المسلحون يهددون ثاني أكبر سدود العراق

مفاوضات لتسليم «حديثة» دون قتال.. والجيش ينسحب من بعض مدن الأنبار

عراقيون يحملون في النجف أمس نعش متطوع قتل في مواجهة مع مسلحين قرب الموصل (إ.ب.أ)
عراقيون يحملون في النجف أمس نعش متطوع قتل في مواجهة مع مسلحين قرب الموصل (إ.ب.أ)
TT

المسلحون يهددون ثاني أكبر سدود العراق

عراقيون يحملون في النجف أمس نعش متطوع قتل في مواجهة مع مسلحين قرب الموصل (إ.ب.أ)
عراقيون يحملون في النجف أمس نعش متطوع قتل في مواجهة مع مسلحين قرب الموصل (إ.ب.أ)

بعد سقوط مدن القائم وراوة وعانة في محافظة الأنبار الغربية، على حوض الفرات، والرطبة إلى الجنوب منها على الطريق الدولية إلى الأردن، يحاصر مسلحون ينتمون إلى «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وتنظيمات أخرى مدينة حديثة، حيث ثاني أكبر سدود العراق بعد سد الموصل.
وفي حين أرسلت الحكومة العراقية تعزيزات عسكرية باتجاه «سد حديثة»، طبقا لما كشفه الشيخ عبد الله الحديثي، وهو من شيوخ العشائر في المنطقة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «المسلحين الذين لا نعرف هوية محددة لهم لأنهم يمثلون عدة جبهات على ما يبدو اقتربوا بالفعل من قضاء حديثة وهم يجرون مفاوضات مع العشائر الكبيرة في القضاء، وهي عشيرة الجغايفة التي تتولى حماية حديثة لكون غالبية أبنائها من رجال الشرطة المحلية والصحوات، وعشيرة البونمر التي تتولى حماية ناحية بروانة التابعة لحديثة والواقعة يسار نهر الفرات الذي تقع عليه حديثة».
وأضاف الحديثي أن «المسلحين يريدون تسليم المدينة من دون قتال مثلما حصل في قضاءي راوة وعانة، غير أن هناك انقساما داخل أهل الحل والعقد من شيوخ العشائر بين من يريد التسليم ومن يرفض ذلك ويدعو إلى القتال». وأوضح الحديثي أن «سيارات الشرطة لا تزال تجوب شوارع المدينة وترفع الأعلام العراقية وتعلن من خلال مكبرات الصوت عن عدم الاستسلام».
وردا على سؤال بشأن طبيعة الأوضاع داخل المدينة، قال الحديثي إن «الأوضاع سيئة جدا حيث لا يوجد ماء، والكهرباء متقطعة، وهناك ارتفاع حاد في الأسعار حيث ارتفعت قنينة الغاز من 7 آلاف دينار عراقي (خمسة دولارات أميركية) إلى 50 ألف دينار عراقي (نحو 45 دولارا أميركيا)، في حين ارتفع سعر لتر البنزين إلى 2500 دينار عراقي (دولاران) بعد أن كان 400 دينار عراقي».
في سياق ذلك فإنه في حال تمكن مسلحو «داعش» من السيطرة على حديثة فإن المخاوف تتجه نحو سدها المشهور الذي يعد ثاني أكبر السدود في العراق من حيث مساهمته في توليد الطاقة الكهربائية بعد سد الموصل (سد صدام سابقا) ذي طاقة إنتاج قصوى 1050 ميغاواط. ويحتوي السد على ست محطات توليد كهرومائية بطاقة قصوى 660 ميغاواط. ويحصر السد خلفه المياه في بحيرة القادسية. وكانت القوات الأميركية قد اتخذت السد كقاعدة عسكرية لها. وبني سد حديثة من قبل شركات روسية ويوغسلافية وافتتح عام 1986.
من ناحية ثانية، أعلن مسؤول عسكري رفيع أن القوات العراقية انسحبت من بعض مدن محافظة الأنبار «كإجراء تكتيكي». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الفريق قاسم عطا، المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، قوله في مؤتمر صحافي في بغداد إن الانسحاب جاء «كإجراء تكتيكي ولغرض إعادة انفتاح القطاعات في قيادة الجزيرة والبادية جرى انفتاح هذه القطاعات في أماكن قوية لكي يكون هناك تأمين لمبدأ أساسي وهو القيادة والسيطرة». وأضاف: «هذا الموقف يخص راوة وعانة والقائم، والقوات الأمنية موجودة لإعادة الانفتاح، قد تنسحب من منطقة هنا لتقوية منطقة أخرى». وتابع: «هذا قرار اتخذه القادة، وهذا ما يطلق عليه إعادة انفتاح القوات، ونقول: الإجراءات تسير بشكل جيد لتحشيد الإمكانيات وضمان قوة هذه المناطق (...) وانسحاب القطاعات هو لغرض إعادة الانفتاح».
وكان المسلحون استولوا، أول من أمس، على الموقع الحدودي قرب بلدة القائم، الأمر الذي يسهم في تأمين الإمدادات لـ«داعش» في سوريا. وأمس، وسع المسلحون سيطرتهم لتشمل مدن راوة وعانة على امتداد نهر الفرات شرق القائم، بالإضافة إلى بلدة الرطبة إلى الجنوب على طريق يؤدي إلى الأردن من بغداد. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الاستخبارات العسكرية العراقية أن القوات انسحبت من راوة وعانة بعد أن هاجم المسلحون البلدتين في ساعة متأخرة أول من أمس. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «انسحبت قوات الجيش من راوة وعانة والرطبة صباح اليوم (أمس) وسرعان ما استولى تنظيم الدولة الإسلامية على هذه المدن بالكامل... أخذوا عانة وراوة صباح اليوم (أمس) دون قتال».
من ناحية ثانية، شنت القوات العراقية، أمس، غارة جوية على موقع لمسلحين وسط مدينة تكريت، التي تخضع لسيطرة هؤلاء، مما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص، في حين صد مسلحون موالون للحكومة هجوما على ناحية العلم شرق المدينة الواقعة على بعد 160 كلم شمال بغداد. وأفاد شهود عيان بأن سبعة أشخاص قتلوا وأصيب 13 آخرون في الضربة الجوية في تكريت، كبرى مدن محافظة صلاح الدين التي استولى عليها مسلحون، الأسبوع الماضي. وأوضح شاهد عيان أن الضربة الجوية استهدفت محطة لتعبئة الوقود.
وتخضع محطات الوقود لسيطرة عناصر تنظيم «داعش»، الذين بدأوا منذ فترة بتنظيم توزيع المنتجات النفطية على المواطنين في الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت.
من جهتها، أعلنت قناة «العراقية» الحكومية أن القوات الجوية العراقية وبالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب «نفذت ضربة جوية استهدفت مسلحي (داعش) في تكريت أسفرت عن مقتل 40 من مسلحي التنظيم على الأقل».
وفي ناحية العلم الواقعة شرق مدينة تكريت، قتلت مستشارة محافظ صلاح الدين الشيخة أمية ناجي الجبارة بنيران قناص أثناء هجوم شنه مسلحون في محاولة للسيطرة على الناحية. وقال مقدم في الشرطة إن «مسلحين شنوا مساء أول من أمس (السبت) هجوما على الناحية من محورين (...) والاشتباكات لا تزال جارية». قال خبير عسكري عراقي من أبناء المنطقة الغربية إن ما سهل لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) السيطرة على مدن عراقية هامة في أعالي الفرات مثلما يطلق عليها، مثل راوة وعانة والرطبة وصولا إلى حديثة التي يحاول اقتحامها، هو «انشغال القوات العراقية بجبهتي الموصل وتكريت ومقترباتهما، وأقصد بذلك تلعفر من جهة الموصل وسامراء ونواحي العلم والضلوعية من جهة تكريت، بالإضافة إلى بعض مناطق ديالى الرخوة مثل السعدية وجلولاء التي ربما لولا تدخل البيشمركة الكردية لكانت قد خضعت لسيطرة هذا التنظيم».
في السياق ذاته، قال الخبير العسكري لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم الكشف عن هويته، أن تنظيم «داعش» يملك «خبرة متراكمة على صعيد جبهة الأنبار وصحرائها الواسعة، وبالتالي فإنه ما إن وجد أن الجهد العسكري العراقي اتجه شمالا فقد فتح ما يشبه الثغرة في هذه المناطق التي جرت السيطرة على بعضها من دون قتال بسبب عدم وجود الجيش فيها، علما بأن الشرطة المحلية في كل المحافظات التي جرى فيها قتال من الموصل إلى تكريت والرمادي والفلوجة والآن راوة وعانة لم تطلق إطلاقة واحدة، وهو أمر يستدعي المراجعة التامة لحقيقة هذه القوات التي أصبح وجودها وعدم وجودها سيان».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.