منصور بائع لمبات الكيروسين يراهن على ذكريات المصريين

منصور بائع لمبات الكيروسين يتجول بدراجته في شوارع القاهرة
منصور بائع لمبات الكيروسين يتجول بدراجته في شوارع القاهرة
TT

منصور بائع لمبات الكيروسين يراهن على ذكريات المصريين

منصور بائع لمبات الكيروسين يتجول بدراجته في شوارع القاهرة
منصور بائع لمبات الكيروسين يتجول بدراجته في شوارع القاهرة

منذ ربع قرن، يتحرك عم منصور التركاوي من منطقة «ميت نما» بشبرا الخيمة، شمال العاصمة المصرية القاهرة، ليبيع المصابيح السهاري، أو «لمبات العويل» كما يسميها المصريون. ومع كل مكان يتوقف فيه، يسعى لترويجها بلهجته الهادئة وسماحته، مستمراً في الرحيل من مكان إلى آخر حتى يستقر في وسط القاهرة، ليكمل ترويجها بين سكانها من الأغنياء أو عابري شوارعها.
لم أصادفه من قبل في أي مكان ذهبت إليه، شعبياً كان أو راقياً، لذا كانت دهشتي كبيرة حين رأيته يقف إلى جوار دراجة هوائية يحمل فوقها قفصاً من الجريد، علق على أطرافه عدداً من المصابيح التي تعمل أشرطتها القماش بغاز الكيروسين. كان يقف بالقرب من ميدان التحرير، يبتسم للعابرين المندهشين الذين يتفاجأون برؤية بضاعته، ويرد على المستفسرين عن أسعارها، وهم يسألونه عن اللمبات «نمرة خمسة» ذات الزجاجة الصغيرة، أو «نمرة عشرة» الكبيرة، ويبتسم لمن يستكثرون ثمنها، أو يشيحون بوجوهم اعتراضاً على مبالغته، كيف يبيع الصغيرة بـ25 جنيهاً، ما يوازي نحو دولار ونصف الدولار، والكبيرة بما يزيد على دولارين؟!
برر عم منصور هدوءه وعدم انزعاجه من ردود الأفعال التي ذكرته بسعرها القديم، الذي كان لا يزيد على 15 مليماً في ستينات القرن الماضي، قائلاً: «لقد ذهبت تلك السنوات، وذهب معها المليم نفسه! عمري طويل، أصبحت جداً، ولدي خبرات اكتسبتها من التعامل مع الآلاف من البشر الذين أقابلهم يومياً في طريقي الطويل، تخيل أنني آتي بدراجتي هذه من محافظة أخرى، هي القليوبية، لأبيع هنا؛ مسافة تزيد على 12 كيلومتراً، وسط الزحام وخنقة المرور». وعاد منصور بالذاكرة قائلاً: «هذه اللمبة كانت ونيس حكاياتنا وليالينا، كنا نسهر للمذاكرة عليها، وكانت أمي تطبخ لنا عليها أحلى فول أكلناه في حياتنا عندما نقترب من النوم، وكان دائماً ما يحدث ذلك مبكراً لعدم وجود وسائل تسليه؛ تستعد بدماسة الفول، وتعلقها فوق العويل بعد أن تخفض ضوء اللمبة، وتظل هكذا حتى صباح اليوم التالي.. ما زلت أتذكرها حتى الآن». وفي أثناء حديثي، جاءت إحدى السيدات، اكتشف منصور من لكنتها وملابسها أنها أجنبية، طلبت مصباحين، وعندما انتهى من حسابها، قال وهو يودع المرأة ممتناً: «لمبة الكيروسين لها أفضال كثيرة على أطباء ونوابغ، طالعوا دروسهم ونجحوا وتخرجوا من تحت أضواء مصابيحها الخافتة»، وأشار إلى أنه حريص على عدم التحول لتجارة أخرى، لأنه يعتبرها تراثاً ويراها جزءاً من ميراث حياته. يجئ منصور بمصابيحه من مصانع في محافظة المنوفية، شمال غربي مصر. هناك من يتخصصون في صناعتها، يشتريها متفرقة ويقوم هو بتوليفها وتركيبها، يفعل ذلك منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي، لم يتعب ولم يمل، ولم يسيطر عليه اليأس نتيجة انتشار الكهرباء في كل مكان، ووصول إنتاج مصر منها لـ37 ألف ميجاوات، حسب تصريحات حكومية نهاية العام الماضي، وكذلك تحسن أوضاعها في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت تقطع بالساعات على مدار اليوم.
يقول منصور بنبرة أسى: «لو قارنت بين سعر (اللمبة السهاري) وغيرها من كشافات ومصابيح متنقلة، سوف تجد أن هناك فارقاً كبيراً بين الاثنين، فالأخيرة يزيد سعر الواحدة منها على ثلاثمائة جنيه»، أي 15 دولاراً.
ويلخص عشقه لبضاعته الشعبية الأسيرة بهذه الكلمات: «في رأيي، لا شيء يختفي أو يموت، قد ينحسر قليلاً ويتوارى لكنه يظل موجوداً، له وقته، وسوف يحتاجه الناس عندما يحين موعده. نعم، اختفى هذا المصباح، لكن الآن يحن إليه كثير من المصريين، ويأتنسون بضوئه، ويبحثون عن دفء حكاياته، كما أن البعض منهم يبحث عنه لاستخدامه من أجل تخفيض فاتورة الكهرباء»، وأكمل: «هناك كثيرون يضعونه ضمن ديكورات منازلهم، ولأنه بسيط يحتفي به الناس، ويحرصون عليه لإضافة لمسة خاصة من الهدوء ورائحة الماضي على بيوتهم؛ هو تاريخنا، والمصريون لا ينسون تاريخهم أبداً».



عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)
عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)
TT

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)
عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس، وإن الاستقبال الذي حظي به في المهرجانات السينمائية مهد طريقه إلى الجمهور مع بدء عرضه في دور السينما بمصر والدول العربية.

وأكد الفنان الشاب في حواره مع «الشرق الأوسط» أن علاقته بالكلب «رامبو» مرت بمراحل عدة وأنه ظل يتدرب معه طوال 4 أشهر حتى أصبحا صديقين، مشيداً في الوقت نفسه بالعمل مع المخرج خالد منصور الذي أدار العمل بحرفية، ولفت إلى أنه يحب العمل مع مخرجين في تجاربهم الأولى؛ حيث يكون لديهم الشغف والرغبة في تحقيق الذات.

ويعد فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» أولى بطولات عصام عمر السينمائية، بعدما بدأ مشواره في المسرح ممثلاً ومخرجاً، كما شارك في مسلسلات تلفزيونية عدة، من بينها «في بيتنا روبوت»، و«الآنسة فرح»، و«منورة بأهلها»، غير أن الجمهور تعرف عليه بشكل أكبر من خلال مسلسل «بالطو»، الذي أدى فيه دور طبيب حديث التخرج يواجه ظروفاً صعبة أثناء انتدابه للعمل بإحدى القرى، وهو العمل الذي كشف عن حضوره وموهبته، وفق نقاد.

الفنان عصام عمر خلال مشاركته ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر (حسابه على فيسبوك)

ويصف الفنان المصري لحظة تلقي سيناريو الفيلم بـ«الفارقة»، وأضاف: «أحببت الفيلم لأنني أميل لهذه الأدوار التي تروي حكايات الناس، وفي السينما عندنا يقومون بتصنيف الأفلام يقولون إن بعضها (أرت هاوس)؛ أي تعني أفلاماً فنية لا تحقق إيرادات، وهناك أفلام تجارية تحقق إيرادات، وكأن الأموال هي معيار كل شيء، لكنني حين قرأت سيناريو الفيلم شعرت بأنه حقق كل شيء على مستوى الكتابة الجيدة ورسم الشخصيات، فهو عمل يمزج بين المتعة وجودة المستوى الفني والقصة الشيقة».

الرحلة التي قطعها الفيلم بين المهرجانات الكبرى كان عصام عمر شاهداً عليها، ومع بداية عرضه الافتتاحي في مهرجان «فينسيا السينمائي» الـ81 أعاد العمل السينما المصرية إلى هذا المهرجان العريق بعد غياب، إضافة إلى أنه حظي باستقبال لافت في العروض الثلاثة له، وفي عرضه العربي الأول بمهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال دورته الرابعة حيث حاز الفيلم دعماً من المهرجان، وشارك بمسابقة الأفلام الطويلة، ليتوج بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

الفنان المصري عصام عمر بطل فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» (حسابه على فيسبوك)

وفي مهرجان قرطاج شهدت عروض الفيلم حضوراً مميزاً من الجمهور، حيث يقول عصام: «كنا سعداء بكل ما تحقق للفيلم من نجاح أمام الجمهور العربي والأجنبي الذي أحبه وأشاد به، والآن نتطلع ليحقق نجاحاً مماثلاً أثناء عرضه في دور السينما بمصر والدول العربية، وأنا واثق بأن هذه المهرجانات ستمهد طريقه للجمهور في كل مكان».

ويرى عمر أنه «ليس مطلوباً من الأفلام أن تقدم رسائل طول الوقت، وسواء كان العمل دراما اجتماعية أو كوميدية أو أي نوع آخر، فلا بد أن يشعر المشاهد بشيء، وهذا ما حدث معي وأنا أقرأه، وحتى بعدما شاهدته شعرت بإحساس أتمنى أن يشعر به الجمهور».

وفي مشاهد الفيلم يشعر المشاهد بأن هناك علاقة وطيدة بين عصام و«الكلب رامبو» حتى تصور البعض أنه كلبه الخاص، لكن الحقيقة غير ذلك، إذ مرت علاقتهما بمراحل عدة خلال التصوير، يقول عنها عصام: «لم تكن عندي مشكلة في التعامل مع (رامبو)، لكننا احتجنا في البداية للتدرب على المشاهد التي تجمعنا، وهي كثيرة، وبعد أن اشتغلت معه لأشهر أصبحنا صديقين، ثم جاء المدربون وقالوا (لا بد أن تبتعد عنه قليلاً لأنه بدأ يسمع كلامك أكثر منا)، وبالتالي لن يستطيعوا توجيهه في التصوير، فابتعدت عنه لفترة ثم عدنا مرة أخرى، وأنا لا أنكر أنها كانت تجربة صعبة، لكنني لا أحب الاستسهال، وأُدرك أن كل شيء مميز في الفن والحياة ينطوي على قدر من الصعوبة».

ملصق الفيلم (الشركة المنتجة)

ومثلما هي أول بطولة سينمائية لعصام عمر فإنه أيضاً أول فيلم طويل للمخرج خالد منصور، الذي يقول عنه عصام: «من اللحظة الأولى التي التقيت فيها خالد عرفت أنه مخرج واعٍ يعرف ما يريده، إضافة إلى أنه يعشق عمله ويخلص له، كما أحببت جداً التعاون معه، ورغم أنني لم أكن أول ممثل يرشح لبطولة العمل، لكنني حمدت الله أنه وصل إليّ في النهاية، وقد سعدت بعملي مع فريق الفيلم ومع خالد منصور، الذي أعتبره إنساناً رائعاً قبل أن يكون مخرجاً موهوباً».

وينفي عمر تردده في العمل مع مخرجين جدد، قائلاً: «لم أخض تجارب سينمائية سابقة تجعلني أقول إنني أحب العمل مع مخرج بعينه، كما أنني لست ممثلاً كبيراً حتى يقال إنني أُخاطر بالعمل مع مخرج جديد، والأهم أنني أحب العمل مع مخرجين يقدمون أعمالهم الطويلة للمرة الأولى؛ لأن لديهم شغفاً أكبر ورغبة قوية في تحقيق الذات».

عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

بعد «رامبو» أحب عصام عمر السينما وبدأ يركز عليها، وعن ذلك يقول: «أتمنى أن أقدم أفلاماً كثيرة، وأن يكون لي سجل حافل بأعمال جيدة يحبها الناس، ولست مستعجلاً في ذلك، فأنا أحرص على اختيار أعمال تناسبني وتتوافق مع رغبتي في تقديم أدوار فنية تلامس ذائقة الجمهور، وسيعرض لي في عيد الفطر القادم فيلم (سيكو سيكو) من إخراج عمر المهندس مع خالد الصاوي، وطه الدسوقي، وتارا عماد، وديانا هشام، كما أقوم بتصوير فيلم (فرقة الموت) مع أحمد عز ومنة شلبي وآسر ياسين، وإخراج أحمد علاء الديب».

وفي ختام حديثه، كشف عصام أنه يصور حالياً مسلسلاً جديداً ينافس به في موسم رمضان المقبل بعنوان «نص الشعب اسمه محمد» وهو عمل «لايت كوميدي» كتبه محمد رجاء، ومن إخراج عبد العزيز النجار، ويشاركه في البطولة رانيا يوسف، ومايان السيد، ومحمد محمود، ومحمد عبد العظيم.