ما خلاصة تصعيد الصواريخ الباليستية على السعودية؟

مناطق إطلاق الصواريخ التي استهدفت المملكة مسبقاً من الداخل اليمني (تحالف دعم الشرعية في اليمن)
مناطق إطلاق الصواريخ التي استهدفت المملكة مسبقاً من الداخل اليمني (تحالف دعم الشرعية في اليمن)
TT

ما خلاصة تصعيد الصواريخ الباليستية على السعودية؟

مناطق إطلاق الصواريخ التي استهدفت المملكة مسبقاً من الداخل اليمني (تحالف دعم الشرعية في اليمن)
مناطق إطلاق الصواريخ التي استهدفت المملكة مسبقاً من الداخل اليمني (تحالف دعم الشرعية في اليمن)

حين حل مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن، في العاصمة صنعاء، قابلته الميليشيات الانقلابية بحلاوة القول، والذهن في مسار آخر، هناك حيث طهران التي تصوغ الأمر، التي وجهت عن بعد أحجار الحوثي بمحاولة الهجوم على ناقلة نفط سعودية، لم يصبها الضرر الكبير واستمرت في قطع عباب البحار.
بينما استمرت الحيرة الأممية في فهم الذهنية التي تفكر بها ميليشيات الانقلاب، كيف تفتح نصف الباب للمبعوثين، وهي في برج ريادة الدمار تنظر.
ولتكون الصورة أشمل، مع كل نجاح ميداني في تقدم الشرعية لتحرير مواقع ومدن يمنية، ينظر الحوثي إلى أعلى محاولا تشتيت النظر عن الميدان.
بالأمس، صاروخ على الرياض، وصاروخ آخر على جازان، ومثيل له على نجران، جميعها اعترضتها قوات الدفاع الجوي الملكي السعودية، وطائرتان من دون طيار تحاولان استهداف مطار أبها (جنوب السعودية) تقعان من مسافتهما العالية. أدوات حرب حوثية تأتي على مسافة أيام من قمة عربية تستضيفها السعودية بمدينة الظهران (شرق البلاد) التي تتوسد ضفة الخليج العربي المواجه لإيران.
هل للقمة بمكانها فكرة انعقاد جديدة؟ وهل للحوثي بعبثياته أهداف يحاول تحقيقها؟
قمة عربية تظهر قوة سعودية، هكذا تؤكد بيانات الحضور وبرامج العمل ورمزية المكان، قمة عربية وعلى ضفة الخليج، وبالقرب من المدينة تمرين عسكري يحشد أكثر من 20 دولة تجتمع بقواتها البرية والبحرية والجوية والقوات الخاصة، تمرين «درع الخليج»، بحجم المشاركة ونوعية العتاد العسكري النوعي المتطور، والتقنيات المستخدمة في التمرين، يعد أحد أهم المناورات العسكرية التي تجري في المكان والزمان، حيث تشارك فيه أربع دول تصنف بأنها ضمن أقوى عشرة جيوش في العالم.
هكذا تبدو الصورة، لكن ماذا عن التصعيد بلغة الباليستي؟ يرى المحلل السياسي زهير العمري، أن الرياض تستضيف قمة المواجهة الفعلية لإيران، وأن ما يجري من تصعيد هو بسبب الإجماع الدولي على الحل السياسي، وأن شعور الحوثي بذلك يدفعهم لتغيير النظر في مسار الحل السلمي الذي سيفقدهم قوتهم ودعايتهم داخل اليمن.
وأشار العمري، متحدثا مع «الشرق الأوسط» إلى أن لجوء الحوثي إلى الصواريخ، هو محاولة لتحقيق بعض المكاسب لاستغلالها في الدعاية الإعلامية، بعد أن ألحق بهم الحزم السعودي على الحدود وقوات الشرعية في العمق اليمني، خسائر فادحة على مستوى العمل الاستراتيجي، وهو ما يثبت فقدانهم حلم السيطرة على الجمهورية اليمنية، في مواجهة دولية ترفض ذلك الانقلاب.
قصص الصواريخ الحوثية، ناتجة من الأفكار الإيرانية التي هربتها إيران إلى اليمن عبر موانئ، منها الحديدة، إذ كشف العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، عن تحوّل الميناء إلى نقطة التهريب الرئيسية للصواريخ الباليستية القادمة من الضاحية الجنوبية لبيروت، مرورا بسوريا ثم إيران؛ حيث يعاد إرسال الصواريخ عبر البحر.
ويرى مراقبون أن ميليشيا الانقلاب الحوثية ترسم بهذه التصرفات صورة عدم الجدية في التوصل إلى حلول سياسية تنهي العملية العسكرية.
كل ذلك أصبح في لوحات الذاكرة؛ خاصة أن السعودية تستطيع إنهاء الأمر وكسر طوق صنعاء خلال أيام، وهو ما أكده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، أول من أمس، في مؤتمره الصحافي مع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون: «إن التحالف بدعم من القوات الشرعية اليمنية على الأرض قادر على اجتياح العاصمة صنعاء؛ لكن خشية سقوط ضحايا مدنيين حالت دون الإقدام على مثل هذه الخطوة»، مضيفا: «نعرف أنه لو تم هذا الاجتياح سيكون هناك ضحايا كثيرون من المدنيين، ولكن سوف ينهي الصراع في أسبوع واحد، لذلك لا نقوم بهذا التصرف». وهذا فيه من الإشارات إلى أن إطالة أمد الأزمة، غطاء جديد للمساعي الإيرانية في عدد من الدول، بتركيز نقطة الضوء على كيان دون غيره، وإن ظل الحلم الحوثي هو امتلاك زمام الأمور في منافذ البحر الأحمر ومحيط باب المندب؛ لكنه يعاظم من حقيقة هدفهم إلى تحسين شروط التفاوض قبيل جولة جديدة من المشاورات، يجرى الإعداد لها في الوقت الراهن على أكثر من جبهة.
التحالف بقيادة السعودية أفقد إيران كثيراً من أدوات اللعبة، ودمر كثيراً مما كانوا يعدون العدة له، بمواجهة المشروع الإيراني الحالم بتطويق المنطقة، ولم يعد بيد الحوثي أي محاولة للمغامرة في المجالات السياسية أو العسكرية، هكذا الرياض وبقية المدن السعودية على طبيعة أعمالها، وهي في الوقت ذاته ستحتضن قمة العرب، وبجوارها موقع لصياغة رسائل القوة بأفعالها.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».