البصل والكمامات والإطارات... سلاح المتظاهرين أمام جنود الاحتلال

متظاهرون فلسطينيون يتجمعون خلف إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (رويترز)
متظاهرون فلسطينيون يتجمعون خلف إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (رويترز)
TT

البصل والكمامات والإطارات... سلاح المتظاهرين أمام جنود الاحتلال

متظاهرون فلسطينيون يتجمعون خلف إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (رويترز)
متظاهرون فلسطينيون يتجمعون خلف إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (رويترز)

وصل الشاب نضال أحمد (26 عاماً) إلى خيام «مسيرة العودة الكبرى» شرق مدينة غزة، حاملاً وعاءً صغيراً يحتوي على أكثر من 15 كيلو غراماً من البصل، وبدأ في توزيعها صباح أمس الجمعة على عشرات من الشبان والشابات لمساعدتهم في التصدي للقمع المتوقع من قوات الاحتلال بحق المتظاهرين الموجودين في الخيام.
ولجأ بعض الشبان إلى وضع بصلة واحدة أو اثنتين داخل كمامات مصنّعة محلياً من زجاجات مياه فارغة جُلبت يوم الخميس، إلى الخيام، وقصّها الشبان بشكل يناسب الكمامة، حيث أضيف لها حبل صغير لربطها بالرأس بطريقة مشابهة للكمامات الحقيقية.
وقال الشاب أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من فكرة الكمامات المحلية، ووضع البصل بداخلها، هو أن «يستنشق المتظاهرون رائحة البصل بدل الدخان الناجم عن إلقاء جنود الاحتلال قنابل الغاز المسيلة للدموع تجاه المتظاهرين بهدف تفريقهم وإصابتهم بالاختناق».
وأوضح أن استنشاق المتظاهرين للبصل يعمل على منع استنشاقهم للدخان الناجم عن قنابل الغاز، مشيراً إلى أن هذه الفكرة البسيطة استلهمها الشبان من صورة انتشرت لطفل فلسطيني يبلغ 10 سنوات ظهر في مسيرات يوم الجمعة السابقة، وهو يضع البصل داخل كمامة صغيرة لحجب استنشاقه للدخان.
وأشار إلى أن الشبان استخدموا العديد من الأساليب التي تم ابتداعها لمواجهة «آلة القمع الإسرائيلية»، مضيفاً أن الشبان «نجحوا في كثير من الحالات في إفشال محاولات الاحتلال إيقاع عدد كبير من الشهداء والإصابات».
أما الشاب خالد أبو حسان (22 عاماً)، فقال إن إشعال إطارات السيارات بكثافة على طول الحدود حجب الرؤية عن الجنود الإسرائيليين، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الشبان تمكنوا من الوصول إلى السياج الأمني وإحداث أضرار بالغة فيه، قبل أن يتمكنوا من العودة، مستغلين تشتيت شبان آخرين انتباه الجنود للحدود من خلال إلقاء إطارات سيارات تم إشعالها قرب السياج.
ولفت أبو حسان لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه الأدوات البسيطة من المقاومة الشعبية نجحت في إحداث حالة من التوازن بحرمان الجنود الإسرائيليين المدججين بكافة أنواع الأسلحة من تحويل الشبان إلى صيد ثمين يتم قنصهم بكل سهولة»، مشيراً إلى أن «إشعال إطارات السيارات أدى إلى انبعاث كميات كبيرة من الدخان حجبت الرؤية الكاملة للجنود، وبخاصة القناصة منهم». وأكد أن المظاهرات ستتواصل حتى الخامس عشر من مايو (أيار) المقبل (ذكرى النكبة)، مشيراً إلى أن كل جمعة «ستشهد ابتداع أساليب جديدة من المقاومة للتصدي لهمجية الاحتلال الإسرائيلي».
وخلال احتجاجات أمس، أقدم بعض الشبان على صنع منجنيق كبير لوضع حجارة كبيرة فيه بهدف إلقائها تجاه جنود الاحتلال، فيما جلب بعضهم حماراً ووضعوا عليه العلم الإسرائيلي، واقتربوا من الجدار حيث أحرقوا العلم.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».