أنقرة تقترب من السيطرة على تل رفعت

صورة ارشيفية لجنود أتراك وسط عفرين (رويترز)
صورة ارشيفية لجنود أتراك وسط عفرين (رويترز)
TT

أنقرة تقترب من السيطرة على تل رفعت

صورة ارشيفية لجنود أتراك وسط عفرين (رويترز)
صورة ارشيفية لجنود أتراك وسط عفرين (رويترز)

أعلنت تركيا عزمها المضي قدما في عملياتها العسكرية شمال سوريا ورغبتها في التفاهم مع الولايات المتحدة في شأن منبج وشرق الفرات، ذلك بعد يوم واحد من القمة الثلاثية التركية - الروسية - الإيرانية التي عقدت أول من أمس في أنقرة لمناقشة التطورات في سوريا.
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ إن بلاده ستُطهّر منطقة تل رفعت بريف حلب الشمالي من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية. وأضاف بوزداغ، في مقابلة تلفزيونية أمس (الخميس)، أن «النهاية اقتربت بالنسبة إلى منطقة تل رفعت أيضاً» بعد السيطرة على عفرين في إطار عملية غصن الزيتون التي ينفذها الجيش التركي بدعم من فصائل من الجيش السوري الحر.
وشدد بوزداغ على عدم سماح بلاده بالمساس بوحدة سوريا أو إجراء تغيير ديموغرافي فيها مبني على المذهبية قائلا إن «هذا أمر مهم للغاية» ولفت إلى أن قمة أنقرة الثلاثية، أظهرت موقفاً واضحاً جداً إزاء الذين يحلمون بتقسيم سوريا، وتأسيس إدارات مختلفة وأن موقف الدول الثلاث (تركيا وروسيا وإيران) كان بمثابة رسالة إلى التنظيمات الإرهابية وداعميهم معاً، وأشار إلى أن روسيا أظهرت دعمها لتركيا في مكافحة الإرهاب.
وقال بوزداغ إنه «بعد تطهير تل رفعت من (الإرهاب)، ستتبعها منبج، ومناطق شرق الفرات، مضيفاً أن بلاده تريد التفاهم مع الولايات المتحدة بشأن منبج ومناطق شرق الفرات، إلا أنها تواجه صعوبة في اتخاذ خطوة في هذا الصدد، بسبب وجود ضبابية، وتضارب في التصريحات من الجانب الأميركي ما بين الرئيس دونالد ترمب، وقيادة القوات المركزية، ووزارة الدفاع (البنتاغون).
ودعا بوزداغ الولايات المتحدة، مجددا، إلى الالتزام بتعهداتها التي قطعتها لتركيا بشأن إخراج وحدات حماية الشعب الكردية من منبج وسحب أسلحتهم التي زودتهم بها. مؤكداً أن تنفيذ تلك التعهدات أهم من الأقوال بالنسبة لتركيا.
وأشار إلى أن تركيا تتحاور مع الحكومة المركزية العراقية، بخصوص سنجار، وأن الجيش العراقي دخل سنجار، وأن بلاده تراقب الوضع هناك عن كثب، وتعارض استمرار وجود حزب العمال الكردستاني في المنطقة عبر تغيير اسمه.
ولفت إلى أن تركيا تريد بشكل حقيقي تطهير منطقة سنجار، والمناطق الأخرى من عناصر العمال الكردستاني، وإذا ما قامت الحكومة العراقية بذلك فلن تبقى مشكلة بالنسبة لها، وإذا لم يتم تطهيرها فإن تركيا تمتلك القوة والإرادة لتطهير تلك المناطق من «الإرهابيين».
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين إن «عملية غصن الزيتون» ستستمر حتى تطهير كامل المنطقة من «الإرهابيين»، بما في ذلك مدينة تل رفعت شمال حلب.
وأضاف كالين، في مؤتمر صحافي أمس في أنقرة أن «وجودنا في عفرين سيستمر إلى أن يستتب الأمن في المناطق الحدودية وداخل المدينة».
وأشار إلى أن «روسيا تقول إنه لم يتبق تقريباً عناصر للوحدات الكردية في تل رفعت، وسنتأكد من ذلك عبر مصادرنا الخاصة».
وبشأن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بخصوص سوريا، قال كالين: «عزمنا يتواصل على صعيد تحقيق المرحلة الانتقالية السياسية، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات مستقلة وشفافة وعادلة، في إطار هذا القرار».
في سياق مواز، قال وزير شوؤن الاتحاد الأوروبي التركي، كبير المفاوضين الأتراك مع الاتحاد الأوروبي عمر تشيليك إنه إذا صحت الأنباء حول قيام القوات الفرنسية بتدريب عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، فإن ذلك سيكون «دعماً لمنظمة إرهابية».
وأشار تشيليك في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الفرنسية باريس، أمس عقب لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ووزيرة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو، إلى أن تركيا تشارك حليفتها فرنسا في الكثير من المواقف وفي مقدمتها الموقف حيال نظام بشار الأسد.
وتابع: «نحن لا نريد أن نرى أي قوات حليفة وهي تُدرب عناصر وحدات حماية الشعب الكردية»، ولفت إلى عثور قوات غصن الزيتون على أسلحة وذخائر تعود لحلفاء تركيا، في مخازن وأنفاق «الإرهابيين» في منطقة عفرين عقب تطهيرها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.