قتلى وجرحى بغارات على دوما... واستمرار تجميد اتفاق الإجلاء

دخان يتصاعد من دوما بعد قصفها من قوات النظام السوري أمس (المجلس الطبي لدوما)
دخان يتصاعد من دوما بعد قصفها من قوات النظام السوري أمس (المجلس الطبي لدوما)
TT

قتلى وجرحى بغارات على دوما... واستمرار تجميد اتفاق الإجلاء

دخان يتصاعد من دوما بعد قصفها من قوات النظام السوري أمس (المجلس الطبي لدوما)
دخان يتصاعد من دوما بعد قصفها من قوات النظام السوري أمس (المجلس الطبي لدوما)

قتل وجرح عشرات المدنيين في غارات لطيران النظام السوري على مدينة دوما، آخر جيب للمعارضة قرب دمشق، في وقت ترددت أنباء عن «انقسامات» داخل المعارضة إزاء اتفاق مع النظام برعاية روسية.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «12 غارة استهدفت عدة مواقع في مدينة دوما وأسفرت عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة 25 آخرين بجروح».
من جانبها، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن طائرات النظام شنت غارات ردا على «قصف بالقذائف» على «ممر الوافدين وضاحية الأسد السكنية» في حرستا، مشيرة إلى وقوع إصابات بين المدنيين.
ووقعت الغارات غداة تعليق عمليات إخراج المقاتلين من دوما بسبب انقسامات داخلية في صفوف «جيش الإسلام» البالغ عديده نحو عشرة آلاف مقاتل يسيطرون على دوما، إذ يرفض جناحه المتشدد اتفاق الإجلاء.
ودخلت نحو عشرين حافلة استأجرها النظام إلى دوما، لكنها عادت أدراجها وتوقفت مع حافلات أخرى عند أطراف المدينة، وفقا لمراسل لوكالة الصحافة الفرنسية.
ولم يدل «جيش الإسلام» بأي تعليق علنا على موضوع الاتفاق الذي أعلنه الإعلام الرسمي السوري.
وقد خرج حوالي أربعة آلاف من مقاتليه وأفراد عائلاتهم منذ الاثنين إلى شمال سوريا غير أن الفصيل يلزم الصمت حول عمليات الإجلاء.
وقال عبد الرحمن: «تمّ تعليق الاتفاق القديم، وهناك مباحثات بين الروس وجيش الإسلام من أجل التوصل إلى تسوية جديدة».
وأشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إلى أنّ «سحب الحافلات من داخل مدينة دوما» يهدف إلى «الابتعاد عن الخلافات الداخلية وتركهم لحل خلافاتهم بأنفسهم».
وأكدت «سانا» أن «اتفاق إخلاء مدينة دوما» لم يتوقف، مشيرة إلى أن «الحافلات تقف قرب حاجز الجيش بانتظار العودة لاستكمال إخراج مقاتلي جيش الإسلام».
وأعلنت روسيا مساء الأحد التوصل إلى اتفاق «مبدئي على انسحاب مقاتلي جيش الإسلام» من مدينة دوما، لكن لم يصدر عن جيش الإسلام أي تأكيد رسمي في شأنه.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن: «تمّ تعليق الاتفاق القديم، وهناك مباحثات بين الروس وجيش الإسلام من أجل التوصل إلى تسوية جديدة».
وأضاف: «تبيّن أنه من أصل العشرة آلاف مقاتل لدى جيش الإسلام، أكثر من أربعة آلاف يرفضون الخروج بتاتا».
وإثر هجوم جوي عنيف بدأته في 18 فبراير (شباط) ترافق لاحقا مع عملية برية وتسبب بمقتل أكثر من 1600 مدني، ضيّقت القوات الحكومية تدريجاً الخناق على الفصائل المعارضة، وقسّمت الغوطة إلى ثلاثة جيوب.
وبعدما ازداد الضغط عليها، وافق فصيلا حركة أحرار الشام وفيلق الرحمن على إجلاء مقاتليهما بموجب اتفاق مع روسيا. وجرى خلال أيام إجلاء عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين إلى شمال غربي سوريا.
وعززت القوات الحكومية انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة بالتزامن مع المفاوضات تمهيداً لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع فصيل جيش الإسلام.
وتعرض جيش الإسلام لضغوط داخلية من سكان دوما الذين طالبوا باتفاق يحمي المدينة من أي عمل عسكري.
وقال أحد سكان دوما لوكالة الصحافة الفرنسية: «ليس هناك أمر واضح، ننتظر نتيجة المفاوضات». وأضاف: «هناك أشخاص يريدون الخروج وآخرون يفضلون البقاء. هناك محلات فتحت أبوابها». وتابع: «لم يعد السكان قادرين على البقاء في الأقبية. النظام أعاد الحافلات اليوم (...) ثم حلّق الطيران الحربي في أجواء المدينة ليثير الرعب في قلوب الناس».
وقد أكّد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في دمشق تحليق طائرات حربية سورية.
وقالت نجاح علي (60 عاما): «أنا أنتظر منذ ثلاثة أيام هنا. آتي في الصباح وأذهب مساءً. لقد اختطفت ابنتي وزوجها منذ خمس سنوات، ولدي أبناؤهم الثلاثة أرعاهم. لا أمل بخروجهم. الآن وقد رأيت أنّ الباصات خرجت فاضية (فارغة)، خاب أملي».
وقالت أم رضا (36 عاما): «كنت أتمنى خروج المسلحين من أجل إطلاق سراح أخي وأولاد عمي (...) لقد تدمرت معنوياتي (...) لا أعلم عنهم شيئا منذ أن خُطفوا». وخلال السنوات الماضية، صعدت قوات النظام سياسة الحصار والإجلاء. وعلى غرار الغوطة الشرقية، شهدت مناطق عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجمات عنيفة.
إلى ذلك، أسقطت مروحيات تابعة للنظام منشورات إلى أهالي دوما تضمنت «ضمانات» روسية. وجاء في رسالة روسية إلى أهالي دوما، أن «جيش الإسلام توصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية بوساطة روسية لاعتماد الحل السلمي لعودة الاستقرار إلى المدينة» بحيث «تمَّ السماح لجميع المسلحين الراغبين بمغادرة المدينة مع أسلحتهم، وإمكانية الذهاب إلى مدينة جرابلس مع أفراد عائلاتهم بضمانات الحماية الروسية، مع دعوة جميع المدنيين للبقاء في مدينتهم وبناء حياتهم الآمنة»، إضافة إلى أن «الحكومة السورية ستقوم بتقديم كل الخدمات لإعادة تأهيل البنية التحتية في دوما كما كانت سابقاً».
وشملت التطمينات أيضاً قيام مؤسسات الحكومة بـ«عقد لقاء مع الفعاليات الأهلية لحل موضوع إعادة تفعيل جميع الوثائق التي تمَّ الحصول عليها خلال سنوات الحرب، وذلك بشكل قانوني»، إضافة إلى «منح الطلاب في جميع مراحلهم الدراسية الحق بمتابعة التعليم في المنشآت التعليمية الحكومية بعد تجاوزهم اختبارات بسيطة».
وكان مقررا أن يسمح من يوم أمس لـ«الأشخاص المسلحين الذين يسلمون أسلحتهم في نقطة التسجيل المحددة للشرطة العسكرية الروسية، بتسوية أوضاعهم في أقصر وقت وبضمانة سورية روسية، وأن هذا يشمل أيضاً السكان المدنيين»، إضافة إلى أنه «سيمنح الشبان الذين بلغوا سن خدمة العلم فترة تأجيل من ستة إلى عشرة أشهر».
وقالت مصادر إن الرسالة شملت أيضا «قيام وزارة الداخلية من خلال مراكز الشرطة بضمانة الشرطة العسكرية الروسية، بتأمين الحماية لمدينة دوما خلال فترة إعادة تأهيل المدينة» على «أن يتم تأمين الحركة التجارية الحرة إلى المدنيين، وكذلك حركة وسائط النقل».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.