وزير الخارجية التركي يدعو إلى «إبعاد الأسد بسرعة»

أنقرة تأمل «وقف المبارزة على جثث السوريين»

TT

وزير الخارجية التركي يدعو إلى «إبعاد الأسد بسرعة»

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه بات من الضروري إبعاد نظام الأسد عن هرم السلطة في سوريا.
وأضاف جاويش أوغلو في مؤتمر في أنقرة أمس، أن نظام بشار الأسد لم يستخدم الأسلحة الكيماوية للمرة الأولى، بل قتل قرابة مليون شخص باستخدام أسلحة تقليدية وأخرى محرمة دولياً.
وتابع: «هذا الشخص (بشار الأسد) قتل نحو مليون مواطن سوري بواسطة الأسلحة التقليدية والأسلحة الكيماوية، ويجب تنحيته عن سلطة البلاد بسرعة، والانتقال إلى مرحلة الحل السياسي».
وبشأن الضربة الأميركية المحتملة ضد النظام السوري، قال جاويش أوغلو: «سننتظر ونرى ما إن كانت الضربة ستُنفّذ أم لا».
وكان الرئيس الأميركي تحدث في تغريدات على «تويتر» عن إطلاق صواريخ تستهدف النظام السوري قائلا إن روسيا تعهدت بإسقاط أي صواريخ يتم إطلاقها على سوريا، داعيا موسكو إلى الاستعداد لمواجهة الصواريخ الأميركية.
وفيما يبدو أنه استنكار للموقفين الأميركي والروسي في سوريا، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن تهدد بعضها البعض عبر «تويتر»، فهل سيتفرج العالم والمنطقة على مشاحناتكم، وعلى سقوط ملايين الضحايا؟ وأضاف يلدريم، متسائلا خلال مؤتمر في أنقرة أمس، عمّا إذا كان العالم والمنطقة سيتفرجان على مشاحنات تلك الدول، قائلا إن الوقت غير مناسب للمبارزات واستعراض القوة، بل على الجميع التكاتف وإيلاء الأهمية لتضميد جراح المنطقة.
وتابع: «علينا جميعا الابتعاد عن المبارزة واستعراض القوة، ويجب أن نوحد قوانا للقضاء على التنظيمات الإرهابية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية والعراقية».
في سياق آخر، استبعد جاويش أوغلو إمكانية تسليم منطقة عفرين بشمال سوريا إلى النظام السوري بعد انتهاء عملية «غصن الزيتون» التركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية، مشيراً إلى أن «هذه المنطقة لا يجوز تسليمها للنظام، وقال إن الوضع في البلاد مثير للدهشة، حيث تبيع الأطراف المتحاربة أسلحة لبعضها البعض، وفي ظل مثل هذه الفوضى لا يمكن الحديث عن تسليم أي شيء لأحد.
وعن دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تركيا إلى إعادة منطقة عفرين إلى النظام السوري، قال جاويش أوغلو إنه «يجب التأكد من السياق الذي جاء فيه هذا التصريح».
من جانبه، شدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على عزم بلاده على مواجهة «القوى والتنظيمات الساعية لتدمير سوريا»، وقال خلال لقائه منسقي وكالة التعاون والتنسيق التركية التابعة لمجلس الوزراء التركي بمقر رئاسة الجمهورية في أنقرة، إن بلاده مصممة على المساهمة في إعادة بناء سوريا وتحقيق صعودها، ومواجهة القوى والتنظيمات الساعية لتدميرها.
وتابع: «للأسف وجدنا بجانبنا أصدقاء قليلين في الحرب التي نخوضها ضد الإرهاب؛ حتى أننا رأينا وقوف قسم مهم من الدول التي تتحدث عن الديمقراطية والحرية إلى جانب الإرهاب لأن مصالحها تقتضي ذلك».
في سياق متصل، قال عبد الله أياز نائب مدير عام دائرة الهجرة في وزارة الداخلية التركية، إنّ أكثر من 162 ألف لاجئ سوري، عادوا إلى المناطق التي تم تطهيرها في إطار عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون.
وأضاف أن عودة السوريين إلى بلادهم، ستتسارع، مشيراً إلى وجود 3 ملايين و567 ألف لاجئ سوري داخل الأراضي التركية حالياً.
ولفت المسؤول التركي إلى أن وزارة الداخلية التركية تبذل جهودا مضاعفة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في منطقة عفرين، وتعمل من أجل توفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين إلى ديارهم.
في سياق موازٍ، عبرت 26 شاحنة تابعة للأمم المتحدة الحدود التركية إلى الجانب السوري من معبر جيلوة جوزو في قضاء ريحانلي بولاية هطاي جنوبي تركيا، وسيتم توزيع المساعدات الإنسانية التي تحملها القافلة، على المحتاجين في إدلب وريفها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.