القمة الثلاثية تتمسك بوحدة سوريا والحل السياسي

روحاني طالب أنقرة بتسليم عفرين لدمشق... وإردوغان يريد مواصلة العمليات العسكرية

بوتين وإردوغان وروحاني في ختام قمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)
بوتين وإردوغان وروحاني في ختام قمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

القمة الثلاثية تتمسك بوحدة سوريا والحل السياسي

بوتين وإردوغان وروحاني في ختام قمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)
بوتين وإردوغان وروحاني في ختام قمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)

اتفق رؤساء تركيا وروسيا وإيران على العمل لتسريع الجهود لضمان الهدوء على الأرض في سوريا وحماية المدنيين في مناطق خفض التصعيد والتعاون لإحراز تقدم في المسار السياسي الذي نص عليه القرار 2254 الصادر من المجلس الدولي وتحقيق هدنة دائمة بين أطراف النزاع.
وأكد الرئيس التركي رجب طب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في ختام قمتهم في أنقرة أمس تمسكهم بوحدة الأراضي السورية والعمل من أجل القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية. وقال إردوغان في مؤتمر صحافي مشترك عقب القمة إن «وحدة أراضي سوريا تعتمد على الابتعاد عن جميع المنظمات الإرهابية» (في إشارة إلى الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور). وتابع: «أي عقلية لا تقبل بتطابق أهداف داعش والوحدات الكردية، لا يمكنها خدمة السلام الدائم في سوريا»، مؤكدا أن بلاده لن تتوقف حتى يستتب الأمن في جميع المناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، وعلى رأسها منبج.
وأكد استعداد بلاده للعمل بشكل مشترك مع روسيا وإيران لجعل تل رفعت منطقة مؤهلة من جديد كي يعيش فيها السوريون، وقال إنه يجب أن نبني مساكن في المناطق الآمنة لاستيعاب اللاجئين بشكل يتناسب مع الطراز المعماري في المكان كي يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي، مشيرا إلى أن تركيا وروسيا تتعاونان في إقامة مستشفى في تل أبيض لعلاج النازحين من الغوطة الشرقية وأن القوات المسلحة التركية والروسية ستتعاونان لإقامة المستشفى. وشدد على ضرورة الإسراع في التوصل إلى تسوية للأزمة السورية، منوّها إلى وجوب عدم إضاعة الوقت «لأن الناس يموتون هناك». ورأى أن الأمل في النجاح يزداد قوة.
وجدد الرئيس التركي تأكيده على أنّ مسار أستانة ليس بديلا لمفاوضات جنيف، إنما هو متمم لها.
وفيما يتعلق بالتطورات في الشمال السوري، قال إردوغان: «لن نسمح بأن يخيّم الظلام والسوداوية على مستقبل سوريا والمنطقة نتيجة تسلّط عدد من التنظيمات الإرهابية».
ولفتت إلى أن تركيا استطاعت تطهير 4 آلاف كيلومتر من الإرهابيين ثم أمنتها لعودة اللاجئين إلى بيوتهم، متوقعا عودة مئات آلاف اللاجئين إلى عفرين عقب انتهاء عمليات تأمينها من الإرهابيين ومخلفاتهم في إطار عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيشين التركي والسوري الحر.
وقال إردوغان إن القمة الثلاثية شهدت مشاورات من شأنها «إنارة درب المرحلة القادمة». وأشار إلى أنه بحث مع نظيريه الروسي والإيراني، قضية إحلال السلام في سوريا والخطوات المقبلة لتحقيق هذا الهدف. وأضاف أن الشعب السوري هو الطرف الخاسر من الأزمة والاشتباكات الدائرة في بلاده، وأنّ الطرف الرابح فهو معروف من قِبل الجميع، وأن الهدف من القمة الثلاثية هو إعادة إنشاء وإحياء سوريا يسودها السلام في أقرب وقت، داعيا المجتمع الدولي لدعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا.
وعن الخدمات التي تقدمها بلاده إلى مناطق «درع الفرات» شمال سوريا، قال إردوغان: «تركيا تكفّلت بجميع الإجراءات من أجل توفير جميع احتياجات 160 ألف شخص عادوا إلى جرابلس والراعي والباب».
من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهمية ألا يتم تسييس المساعدات الإنسانية في سوريا، لافتا إلى أن إردوغان تقدم بمقترحات لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية والطبية للمحتاجين في سوريا و«سوف نضع خطوات عملية في هذا الاتجاه». وأضاف بوتين: «نحن نعمل مع شركائنا الأتراك والإيرانيين للتوصل إلى حل للوضع في سوريا وكدول ضامنة نعمل على زيادة التنسيق من أجل تخفيف التوتر في سوريا». وأشار بوتين إلى أن القمة ناقشت الملف السوري بكل تفاصيله وأن روسيا تشدد، مثل تركيا وإيران، على وحدة الأراضي السورية.
وبدوره، قال روحاني، إن التنظيمات الإرهابية تخدم مصالح قوى بعينها بينها أميركا، ودعا جميع الدول إلى احترام استقلال سوريا. وأضاف روحاني، خلال المؤتمر الصحافي، أن «بعض البلدان و«بينها أميركا» تساند جماعات إرهابية في سوريا، مثل «داعش»، لأنها تخدم مصالح هذه الدول.
وشدد على أن إيران تعتقد بعدم وجود حل عسكري للأزمة السورية وأن الحفاظ على استقلال سوريا هو أولوية بالنسبة لطهران. وتساءل: «ماذا تفعل الحكومة الأميركية على بعد آلاف الكيلومترات عن أرضها في سوريا؟ ومن دعا الجنود الأميركيين للوجود في سوريا.
وفي الوقت نفسه، قال روحاني إنه يجب تسليم السيطرة على منطقة عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية وحلفاؤها من فصائل الجيش السوي الحر إلى جيش النظام السوري. وأضاف روحاني أن التطورات الجارية في عفرين لن تكون مفيدة إذا أخلت بوحدة الأراضي السورية، ويتعين تسليم السيطرة على هذه المناطق للجيش السوري.
وعبر روحاني في الوقت ذاته عن شكره لتركيا على دعمها الكبير للاجئين السوريين.
وقد صدر عن القمة الثلاثية بيان مشترك أكد رفض الدول الثلاث كل المحاولات الرامية لـ«خلق واقع ميداني جديد في سوريا تحت ستار مكافحة الإرهاب». وأشار البيان إلى أن القمة بحثت التطورات التي شهدتها سوريا منذ القمة الثلاثية الأولى التي انعقدت العام الماضي في مدينة سوتشي الروسية، لافتا إلى أن الرؤساء الثلاثة أعربوا عن سعادتهم للإسهامات الإيجابية لمسار أستانة في إيجاد حل للأزمة في سوريا.
وأكد البيان أن صيغة أستانة هي أكثر مبادرة دولية فعالة من ناحية المساهمة في غرس السلم والاستقرار في سوريا عبر تسريع عملية جنيف الرامية لإيجاد حل سياسي دائم للصراع السوري، والمساعدة على خفض وتيرة العنف في عموم سوريا. وأضاف البيان أن الرؤساء الثلاثة شددوا على مواصلة التعاون الفعال فيما بينهم بهدف إحراز تقدم في المسار السياسي الذي نص عليه القرار 2254 الصادر عن المجلس الدولي وتحقيق هدنة دائمة بين أطراف النزاع. وأضاف البيان أن الرؤساء جددوا التزامهم بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وحدة ترابها وبنيتها غير القائمة على عرق معين، وإصرارهم على التصدي للأجندات الانفصالية في سوريا.
وسبق انعقاد القمة اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث ناقشوا خلاله الموضوعات المطروحة على القمة. كما عقد إردوغان اجتماعا مع روحاني قبل انطلاق أعمال القمة تناولا خلاله تطورات الوضع في سوريا وسير اتفاق وقف إطلاق النار واتفاق مناطق خفض التصعيد وعملية غصن الزيتون العسكرية التي تنفذها تركيا مع فصائل من الجيش السوري الحر في منطقة عفرين بشمال سوريا والتي أبدت إيران معارضة لها.
كما عقد بوتين اجتماعا مع نظيره الإيراني تناولا فيه الوضع في سوريا.
وكان إردوغان التقى بوتين أول من أمس في أنقرة حيث جرى بحث الوضع في سوريا بمختلف أبعاده وعملية غصن الزيتون ومناطق خفض التصعيد والوضع في الغوطة الشرقية وسبل توفير المساعدات الإنسانية لسكانها.
كما ترأس إردوغان وبوتين اجتماع المجلس الاستراتيجي الأعلى المشترك، وأكدا في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع تمسك بلديهما بوحدة أراضي سوريا والاستمرار في مكافحة الإرهاب بكل عزم والحفاظ على وقف إطلاق النار.
في سياق مواز، أكد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل أن بلاده تجري حواراً مكثفاً مع تركيا بشأن سوريا. وقال، خلال كلمة مشاء أول من أمس في منتدى بعنوان «استقرار العراق وسوريا بعد داعش»، نظمه «معهد السلام بواشنطن»، بمشاركة مسؤولين آخرين، معلقا على الخلاف بين بلاده وتركيا بشأن الأولويات في سوريا، وعلى رأسها مدينة منبج التي تسيطر عليها الوحدات الكردية بأن قنوات الاتصال بين الجانبين «جيدة ومفتوحة». وأضاف: «نحن في حوار مكثف مع تركيا بهذا الخصوص، والشيء المهم الذي تعلمناه في سوريا هو ضرورة وجود آليات للحديث مع الناس، بسبب وجود لاعبين كثر في المنطقة».
وحول عملية غصن الزيتون التي نفذتها تركيا في عفرين السورية، قال فوتيل إن عملية «غصن الزيتون» أثرت على عمليات التحالف ضد «داعش» بالشمال السوري.
وكانت وكالة أنباء الأناضول التركية أكدت قيام القوات الأميركية في منبج بإنشاء قاعدتين عسكريتين جديدتين في المدينة التي ترغب تركيا في تطهيرها من وحدات حماية الشعب الكردية الذين وعدت واشنطن من قبل بإخراجهم إلى شرق الفرات، كما تم خلال الأيام الأخيرة نشر عناصر جديدة من القوات الأميركية هناك.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.