«خلاف» بين بوتفليقة وأويحيى حول دعم الجزائر استضافة المغرب مونديال 2026

رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى (أ.ف.ب)
TT

«خلاف» بين بوتفليقة وأويحيى حول دعم الجزائر استضافة المغرب مونديال 2026

رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى (أ.ف.ب)

يتابع الجزائريون باهتمام هذه الأيام «بلبلة» وقعت في قمة هرم الدولة بخصوص مشاركة لاعب كرة القدم السابق الأخضر بلومي في حملة دعم ترشح المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم 2026. فقد أعلن نجم ثمانينات القرن الماضي، يوم الثلاثاء الماضي، أن «مستشاراً» برئاسة الوزراء اتصل به ليبلغه بأنه ممنوع من الانخراط في حملة دعم المغرب، وفي اليوم التالي جاءه اتصال من رئاسة الجمهورية يطلب منه العكس!
وكشف هذا الخلاف بين أكبر مؤسستين في البلاد، حسب مراقبين، غيابَ التواصل بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبين رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي يعد واحداً من أبرز مساعدي الأول في الدولة. ومنطقياً، يُفترض أن أويحيى يعود إلى الرئاسة قبل الرد على بلومي الذي كان يسعى إلى معرفة هل هناك موافقة على طلب الرباط وجوده ضمن فريق النجوم العرب والأفارقة، لدعم ملف احتضان بطولة كأس العالم. فالأمر يتعلق بتمثيل بلد للدفاع عن ملف بلد آخر يسعى لتنظيم مظاهرة رياضية عالمية، بأبعاد تجارية وسياسية ودبلوماسية كبيرة.
وقال مصدر حكومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن أويحيى نقل طلب بلومي إلى محمد روقاب السكرتير الخاص للرئيس، الاثنين الماضي، وانتظر 24 ساعة من دون أن يصله إليه جواب، فقرر «التصرّف» بتبليغ لاعب كرة القدم سابقاً بأنه «يُستحسن ألا تدعم المغرب». وذكر المصدر الحكومي أن المبادرة التي اتخذها أويحيى تمت انطلاقاً من علمه بالجفاء الذي يوجد بين البلدين منذ سنين طويلة، وبأن بوتفليقة قد تثور ثائرته لو منح الضوء الأخضر لبلومي لدعم الرباط.
وفهم قطاع من المراقبين موافقة الرئاسة على طلب بلومي بأنه بمثابة «صفعة» لأويحيى تحمل رسالة مفادها أن أي مبادرة تلزم الدولة ينبغي أن يكون مصدرها بوتفليقة وليس أي شخص آخر. وليست هذه المرة الأولى التي يخالف فيها الرئيس قرارات وإجراءات اتخذها مسؤولون بارزون، وكان آخرها أوامر لوزيرة التعليم نورية بن غبريط بأن تفتح حواراً مع نقابة التعليم وتلغي قرارات أصدرتها بفصل آلاف الأساتذة المضربين. وكانت الوزيرة قد صرّحت بأن الإضراب غير شرعي، وبأنها لن تلتقي النقابة. وكانت الوزيرة نفسها قد قلّصت، العام الماضي، عطلة الربيع بالنسبة إلى التلاميذ من 15 يوماً إلى 10 أيام، غير أنها عدلت عن هذا القرار بتدخل من الرئاسة.
وكان أويحيى نفسه قد أمضى نهاية العام الماضي «عقد شراكة بين القطاعين العام والخاص»، مع النقابة المركزية وتنظيم أرباب العمل الخواص. غير أن بوتفليقة ألغى المشروع بطريقة مفاجئة، بعدما أُشيع بأن الاتفاق يرمي إلى بيع الشركات الحكومية العاجزة للقطاع الخاص.
وصرّح عبد القادر شافي، وهو رئيس جمعية تهتم بمصير قدامى الرياضيين، وبلومي عضو فاعل فيها، بأن اللاعب السابق رفض «عرضاً مغرياً» وصله، حسبما قال، من «لجنة التحضير (المغربية) لاحتضان كأس العالم»، وذلك بعدما جاءه الرفض من رئيس الوزراء. وكان بلومي، حسب شافي، يحضّر نفسه للسفر إلى مدينة الدار البيضاء الخميس الماضي، للتوقيع على عقد للمشاركة مع نجوم لامعين في عملية الترويج ميدانياً، من خلال سفريات إلى دول عدة، لقدرات المغرب على تنظيم المونديال، ورفع سقف المنافسة أمام ترشح الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وهي دول تشترك في ملف واحد.
وقال بلومي في تصريحات للصحافة: «أديتُ واجبي الوطني عندما رفعتُ طلب سلطات المغرب إلى سلطات بلدي العليا. وفي المسائل الحساسة، تصبح مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار». وتحدث عن «أموال طائلة» عُرضت عليه للمشاركة في حملة الترويج المغربية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.