تأخر رواتب غزة يثير مخاوف من بدء «عقوبات» هدد عباس بفرضها

على خلفية محاولة اغتيال الحمد الله

فلسطينيون خلال احتجاج أمام مقر الصليب الأحمر في الخليل للمطالبة بالإفراج عن سامي الجنازرة المحتجز لدى إسرائيل منذ ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
فلسطينيون خلال احتجاج أمام مقر الصليب الأحمر في الخليل للمطالبة بالإفراج عن سامي الجنازرة المحتجز لدى إسرائيل منذ ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

تأخر رواتب غزة يثير مخاوف من بدء «عقوبات» هدد عباس بفرضها

فلسطينيون خلال احتجاج أمام مقر الصليب الأحمر في الخليل للمطالبة بالإفراج عن سامي الجنازرة المحتجز لدى إسرائيل منذ ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
فلسطينيون خلال احتجاج أمام مقر الصليب الأحمر في الخليل للمطالبة بالإفراج عن سامي الجنازرة المحتجز لدى إسرائيل منذ ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

أثار تأخر رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، مخاوف كبيرة لدى موظفي القطاع من قطع رواتبهم نهائياً ضمن إجراءات كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعلن نيته اتخاذها ضد حركة «حماس» بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله في غزة الشهر الماضي.
واشتكى موظفو السلطة الفلسطينية في غزة من عدم صرف رواتبهم أسوة بموظفي الضفة الغربية الذين تسلموها كاملة الاثنين الماضي. وقال موظفون من غزة لـ«الشرق الأوسط» إنهم لم يتلقوا أي رواتب حتى ساعات مساء أمس، ولا يعرفون لماذا. ولم تعلّق وزارة المالية حول مصير رواتب موظفي القطاع. ولكن اتضح لاحقاً وبعد كثير من الجدل أن وزارة المالية حوّلت إلى البنوك في غزة كشوف رواتب الموظفين العسكريين المتقاعدين فقط، وهو ما رفع من مستوى القلق لدى بقية الموظفين.
ويخشى موظفو القطاع أن يدفعوا ثمن الخلاف السياسي بين السلطة و«حماس» بعدما لمح مسؤولون فلسطينيون إلى أن عباس قد يقطع فعلاً الرواتب عن القطاع. وأعلن الرئيس الفلسطيني في 19 مارس (آذار) الماضي، أنه قرر اتخاذ قرارات قانونية ومالية ضد قطاع غزة من أجل الحفاظ على «المشروع الوطني»، دون أن يقدّم إيضاحات حول طبيعة القرارات التي سيتخذها. لكنه زاد متمنياً أن يتفهم أهالي القطاع أسباب قراراته. وكان عباس ينوي إعلان قطاع غزة إقليماً متمرداً لكن ضغوطاً مصرية حالت دون ذلك، وسط توقعات بأن تكون القاهرة تعمل من أجل الوصول إلى اتفاق مع «حماس» على تسليم غزة للسلطة الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة ستبدأ تدريجياً باتخاذ خطوات ضد القطاع حتى تستجيب «حماس» لطلب تسليم الحكومة كل الصلاحيات في غزة. وقد تبدأ السلطة بوقف الرواتب، ثم وقف أي حوالات مالية، ثم اتخاذ قرارات تتعلق بالماء والكهرباء، وصولاً إلى إعلان القطاع إقليماً متمرداً. ويبدو أن تأخير تحويل الرواتب إلى القطاع جاء في انتظار الحصول على رد من مصر حول جهودها مع «حماس». ولكن أغلب الظن أن السلطة ستبدأ بإحالة آلاف الموظفين في غزة إلى التقاعد، في حال لم تنجح جهود الوساطة المصرية في تقريب شُقة الخلاف بين السلطة و«حماس».
ولم تعلّق «حماس» رسمياً على تأخير صرف رواتب موظفي غزة، لكنها أبدت تحدياً للسلطة. وقال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، إنه لا أحد يستطيع «تركيع غزة». وأكد أن «حماس» لن تسلم سلاحها أو أنفاقها، وأنها «لن تسير في ركب المنسّقين أمنياً»، وهو ما فُسّر في رام الله على أنه إعلان غير رسمي لرفض تسليم القطاع للحكومة.
وكتب عبد اللطيف القانوع الناطق باسم الحركة، عبر حسابه في «فيسبوك»: «واهم من يظن أن غزة ستنهار، فمزيد من الخناق لا يولّد إلا الانفجار وليس الانهيار، والحراك الشعبي هو سيد نفسه وسيقرر طبيعة الأيام القادمة مع الاحتلال ومحاصري شعبنا».
ورفض النائب في المجلس التشريعي جمال الخضري (وهو رئيس «اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار»)، المساس برواتب الموظفين في غزة، وقال إنه «غير قانوني». وأضاف: «التفريق بين الموظفين على أساس الانتماء أو مكان السكن خطير، وهو تمييز يهدد النسيج الاجتماعي». وناشد جميع المسؤولين صرف رواتب الموظفين كاملة دون أي اقتطاع وفي أسرع وقت.
ويرى مراقبون أن الضغط الذي بدأه عباس سيؤدي في نهاية الأمر إلى نتائج لكن ليس بالضرورة نحو تسليم القطاع، وأن ثمة خيارات أخرى. وقال المحلل السياسي حسام الدجني، إن خيارات غزة عقب انقطاع الرواتب كاملة هي الصمت والتكيّف، أو الانفجار في وجه إسرائيل، أو الانفجار في وجه حركة «حماس». وأضاف: «المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز فرص دعم الخيار الثالث»، متوقعاً أن يتم إدخال شرائح جديدة في دائرة العقوبات.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».