أثار تأخر رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، مخاوف كبيرة لدى موظفي القطاع من قطع رواتبهم نهائياً ضمن إجراءات كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعلن نيته اتخاذها ضد حركة «حماس» بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله في غزة الشهر الماضي.
واشتكى موظفو السلطة الفلسطينية في غزة من عدم صرف رواتبهم أسوة بموظفي الضفة الغربية الذين تسلموها كاملة الاثنين الماضي. وقال موظفون من غزة لـ«الشرق الأوسط» إنهم لم يتلقوا أي رواتب حتى ساعات مساء أمس، ولا يعرفون لماذا. ولم تعلّق وزارة المالية حول مصير رواتب موظفي القطاع. ولكن اتضح لاحقاً وبعد كثير من الجدل أن وزارة المالية حوّلت إلى البنوك في غزة كشوف رواتب الموظفين العسكريين المتقاعدين فقط، وهو ما رفع من مستوى القلق لدى بقية الموظفين.
ويخشى موظفو القطاع أن يدفعوا ثمن الخلاف السياسي بين السلطة و«حماس» بعدما لمح مسؤولون فلسطينيون إلى أن عباس قد يقطع فعلاً الرواتب عن القطاع. وأعلن الرئيس الفلسطيني في 19 مارس (آذار) الماضي، أنه قرر اتخاذ قرارات قانونية ومالية ضد قطاع غزة من أجل الحفاظ على «المشروع الوطني»، دون أن يقدّم إيضاحات حول طبيعة القرارات التي سيتخذها. لكنه زاد متمنياً أن يتفهم أهالي القطاع أسباب قراراته. وكان عباس ينوي إعلان قطاع غزة إقليماً متمرداً لكن ضغوطاً مصرية حالت دون ذلك، وسط توقعات بأن تكون القاهرة تعمل من أجل الوصول إلى اتفاق مع «حماس» على تسليم غزة للسلطة الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة ستبدأ تدريجياً باتخاذ خطوات ضد القطاع حتى تستجيب «حماس» لطلب تسليم الحكومة كل الصلاحيات في غزة. وقد تبدأ السلطة بوقف الرواتب، ثم وقف أي حوالات مالية، ثم اتخاذ قرارات تتعلق بالماء والكهرباء، وصولاً إلى إعلان القطاع إقليماً متمرداً. ويبدو أن تأخير تحويل الرواتب إلى القطاع جاء في انتظار الحصول على رد من مصر حول جهودها مع «حماس». ولكن أغلب الظن أن السلطة ستبدأ بإحالة آلاف الموظفين في غزة إلى التقاعد، في حال لم تنجح جهود الوساطة المصرية في تقريب شُقة الخلاف بين السلطة و«حماس».
ولم تعلّق «حماس» رسمياً على تأخير صرف رواتب موظفي غزة، لكنها أبدت تحدياً للسلطة. وقال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، إنه لا أحد يستطيع «تركيع غزة». وأكد أن «حماس» لن تسلم سلاحها أو أنفاقها، وأنها «لن تسير في ركب المنسّقين أمنياً»، وهو ما فُسّر في رام الله على أنه إعلان غير رسمي لرفض تسليم القطاع للحكومة.
وكتب عبد اللطيف القانوع الناطق باسم الحركة، عبر حسابه في «فيسبوك»: «واهم من يظن أن غزة ستنهار، فمزيد من الخناق لا يولّد إلا الانفجار وليس الانهيار، والحراك الشعبي هو سيد نفسه وسيقرر طبيعة الأيام القادمة مع الاحتلال ومحاصري شعبنا».
ورفض النائب في المجلس التشريعي جمال الخضري (وهو رئيس «اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار»)، المساس برواتب الموظفين في غزة، وقال إنه «غير قانوني». وأضاف: «التفريق بين الموظفين على أساس الانتماء أو مكان السكن خطير، وهو تمييز يهدد النسيج الاجتماعي». وناشد جميع المسؤولين صرف رواتب الموظفين كاملة دون أي اقتطاع وفي أسرع وقت.
ويرى مراقبون أن الضغط الذي بدأه عباس سيؤدي في نهاية الأمر إلى نتائج لكن ليس بالضرورة نحو تسليم القطاع، وأن ثمة خيارات أخرى. وقال المحلل السياسي حسام الدجني، إن خيارات غزة عقب انقطاع الرواتب كاملة هي الصمت والتكيّف، أو الانفجار في وجه إسرائيل، أو الانفجار في وجه حركة «حماس». وأضاف: «المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز فرص دعم الخيار الثالث»، متوقعاً أن يتم إدخال شرائح جديدة في دائرة العقوبات.
تأخر رواتب غزة يثير مخاوف من بدء «عقوبات» هدد عباس بفرضها
على خلفية محاولة اغتيال الحمد الله
تأخر رواتب غزة يثير مخاوف من بدء «عقوبات» هدد عباس بفرضها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة