذرت في المقابل بأن هذه الشراكات «يمكن أيضا أن تقود إلى تزايد في المديونية يطرح مشكلة (على الدول المعنية)، وأن تحد من نفقاتها الأخرى مع تزايد التكاليف المرتبطة بالديون».
وقالت: «في البلدان التي تواجه ديونا عامة مرتفعة أصلا، فإن التعامل مع شروط التمويل باحتراس أمر أساسي». ودعت لاغارد إلى استثمارات ذات طابع جماعي أكبر وإلى المزيد من الشفافية. وشددت على وجوب «التثبت من أن طريق الحرير لا تقود إلى حيث لا ينبغي».
وبالتزامن مع حديث لاغارد، قال البنك الدولي، ومقره واشنطن، في تقرير أمس إنه يتوقع أن يبلغ معدل نمو منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي النامية، والتي تضم الصين، 6.3 في المائة في 2018، بارتفاع طفيف من 6.2 في المائة في توقعات البنك الصادرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويقل النمو المتوقع لعام 2018 عن المعدل المسجل في العام الماضي البالغ 6.6 في المائة، ويعكس تباطؤا في الصين، في الوقت الذي تواصل فيه بكين إعادة التوازن لاقتصادها ليصبح أكثر اعتمادا على الاستهلاك المحلي بدلا من الاستثمار، مع تبني سياسات تركز بشكل أكبر على إبطاء التوسع في الائتمان وتحسين جودة النمو، بحسب البنك الدولي.
وسجل النمو في الصين عام 2017 وتيرة أسرع من المتوقع بلغت 6.9 في المائة، مما دفع البنك الدولي لتعديل توقعاته للنمو في العام الجاري بالرفع إلى 6.5 في المائة مقارنة مع تقديراته البالغة 6.4 في المائة في أكتوبر الماضي.
وقال سودهير شيتي، كبير الخبراء الاقتصاديين للمنطقة لدى البنك الدولي، إن التوقعات لم تضع في الاعتبار حربا تجارية محتملة بين أكبر اقتصادين في العالم، لكنه قال إنه لا يشعر بأن ذلك أمر وشيك.
وقال بعض المسؤولين الأميركيين والمحللين إنهم يعتقدون أن الخلاف قد يتم حله في نهاية المطاف عبر الحوار، لكن بكين أكدت أمس عدم إجراء أي محادثات رسمية.
غير أن شيتي أشار إلى أن ثلثي السلع الصينية المدرجة على قائمة أميركية تستهدف الولايات المتحدة زيادة الرسوم الجمركية المفروضة عليها، يجري تصنيعها في سلسلة توريد تمتد عبر أنحاء المنطقة خاصة في الفلبين وماليزيا وفيتنام.
وقال شيتي خلال مؤتمر صحافي إنه إذا فُرضت تلك الرسوم الجمركية على السلع التي يجري تجميعها في الصين، فإن الاقتصادات المرتبطة بسلسلة التوريد ستتأثر على نحو غير مباشر. وأضاف أن «ذلك أمر مهم يجب أن نقلق بشأنه لأن نجاح هذه المنطقة يرتكز على التجارة المفتوحة». ويتوقع البنك الدولي أن تنمو المنطقة بمعدل 6.1 في المائة في 2019. دون تغيير عن توقعاته السابقة، وبنسبة ستة في المائة في 2020.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )
خاص سقوط جدار برلين كَسر القواعد التي كانت تنظّم التنافس بين القوى القديمة (غيتي)

خاص فشل القوة وثلاثة إخفاقات عالمية

هُزمت الولايات المتحدة في الصومال والعراق، ثم في أفغانستان، وسرعان ما ظهرت الصين بوصفها المستفيد الأكبر من العولمة، التي كانت تُحرر نفسها من المجال الأميركي.

برتراند بادي

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.