استعدادات فلسطينية على حدود غزة... وتأهب إسرائيلي لمسيرات حاشدة

قوات الاحتلال جربت غازات سامة للمرة الأولى في القطاع بهدف قتل أكبر عدد من المتظاهرين السلميين

جانب من تشييع الشاب مجاهد نبيل الخضري الذي قتله الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة غزة فجر أمس (رويترز)
جانب من تشييع الشاب مجاهد نبيل الخضري الذي قتله الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة غزة فجر أمس (رويترز)
TT

استعدادات فلسطينية على حدود غزة... وتأهب إسرائيلي لمسيرات حاشدة

جانب من تشييع الشاب مجاهد نبيل الخضري الذي قتله الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة غزة فجر أمس (رويترز)
جانب من تشييع الشاب مجاهد نبيل الخضري الذي قتله الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة غزة فجر أمس (رويترز)

استشهد أمس فلسطينيان، أحدهما قصفته طائرة إسرائيلية من دون طيار، وآخر متأثرا بجروحه، فيما أصيب عشرة آخرون بجروح متفاوتة برصاص الجيش الإسرائيلي، في وقت تستعد فيه الفصائل الفلسطينية والشعب لمسيرات حاشدة، اليوم الجمعة، وسط حالة تأهب كبيرة من قبل الاحتلال لقمع المسيرات.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إن الشاب مجاهد نبيل الخضري (23 عاما) استشهد إثر استهدافه من قبل الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة غزة، في ساعة مبكرة من فجر أمس. فيما قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، إنه قتل مسلحا في تلك المنطقة عبر استهدافه من قبل طائرة مسيرة بعد اقترابه من السياج الأمني.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الشاب المستهدف ينتمي لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس؛ لكن الكتائب لم تصدر أي بيان يتبنى الشهيد.
وفي وقت لاحق، أعلن عن استشهاد الشاب شادي حمدان الكاشف (34 عاما) من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة، متأثرا بجراحه التي أصيب بها في مواجهات جرت الجمعة الماضي، وبذلك يرتفع عدد الشهداء منذ الجمعة الماضي إلى 21 شهيدا، من بينهم اثنان تحتجزهما إسرائيل، فيما أصيب أكثر من 1492 آخرين بجروح مختلفة، منهم 46 بحالة خطيرة، ومنهم 202 طفل، و40 سيدة.
كما أصيب ظهر أمس سبعة مواطنين بجروح متفاوتة جراء استهداف قوات الاحتلال تجمعات خيام العودة على الحدود الشرقية لمدينة غزة. فيما أصيب ثلاثة صيادين آخرين، إثر استهداف الزوارق الحربية الإسرائيلية مركب صيد قبالة سواحل غرب غزة.
وجاءت هذه التطورات الميدانية وسط تجهيزات فلسطينية كبيرة استعدادا لما أطلق عليه اسم «جمعة الإطارات»، حيث تم تجميع مزيد من إطارات السيارات بهدف إشعال النيران فيها لمحاولة تشتيت انتباه الجنود الإسرائيليين، وخاصة القناصة منهم، والعمل على تشويش الرؤية لديهم لمنع «قنص» المتظاهرين.
وأقامت الجهات المختصة في غزة مزيدا من السواتر الترابية التي تحجب الرؤية عن خيام العودة. فيما رفع شبان بعض أعلام الدول العربية والعالمية، تأكيدا على تضامن المجتمع الدولي مع تظاهرهم السلمي، ورفض عمليات القتل المتعمدة للشبان من قبل جنود الاحتلال.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي حالة تأهب في صفوف جنوده بهدف التصدي لمسيرات اليوم، حيث تم الدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية على حدود القطاع، ومزيد من القوات التابعة لكتائب «جفعاتي» و«ناحال» و«غولاني» وسلاح المدفعية.
كما أجرى وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان تقييما أمنيا بحضور رئيس الأركان غازي آيزنكوت، وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش إيال زامير.
وسبق ذلك أن أوضح ليبرمان في تصريحات للإذاعة العبرية أن «حماس» تمارس الاستفزاز على الحدود، بدل تحسين حياة السكان؛ مدعيا أن الذين يشاركون في المظاهرات يتلقون أموالا من الحركة التي دفعت ملايين الدولارات من أجل ذلك. وقال ليبرمان بهذا الخصوص: «لا يوجد أبرياء هناك»، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي مستعد لأي سيناريو محتمل. وتابع ليبرمان موضحا: «إذا حاول الفلسطينيون إثارة الاستفزازات والإضرار بسيادة إسرائيل، أو إذا حاولوا انتهاك أمن إسرائيل، فستكون هناك استجابة قوية، وقوية جدا، وحازمة، من جانب قواتنا».
وفي غضون ذلك ادعى مصدر أمني إسرائيلي أن حركة «حماس» تنوي التصعيد العسكري بشكل تدريجي على حدود قطاع غزة، وصولا إلى الرابع عشر من مايو (أيار) المقبل، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تصعيد قد يؤدي إلى جولة أخرى من القتال في القطاع.
من جهته، أعرب نيكولاي ميلادينوف، منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، عن قلقه من الاستعدادات الجارية لمسيرة اليوم؛ داعيا كافة الأطراف إلى أقصى درجات ضبط النفس، وعدم الاحتكاك على الحدود. وقال إنه «يجب السماح للمظاهرات والاحتجاجات بالمضي قدما بشكل سلمي، وعدم تعمد تعريض المدنيين، وخاصة الأطفال، للخطر أو تعمد استهدافهم بأي شكل من الأشكال».
وفي سياق متصل، أعلنت حركة حماس أنها قدمت مبالغ مالية إلى أهالي شهداء وجرحى المسيرات، في إطار مسؤولياتها المجتمعية والوطنية في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني. حسبما قالت في بيان لها. موضحة أنها «ساندت عائلة كل شهيد بمبلغ 3000 دولار أميركي، وكل مصاب بجروح بليغة بمبلغ 500 دولار، وكل مصاب بجروح متوسطة بمبلغ 200 دولار، وذلك اعتمادا على تصنيف وزارة الصحة للجرحى». لكن إسرائيل اعتبرت أن ذلك يعد تشجيعا على عمليات القتل من قبل «حماس»، بهدف مواصلة المسيرات على الحدود.
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإجراء تحقيق داخلي في ظروف قتل المتظاهرين الفلسطينيين على حدود قطاع غزة؛ مشيرة إلى أن الجيش يحاول استباق أي محاولات لتشكيل أي لجان خارجية بهذا الصدد.
واتهمت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان قوات الاحتلال بتعمد استهداف المشاركين في المسيرات؛ محذرة من استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين. وقالت: «إن قوات الاحتلال استخدمت للمرة الأولى طائرات «الدرون» لإلقاء قنابل غاز ذات تركيز كبير على المتظاهرين السلميين بمسيرات العودة الكبرى، مؤكدة أن الاحتلال استخدم غازات سامة تجرب لأول مرة في قطاع غزة. كما ذكرت خلال مؤتمرها أن هدف الاحتلال هو قتل أكبر عدد من المتظاهرين السلميين عبر استخدام الرصاص الحي والغازات السامة بشكل كبير، وفي نطاق ضيق.
وأكدت الهيئة أنها عملت على رصد وتوثيق كل الجرائم المرتكبة بحق المتظاهرين السلميين في مسيرة العودة الكبرى، لملاحقة قادة الاحتلال ومحاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية، داعية الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم حرب بحق المتظاهرين.
واعتبرت أن الإجراءات القمعية التي تنتهجها سلطات الاحتلال، تعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية، واتفاقيات حقوق الإنسان، لا سيما المادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (21) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي كفلتا لكل شخص الحق في الاشتراك في الاجتماعات العامة والحق في التجمع السلمي.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.