الانتخابات تعيد المواجهة بين الزعامتين «الجنبلاطية» و«الأرسلانية»

التوافق والخلاف يخيم على علاقة وليد جنبلاط وطلال أرسلان منذ سنوات («الشرق الأوسط»)
التوافق والخلاف يخيم على علاقة وليد جنبلاط وطلال أرسلان منذ سنوات («الشرق الأوسط»)
TT

الانتخابات تعيد المواجهة بين الزعامتين «الجنبلاطية» و«الأرسلانية»

التوافق والخلاف يخيم على علاقة وليد جنبلاط وطلال أرسلان منذ سنوات («الشرق الأوسط»)
التوافق والخلاف يخيم على علاقة وليد جنبلاط وطلال أرسلان منذ سنوات («الشرق الأوسط»)

أعادت الانتخابات النيابية المواجهة السياسية في الجبل بين الزعامتين الدرزيتين: الجنبلاطية المتمثلة برئيس «الحزب الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، و«الأرسلانية» عبر رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين طلال أرسلان، بحيث وصلت إلى حد شن أرسلان هجوماً على جنبلاط، واتهامه باحتكار قرار الطائفة، ليأتيه رد الأخير بالقول: «لا داعي للدخول في مساجلة مع أمير الوعظ والبلاغة والحكم.. أنتم، كما قال جبران، في النور المظلم، ونحن في العتمة المنيرة».
كانت المباحثات الانتخابية بين الطرفين في دائرة الشوف - عاليه قد وصلت إلى حائط مسدود، وفرضت المواجهة عبر تحالف جنبلاط مع «تيار المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية»، وتحالف أرسلان مع «التيار الوطني الحر»، معلناً أن حزبه سينضم إلى كتلة «الوطني الحر» في مجلس النواب.
ورغم تأكيد أرسلان، في رسالته التي وجّهها إلى جنبلاط أول من أمس عبر وسائل الإعلام، أنه لم يتلق أي طرح من رئيس الحزب الاشتراكي للتحالف الانتخابي، أكدت مصادر مطلعة على المفاوضات أنه «كان هناك عرض انتخابي من قبل النائب جنبلاط لأرسلان، يقضي بإعطائه مرشحاً عن المقعد الأرثوذوكسي في دائرة عاليه، وهو النائب السابق مروان أبو فاضل، سعياً للتهدئة، وتشكيل ائتلاف من دون حصول أي مناكفات أو تشنجات انتخابية، إلا أن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني قابله بالرفض، وذهب إلى التيار الوطني الحر وتحالف معه، رغم استبعاد (التيار) لأبي فاضل مرشحاً بدلاً عنه إلياس حنا».
وفشل محاولات التحالف فتح الباب أمام المواجهة الانتخابية بين الزعامتين، وترافق مع حصول توترات وإشكالات في أكثر من منطقة في عاليه، حيث تعمل الأجهزة الأمنية المختصة في كل مرة على معالجتها، وسط تبادل اتهامات بين الطرفين، ما أدى إلى تعميم من قبل رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لمحازبيه ومناصريه، يقضي بوقف كل المواكب السيارة ورفع الأعلام وإطلاق الأناشيد الحماسية، كي لا يعطى الخصم أي فرصة تصب لصالحه، كذلك الحرص على عدم حصول أي توترات وخلافات، على الرغم من الاستفزازات التي طاولت محازبيه ومناصرين في الأيام الماضية.
مع العلم أن جنبلاط، وفي تقليد سياسي وانتخابي درج عليه، ترك المقعد الدرزي الثاني في عاليه شاغراً للنائب أرسلان، لكن ذلك لن يحول دون توقع مواجهة انتخابية فاصلة بين «الجنبلاطيين» و«الأرسلانيين» وحليف رئيس الحزب الديمقراطي (التيار الوطني الحر)، حيث أن العلاقة بين التيار والنائب جنبلاط في أسوأ مراحلها، وهو الوضع الذي لم يتغير منذ عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من المنفى الباريسي، ومنع بذلك أي تحالف سياسي أو انتخابي بينهما.
ورغم أن الصورة في دائرة عاليه - الشوف تبدو متوترة انتخابياً، فإن الأمن لا يزال ممسوكاً، حيث تلفت المصادر عينها إلى أن «ما يجري أمر طبيعي في الانتخابات، وذلك ما كان يحدث منذ حقبة الستينات والسبعينات، بل أكثر من اليوم بكثير، وإنما في هذه المرحلة ثمة ظروف مفصلية يجتازها لبنان والمنطقة وأوضاع سياسية صعبة في ظل الانقسامات الحاصلة، ما يستوجب التنبّه واليقظة والحرص على الاستقرار الأمني والاقتصادي في آن».
من هنا، ستكون المعركة في عاليه - الشوف بين 7 لوائح، هي: لائحة «جنبلاط - المستقبل - القوات»، ولائحة «أرسلان وحليفه التيار الوطني الحر والقومي السوري الاجتماعي»، وهي المدعومة من «حزب الله»، و«لائحة للوزير السابق وئام وهاب»، ولائحة غير مكتملة جمعت حزبي الكتائب والوطنيين الأحرار، إضافة إلى لائحتين للمجتمع المدني، وهو ما يؤشر على معركة انتخابية مغايرة عن السنوات السابقة، خصوصاً في ظل الاصطفافات السياسية الراهنة، حيث الانقسام العامودي واضحاً. وهنا، تتوقع المصادر أن يحصل فرز سياسي جديد، على ضوء ما ستسفر عنه الانتخابات المقبلة التي ستجرى وفق قانون انتخابي جديد أدى إلى مواجهات موضعية في ما بين الحلفاء في دوائر عدة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.