هل بدأت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة؟

تفريغ شحنات من واردات فول الصويا الأميركية بميناء نانتونغ شرق الصين (أ.ف.ب)
تفريغ شحنات من واردات فول الصويا الأميركية بميناء نانتونغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

هل بدأت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة؟

تفريغ شحنات من واردات فول الصويا الأميركية بميناء نانتونغ شرق الصين (أ.ف.ب)
تفريغ شحنات من واردات فول الصويا الأميركية بميناء نانتونغ شرق الصين (أ.ف.ب)

بعد نحو شهر من تحذير عالمي من نشوب «حرب تجارية»، تصاعدت وتيرة الخلاف بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، الولايات المتحدة والصين، إثر فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوما جمركية على واردات بلاده من الفولاذ والألمنيوم ردت عليها الصين بإجراء مماثل.
وفرضت بكين أول من أمس (الاثنين)، رسوما جمركية بقيمة ثلاثة مليارات دولار على 128 صنفا من المنتجات التي تستوردها من الولايات المتحدة، بما فيها الفواكه ولحم الخنزير، في أول رد لها على الضرائب التي فرضتها واشنطن على الصادرات الصينية من الصلب والألمنيوم، بحسب وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.
وعدّ البيت الأبيض الإجراءات التي اتخذتها الصين «تشويها للأسواق العالمية».
وقالت لينزي والترز نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض في بيان نقلته وسائل إعلام أميركية: «بدلا من استهداف الصادرات الأميركية التي يتم تداولها بشكل عادل، يتعين على الصين أن توقف ممارساتها التجارية غير العادلة التي تضر بالأمن القومي الأميركي وتشوه الأسواق العالمية».
وأدت الإجراءات الصينية إلى تراجع مؤشرات الأسهم الأميركية في بورصة وول ستريت مع مخاوف المستثمرين من حرب تجارية محتملة بين العملاقين الاقتصاديين.
لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، حيث نشرت واشنطن أمس (الثلاثاء) قائمة بمنتجات صينية تستورد منها الولايات المتحدة سنويا «ما قيمته 50 مليار دولار تقريبا»، وتعتزم إدارة الرئيس دونالد ترمب فرض رسوم جمركية عليها ردا على ما تقوم به بكين من «نقل بالقوة للتكنولوجيا الأميركية والملكية الفكرية».
وقال الممثل الأميركي للتجارة في بيان إن هذه اللائحة تشمل منتجات من قطاعات مختلفة بما فيها «تقنيات الطيران وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والروبوتات والآلات».
وتسعى إدارة ترمب إلى مواجهة العجز التجاري الأميركي مع باقي العالم، معتبرة أن السلع المستوردة كثيرا ما تكون مدعومة بشكل غير قانوني. وبخصوص الصين، فقد طالب ترمب العملاق الآسيوي بتقليص فائضه التجاري مع واشنطن بما لا يقل عن مائة مليار دولار، علما أن الولايات المتحدة تعاني عجزا تجاريا هائلا مع بكين وصل في 2017 إلى 375.2 مليار دولار.
بعد ساعات، وفي رد مماثل، أعلنت وزارة المالية الصينية اليوم (الأربعاء)، إن الصين ستفرض رسوما إضافية نسبتها 25 في المائة على 106 منتجات أميركية من بينها فول الصويا والسيارات والكيماويات وبعض أنواع الطائرات والذرة بالإضافة إلى منتجات زراعية أخرى. وبحسب بيان منفصل من وزارة التجارة، فإن حجم المنتجات المستهدفة بالرسوم الجمركية بلغ 50 مليار دولار في 2017.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد وصف في تغريدة له مطلع مارس (آذار) الماضي، الحروب التجارية بأنها «جيدة ومن السهل كسبها»، وذلك في معرض رده على الانتقادات الدولية ضد قراره بفرض رسوم جمركية على واردات بلاده من الفولاذ والألمنيوم.
وحذر الاتحاد الأوروبي والصين وأستراليا من نشوب «حرب تجارية» بين الولايات المتحدة وباقي دول العالم، ما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ورد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك على ترمب بأن الحروب التجارية «سيئة ومن السهل خسارتها».
الأمر ذاته أكدته مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، حينما صرحت في مقابلة مع صحيفة أرجنتينية بأن «الحرب التجارية ليس فيها فائزون».
من جانبها، كررت بكين الشهر الماضي تأكيدها أنها لا تريد حربا تجارية مع واشنطن، لافتة إلى أنها لن تقف مكتوفة الأيدي و«ستتخذ ما يلزم من إجراءات»، وأن الحرب التجارية ليست الحل الأمثل لمعالجة مشكلة، حسبما أفاد وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
وتابع الوزير خلال مؤتمر صحافي الشهر الماضي على هامش الجلسة السنوية للبرلمان إنه في ظل «عصر العولمة، فإن من يلجأون إلى حرب تجارية إنما يختارون العلاج الخاطئ لأن جلّ ما يفعلونه هو أنهم يعاقبون أنفسهم».
وقال وزير التجارة الصيني تشونغ تشان إن بلاده ستواصل المحادثات مع الولايات المتحدة لتجنب الحرب التجارية.
لكن سرعان ما تغيرت النبرة الصينية بعد تصريحات لترمب اتهم فيها العملاق الآسيوي بـ«ممارسات غير مشروعة وسرقة الملكية الفكرية»، وأشار إلى إجراءات عقابية يمكن أن تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار.
وقالت السفارة الصينية في واشنطن إن الصين «تشعر بخيبة أمل قوية» إزاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إطلاق عقوبات تجارية ضد بكين لكنها لن تهرب من حرب تجارية مع الولايات المتحدة.
وأضافت السفارة قائلة في بيان: «إذا بادرت الولايات المتحدة إلى حرب تجارية، فإن الصين ستقاتل إلى النهاية للدفاع عن مصالحها المشروعة باستخدام كل الإجراءات الضرورية».
وبعد الإجراءات الصينية الأخيرة، غرد ترمب بأن بلاده ليست في حرب تجارية مع الصين، قائلا: «لسنا في حرب تجارية مع الصين، تلك الحرب خسرناها منذ سنوات طويلة عبر أشخاص حمقى وغير مؤهلين مثّلوا الولايات المتحدة»، حسب قوله.
وتابع الرئيس الأميركي: «الآن لدينا عجز تجاري بقيمة 500 مليار دولار سنويا، مع سرقة ملكية فكرية بقيمة 300 مليار دولار. لا يمكننا أن نترك هذا يحدث».
وتعليقا على التطورات الأخيرة، قال أنجيل جوريا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين «مقلق للغاية».
وأوضح جوريا في معهد تشاتام هاوس الدولي البحثي في لندن: «هذا أمر مقلق للغاية. تتحدثون عن أكبر بلدين تجاريين في العالم». وأضاف: «هذا ليس في مصلحة أحد، إنه أمر سيئ... وضع يخسر فيه الجميع».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».