مواطنون في الموصل: المسلحون أعادوا مدينتنا مئات السنين إلى الوراء

أحدهم يخشى أن «تنعكس الآثار السلبية على مستقبل أجيال قادمة»

مواطنون في الموصل: المسلحون أعادوا مدينتنا مئات السنين إلى الوراء
TT

مواطنون في الموصل: المسلحون أعادوا مدينتنا مئات السنين إلى الوراء

مواطنون في الموصل: المسلحون أعادوا مدينتنا مئات السنين إلى الوراء

يشعر سكان في الموصل أن مدينتهم عادت في ظرف أسبوعين فقط مئات السنين إلى الوراء بعدما أحكم مسلحون ينتمون إلى «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وتنظيمات أخرى سيطرتهم على ثاني أكبر مدن العراق وفرضوا عليها قوانين متشددة.
وسقطت المدينة التاريخية التي عرفت قبل اجتياح عام 2003 بمواقعها السياحية، وبعده بأعمال العنف التي لم تتوقف فيها، خلال ساعات قليلة من فجر الثلاثاء العاشر من الشهر الحالي بيد المسلحين بعدما غادرتها فجأة القوات الحكومية تاركة خلفها أعتدة وآليات وملابس، والمدينة لمصيرها.
وقالت أم محمد (35 سنة) التي تعمل مدرسة في إحدى مدارس الموصل، في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية: «نعيش في خوف مستمر من التعرض لضغوط جديدة. نخاف أن نحرم من العمل والمساهمة في بناء المجتمع». وأضافت: «هؤلاء المسلحون سيعيدوننا وبلادنا مئات السنين إلى الوراء، وقوانينهم تتعارض مع قوانين حقوق الإنسان والقوانين الدولية».
وما إن أحكم المسلحون سيطرتهم على الموصل التي تسكنها غالبية سنية حتى أصدروا بيانا عمموه على سكانها البالغ عددهم نحو مليوني نسمة والذين فر مئات الآلاف منهم بسبب أعمال العنف، أطلقوا عليه اسم «وثيقة المدينة» وأعلنوا فيه عن قوانين متشددة. وتحرم هذه الوثيقة التي تتضمن 16 نقطة «الاتجار والتعاطي بالخمور والمخدرات والدخان وسائر المحرمات»، وتمنع «المجالس والتجمعات والرايات بشتى العناوين وحمل السلاح» وتؤكد على ضرورة هدم «المراقد الشركية والمزارات الوثنية».
وتفرض الوثيقة على النساء «الحشمة والستر والجلباب الفضفاض»، إلى جانب ملازمة المنزل «وترك الخروج إلا لحاجة»، وتدعو في الوقت ذاته السكان إلى أن «ينعموا في حكم إسلامي» في ظل «حقبة الدولة الإسلامية وعهد الإمام أبي بكر القرشي»، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية.
كما وزع هؤلاء المسلحون وثيقة على المساجد تفرض «عدم نشر وإذاعة أي بيان غير صادر عن دولة الإسلام في العراق والشام» وكذلك عدم «رفع أي راية سوى راية دولة الإسلام وبأي شكل من الأشكال»، معلنة عن مسجد يجري فيه قبول «توبة المرتدين».
وبحسب سكان في المدينة، فإن تنظيم الدولة الإسلامية عين مسؤولا لكل منطقة، يهتم أولا مع مجموعة من مساعديه بإجراء مسح لسكان منطقته. وقال أحد السكان الذين فروا من الموصل: «اتصل بي جيراني وقالوا لي إن مسلحين جاءوا لتفقد المنازل الفارغة في المنطقة ومعرفة لمن تعود وسألوا عن منزلي وعن طائفتي وعن رقم هاتفي». وتابع: «تركوا رسالة مفادها أنه إذا أردت العودة إلى منزلي، فعلي التبرؤ من الشيعة، والرجوع إلى المنزل خلال يومين، وبخلاف ذلك، فإنهم سيحرقونه».
وينتشر المسلحون في عموم مدينة الموصل، بعضهم يسيرون على أقدامهم، وآخرون يتنقلون بسيارات مدنية أو عسكرية استولوا عليها بعد انسحاب الجيش من المدينة، وباتت ترفع رايات سوداء هي رايات «الدولة الإسلامية في العراق والشام». ويرتدي بعض هؤلاء المسلحين ملابس مدنية، بينما يرتدي آخرون زيا عسكريا أو ملابس سوداء، ومنهم من يضعون أقنعة على وجوههم، ويحملون جميعهم أسلحة مختلفة بينها بندقية الكلاشنيكوف والمسدسات.
وعلى مدى الأيام الماضية قام المسلحون برفع تماثيل من مناطق متفرقة، بينها تماثيل كانت موضوعة أمام كنيسة وتمثال الشاعر والقارئ ملا عثمان الموصلي في غرب المدينة، وتمثال الشاعر أبي تمام وتمثال بائع شراب عرق السوس وتمثال المرأة الموصلية في وسطها.
وذكر سكان في الموصل أن التماثيل رفعت من مكانها ونقلت إلى مكان مجهول ولم يعرف مصيرها.
وقال أحد المسيحيين القلائل الذين بقوا في الموصل: «رفعوا تمثال مريم العذراء الذي كان عند باب الكنيسة، وحطموه، ورحلوا». وأضاف: «لم نتلق أي تهديد من أي جهة حتى الآن. سنبقى هنا لأننا لم نغادر مدينتنا عندما حدثت موجة العنف بعد الاجتياح الأميركي، وحتى في الأعوام التي أعقبتها. لن نغادر منازلنا ومدينتنا حتى لو ذبحونا».
ورغم عودة الدوائر الخدمية مثل الماء والكهرباء والصحة إلى العمل، بقيت المدينة تعاني نقصا كبيرا في الكهرباء والوقود؛ إذ ينتظر المئات لساعات بسياراتهم أمام المحطات، بينما تواصل المدارس والجامعات إغلاق أبوابها وتتجنب القيام بأي نشاطات.
وقال أبو علي (40 سنة) إن سكان الموصل يرفضون «الاستبدال بتضييق القوات الأمنية العراقية التي أرهقتنا طيلة السنوات الماضية، تضييقا من أنواع أخرى يفرض علينا أسلوب حياة جديد لا يتناسب وبيئتنا التي اعتدناها». وأضاف أبو علي، وهو أحد سكان المدينة: «ستنعكس الآثار السلبية لهذا التحول على مستقبل أجيال قادمة».



اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
TT

اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)

شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن خلال الأيام الماضية سلسلة من اللقاءات الحكومية مع ممثلي عدد من المنظمات الأممية والدولية، في إطار مساعٍ لتعزيز التنسيق وتوحيد الجهود الإنسانية والتنموية، بما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسكان في ظل تصاعد انتهاكات الجماعة الحوثية التي عطَّلت أعمال عديد من الوكالات الدولية.

ضمن هذه اللقاءات، بحث نائب وزير الخارجية مصطفى نعمان، مع ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في اليمن، آدم ياو، آليات عمل المنظمة وأهمية تدخلاتها في مجالات الأمن الغذائي والتنمية الزراعية وتحسين سبل المعيشة في المناطق الريفية.

وأشاد نعمان بجهود «فاو» ومشاريعها الداعمة لقطاعي الزراعة والري، مؤكداً حرص الحكومة على تسهيل عملها وتمكينها من تنفيذ برامجها الإنسانية والتنموية بما يسهم في دعم الاستقرار المعيشي.

من جانبه، عبّر ممثل المنظمة عن تقديره لتعاون الحكومة اليمنية، مؤكداً التزام «فاو» بمواصلة تقديم الدعم الفني والإنساني للشعب اليمني، رغم التحديات الميدانية القائمة. وفق ما نقله الإعلام الرسمي اليمني.

في لقاء آخر، ناقش نعمان مع نائب مدير بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، ماري ياماشيتا، نشاط البعثة وسبل تطوير أدائها وفقاً لتفويضها الأممي.

جانب من اجتماع نائب وزير الخارجية اليمني مع ممثلي المنظمات الدولية (إكس)

وأكد نعمان ضرورة تعزيز التنسيق بين الحكومة والبعثة، لرفع فاعلية أدائها وتحقيق أهدافها، مرحِّباً بخطوة نقل مقرات البعثات والمنظمات الأممية إلى العاصمة المؤقتة عدن لما تمثله من أهمية في تسهيل مهامها وضمان التواصل المباشر مع الحكومة الشرعية.

ونسب الإعلام الرسمي إلى ياماشيتا أنها أعربت عن تقديرها لتعاون الحكومة اليمنية وتفهمها لطبيعة عمل البعثة، مشيرةً إلى أن الأمم المتحدة بصدد مراجعة مهامها في الحديدة بما يتناسب مع المستجدات الإقليمية والدولية.

اجتماع موسع

في سياق التحرك الحكومي اليمني، عقد نائب وزير الخارجية اجتماعاً موسعاً مع ممثلي المنظمات الدولية العاملة في عدن، لمناقشة أوجه التعاون المشترك وسبل تعزيز التنسيق مع الحكومة لضمان تنفيذ البرامج الإنسانية والتنموية بكفاءة وشفافية.

ورحب نائب الوزير بممثلي المنظمات، مشيداً بجهودها في التخفيف من معاناة اليمنيين جراء الحرب، ومؤكداً التزام الحكومة بتهيئة الظروف المناسبة لعملها.

وأعرب عن تقدير الحكومة للمنظمات التي نقلت مقراتها الرئيسية إلى عدن، معتبراً ذلك خطوة تؤكد التزامها بالتعامل مع الحكومة الشرعية وتعزيز حضور مؤسسات الدولة.

وشدد نعمان على أهمية التنسيق الدائم بين وزارة الخارجية في بلاده والمنظمات الدولية لتجاوز التحديات الميدانية، وضمان وصول المساعدات إلى المستحقين في جميع المحافظات وفقاً لأولويات الاحتياج الإنساني.

في المقابل، عبّر ممثلو المنظمات عن شكرهم لوزارة الخارجية على تسهيل إجراءات عملهم، مؤكدين حرصهم على توسيع نطاق أنشطتهم وتعزيز الشراكة مع الحكومة لدعم جهود الإغاثة والاستقرار. حسبما نقلت وكالة «سبأ» الحكومية.

كان نعمان قد التقى نائب مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، سعيد حرسي، لبحث سبل تطوير التعاون وتعزيز الدعم الإنساني المقدم للشعب اليمني.

وأكد المسؤول اليمني أهمية إعداد خطة شاملة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية والتنموية، والعمل على سد الفجوة التمويلية التي تسببت في تقليص عدد المستفيدين من برامج الأمم المتحدة.

وشدد نعمان على ضرورة اعتماد آليات رقابة شفافة تضمن وصول المساعدات إلى المستفيدين الحقيقيين، وتعزيز التنسيق المستمر بين الحكومة ومكتب «أوتشا» لضمان فاعلية البرامج الإنسانية وكفاءتها.


تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
TT

تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)

كثّف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ورئيس الوزراء سالم بن بريك من نشاطهما في العاصمة السعودية الرياض، ضمن جهود تستهدف توسيع الدعم الدولي لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار، والتحضير لعقد مؤتمري «المانحين للصحة» و«الطاقة الوطني الأول» خلال الشهر الحالي.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن رئيس الوزراء بن بريك بحث مع سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن عبدة شريف مستجدات التعاون الثنائي، وتطورات الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، إلى جانب التحضيرات الجارية لمؤتمري «الصحة» و«الطاقة»، اللذين تراهن عليهما الحكومة لحشد التمويل الدولي للقطاعين الحيويين.

ووفق المصادر، تناول اللقاء مسار الإصلاحات المالية والإدارية التي تنفذها الحكومة بدعم من شركائها الدوليين، ونتائجها المتوقعة في تحسين الأداء الحكومي وتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن حرب ميليشيات الحوثي.

رئيس الحكومة اليمنية سالم بن بريك مع السفيرة البريطانية عبدة شريف (سبأ)

وشدد بن بريك على أن الحكومة ماضية في تنفيذ إصلاحات شاملة لرفع كفاءة مؤسسات الدولة، وضبط العلاقة بين السلطات المركزية والمحلية، مؤكداً أهمية الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي لدعم خطط التعافي الاقتصادي، وتمكين الحكومة من القيام بواجباتها تجاه المواطنين.

وأوضح رئيس الوزراء أن مؤتمر المانحين للصحة سيكون محطة محورية لتنسيق الجهود الوطنية والدولية، وحشد الموارد لإعادة تأهيل المرافق الصحية وتطوير الكوادر، في حين يُشكل مؤتمر الطاقة الوطني الأول خطوة نوعية لإصلاح هذا القطاع الحيوي، وتحقيق أمن الطاقة واستدامتها، بدعم من السعودية والإمارات.

من جهتها، أكدت السفيرة البريطانية دعم بلادها للحكومة اليمنية في مسار الإصلاحات وتحسين الخدمات، مشيدة بتوجهها لعقد مؤتمرات نوعية تضع حلولاً عملية للتحديات التنموية.

شراكة ألمانية ودعم فرنسي

في لقاء منفصل، استقبل بن بريك سفير ألمانيا الاتحادية توماس شنايدر؛ حيث جرى بحث العلاقات الثنائية وآفاق التعاون في مجالات الإغاثة والتنمية والإصلاح الاقتصادي.

وأشاد رئيس الوزراء بالدعم الألماني المتواصل لليمن، مؤكداً أن حكومته تمضي في تنفيذ خطة الإصلاحات الشاملة التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي، بهدف تصحيح مسار المالية العامة، وتحسين إدارة الموارد، واستعادة الثقة بالاقتصاد الوطني.

ونقل السفير الألماني تحيات المستشار فريدريش ميرتس، مؤكداً أن بلاده تتابع باهتمام التطورات الاقتصادية في اليمن، وستواصل دعمها للحكومة ضمن أولوياتها الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات.

تلاميذ يمنيون في مدرسة الرباط الغربي الحكومية في لحج الواقعة بين مدينتي تعز وعدن (أ.ف.ب)

من جهته، التقى العليمي سفيرة فرنسا لدى اليمن، كاترين قرم كمّون، وبحث معها مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية والدعم الفرنسي لبرامج الإصلاحات.

وأعرب العليمي عن تقديره لدور فرنسا في دعم أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ومساندة المسار الإنساني والإغاثي، ومواقفها في مجلس الأمن الداعمة لليمن.

وناقش اللقاء -حسب الإعلام الرسمي- البرامج الحكومية لتعزيز التعافي وتحسين الخدمات ودفع الرواتب وتثبيت مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن.

وأشاد العليمي بالموقف السعودي في دعم الموازنة العامة ومساعدة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، مشيراً إلى أن مجلس القيادة ماضٍ في مسار السلام الشامل والمستدام وفق المرجعيات المعترف بها، مع إنهاء التدخلات الإيرانية التي عمّقت الأزمة الإنسانية.

السفيرة الفرنسية أكّدت من جانبها التزام باريس بدعم الحكومة اليمنية وجهود تحقيق السلام وأمن الملاحة، وتعزيز التعاون في الملفات الاقتصادية والإنسانية. وفق ما ذكرته وكالة «سبأ» الحكومية.

تعاون صيني

في سياق التحركات اليمنية، استقبل رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي القائم بأعمال السفارة الصينية شاو تشنغ، وبحث معه سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية.

وأكد العليمي اعتزاز اليمن بعلاقات الصداقة مع الصين ودعمها المتواصل، مشيراً إلى أهمية التنسيق لردع التهديدات المشتركة، خصوصاً تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في الرياض القائم بأعمال السفير الصيني (سبأ)

وتطرّق اللقاء إلى تقرير فريق الخبراء الأممي بشأن تصاعد عمليات التهريب للجماعة الحوثية، وأهمية التعاون في مشروعات الطاقة والمواني وتطوير قدرات خفر السواحل لحماية الملاحة الدولية.

القائم بالأعمال الصيني -حسب الإعلام الرسمي- جدّد دعم بلاده لمجلس القيادة والحكومة اليمنية، واستعدادها لتوسيع الشراكة الاقتصادية والتنموية في مختلف القطاعات.

وتعكس هذه اللقاءات حراكاً يمنياً يهدف إلى توسيع قاعدة الدعم الدولي لجهود الإصلاح الاقتصادي وتثبيت الاستقرار، في ظل تحديات معقدة فرضتها الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية واستمرار تهديداتها للأمن الإقليمي والدولي.


الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)

كثفت الجماعة الحوثية أنشطتها لتحسين قدرات موانئ الحديدة وتأهيلها لاستقبال السفن التجارية، مستحدثة أرصفة تُمكّنها من استقبال سفن تجارية كبيرة، في محاولة للتخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها، بالتزامن مع فرض جبايات جديدة على البيوت التجارية تحت اسم «مواجهة تبعات المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة».

وذكرت مصادر تجارية في العاصمة المختطفة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة ضاعفت من أعمال الجباية خلال الأسابيع الأخيرة، وفرضت على البيوت التجارية والمستوردين مبالغ كبيرة؛ للمساهمة في إصلاح ما دمرته الغارات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت حيوية واقتصادية تحت سيطرتها.

وأوضحت المصادر أنه، وبينما كان التجار يتوقعون أن تؤدي نهاية الحرب في قطاع غزة إلى حدوث انفراجة في الأزمات التي تواجهها الحركة التجارية بمناطق سيطرة الجماعة بعدما أدخلت الجماعة الحوثية البلاد في نطاق المواجهات العسكرية، فوجئوا بأنهم مطالبون بدفع جزء من فاتورة ذلك التصعيد.

قادة حوثيون قرب أحد موانئ الحديدة (إعلام حوثي)

ووفقاً للمصادر، فقد كرر قادة الجماعة تهديداتهم السابقة للبيوت والمجموعات التجارية والتجار والمستوردين بعرقلة وصول بضائعهم في المنافذ البحرية والبرية، وبفرض مزيد من الرسوم عليها هناك، في حال عدم المساهمة بإعادة تأهيل المنشآت الحيوية، وعلى رأسها الموانئ.

وبينما تقول المصادر إن الجماعة تسارع إلى تحويل مركز أنشطتها الاستيرادية إلى ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة، الذي كان مخصصاً لتصدير النفط، وإلى ميناء الصليف، كشفت منصة أميركية مختصة في الشؤون البحرية، عن لجوء الحوثيين إلى مضاعفة القدرات التشغيلية لميناء رأس عيسى للتعامل مع السفن الكبيرة وتفريغ مختلف أنواع البضائع.

وسائل مبتكرة

وفق منصة «ذا ماري تايم إكزكيوتيف»، فإن صور الأقمار الاصطناعية، التي التُقطت للمنطقة خلال الأيام الماضية، أظهرت توسعاً ملحوظاً في الميناء يمكّنه من التحول إلى ميناء استيراد بقدرات كبيرة.

الغارات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بتجارة الوقود التي يديرها الحوثيون (أ.ف.ب)

وكان الحوثيون حولوا الميناء من منصة لتصدير النفط إلى محطة لتخزين النفط الذي يستوردونه، ويعملون على نقله إلى الخزانات عبر خطوط أنابيب تُوصَّل بالسفن المحملة به التي تضطر إلى الرسوّ في أقرب نقطة مقابلة يمكنها الوصول إليها في البحر.

ورجحت «المنصة» أن تُستخدم بقايا السفينة «غالاكسي ليدر» في إعادة تأهيل ميناء الصليف الواقع شمال محافظة الحديدة، على بعد أميال عدة من ميناء رأس عيسى، وتحوَّل إلى رصيف عائم.

واستهدفت الغارات الإسرائيلية، في يوليو (تموز) الماضي، السفينة «غالاكسي ليدر» المخصصة لنقل السيارات، بعد أكثر من عام ونصف العام من استيلاء الحوثيين عليها ضمن مزاعمهم «مناصرة سكان قطاع غزة»، وجاء هذا الاستهداف بسبب استخدام الجماعة إياها موقعاً لرصد تحركات السفن في البحر الأحمر.

الأقمار الاصطناعية تظهر نشاطاً لتأهيل ميناءي الصليف ورأس عيسى (سنتينل 2 ومركز الأبحاث المشترك)

وبينت «المنصة» أن الصور تظهر عودة ميناء الصليف إلى العمل بشكل كامل؛ مما يشير إلى أن الجماعة لجأت إلى تفريغ البضائع فيه، بعد استهداف ميناء الحديدة، وهو الميناء الرئيسي الذي تدير الجماعة عملياتها الاقتصادية منه، وأرجعت ذلك إلى عدم تضرر مرافق الأول بمثل تضرُّر نظيراتها في الثاني.

وصول سفن جديدة

منذ مارس (آذار) وحتى يوليو (تموز) الماضيين، تعرضت الموانئ الثلاثة لغارات أميركية ثم إسرائيلية؛ رداً على الأنشطة العسكرية الحوثية في البحر الأحمر واستهداف السفن التجارية، إلى جانب هجماتها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على إسرائيل.

ووفقاً لـ«المنصة»، فإن سفينتين لنقل البضائع السائبة تمكنتا من الرسوّ عند رصيف ميناء الصليف، في حين تمكن ميناء رأس عيسى من استقبال السفن النفطية التي نقلت وقوداً خاضعاً للعقوبات الأميركية، بعد استحداث أرصفة جديدة فيه.

وأوضحت أن هناك رصيفين جديدين في الميناء بُنِيا بسرعة منذ أكثر من 3 أشهر، بالإضافة إلى رصيف ثالث متصل بجزيرة صناعية وُسّعت أيضاً، ورُصِدت سفن صغيرة ترسو إلى جوار هذه الأرصفة خلال الأسابيع الأخيرة، إلى جانب سفينتين لنقل البضائع رَسَتَا هناك منذ أسبوع، وما لا يقل عن 17 سفينة في المياه تنتظر الرسوّ في الميناءين.

الحوثيون يعملون على استغلال ميناء الصليف للتهرب من العقوبات واستئناف نشاطهم الاقتصادي (إعلام حوثي)

ووصفت «المنصة» هذه الأنشطة بالتحول الاستراتيجي في إدارة الجماعة الموانئ وتجاوز القيود المفروضة عليها.

وتشير مصادر محلية، بالإضافة إلى شهود عيان وعمال بالقرب من الموانئ، إلى أن الجماعة باتت تستخدم الرافعات على السفن لتفريغ الشحنات؛ مما يرجح عدم قدرتها على الحصول على رافعات جديدة، وأيضاً أنها تخشى إنشاءها فتصبح عرضة للغارات الجوية.

ويعدّ وصول السفن إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية دون المرور على «آلية التفتيش والتحقق الدولية» في ميناء جيبوتي، مخالفاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216» الصادر قبل 10 أعوام.