وزير داخلية المغرب يتهم 3 جهات بتأجيج الاحتجاجات في جرادة

TT

وزير داخلية المغرب يتهم 3 جهات بتأجيج الاحتجاجات في جرادة

خرجت الحكومة المغربية عن التحفظ الذي لازم تعاطيها مع ملف احتجاجات مدينة جرادة الواقعة شرق البلاد، واتهمت بشكل مباشر 3 أطراف بالعمل على تأجيج الأوضاع وإشعال الاحتجاجات، مجددة التأكيد على التزامها بتنفيذ البرنامج التنموي الخاص بالمنطقة الذي أعلنته في وقت سابق.
جاء ذلك على لسان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أمس (الاثنين)، بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، خلال لقاء مع أعضاء لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة حول موضوع «احتجاجات مدينة جرادة».
وقال لفتيت إن كل المؤشرات والقرائن المتوافرة تفيد بأن التحركات الاحتجاجية المسجلة بإقليم جرادة تعيش حالياً «مرحلة تحول من مجموعات لها مطالب اجتماعية واقتصادية وبيئية إلى حلقة جديدة ضمن مسلسل تسعى من خلاله بعض الجهات، كحزب النهج الديمقراطي (يسار راديكالي) والجمعية المغربية لحقوق الإنسان (يسار) وجماعة العدل والإحسان (إسلامية) غير المعترف بها، لتوسيع مساحات الاحتجاج بمختلف مناطق المملكة، واختراق واستغلال أي حركة اجتماعية لتأجيج الوضع».
واتهم لفتيت هذه الهيئات بالعمل على إحراج صورة الدولة في الداخل والخارج، حيث ذهب إلى أنها أمام «حالة الجمود التي تعيشها هذه الجهات، والعجز الذي يعرفه خطابها السياسي، فهي تلجأ إلى التغلغل وسط أي بؤرة احتجاج، كمحاولة لإحراج صورة الدولة أمام الرأي العام الوطني والمنظمات الحقوقية الدولية»، وأضاف أن هذه المساعي تهدف إلى «تبخيس مجهودات الدولة ومشاريعها». وشدد وزير الداخلية، في رسالة واضحة إلى كل من حزب «النهج الديمقراطي» و«الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» و«جماعة العدل والإحسان»، على أن «من يريد الاشتغال في إطار يراعي المشروعية، فالطريق واضح ومعبد يحمل معه مكاسب ديمقراطية تاريخية تحققت بفضل حكمة المؤسسة الملكية، وبفضل نضالات الهيئات السياسية الجادة التي لها غيرة على مصلحة الوطن».
وزاد لفتيت قائلاً بنبرة تحد واضحة لهذه الجهات: «من يعتقد أنه قادر على تحقيق أهدافه غير المعلنة من خلال الاشتغال من وراء الستار فهو واهم، فالتجربة المغربية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن دعم المسار الديمقراطي والتنموي يبنى بالعمل الجاد والالتزام المسؤول من داخل المؤسسات الوطنية».
وأوضح أن الخيارات المتبناة من طرف البعض «لا تخيف الدولة، ولا تشوش على عملية البناء الديمقراطي والتنموي كخيار استراتيجي»، مؤكداً أن الدولة ستبقى «قوية كما كانت، ما دامت ترتكز على أسس متينة، قوامها القانون ولا شيء غير ذلك».
وأعلن أن الحكومة ستواصل «واجبها في تطبيق القانون، وحماية النظام والأمن العامين، والتصدي بكل حزم لكل التصرفات والسلوكات غير المسؤولة»، وذلك في تأكيد لاستمرار منع الاحتجاجات غير المرخص لها بالإقليم.
كما أشار وزير الداخلية إلى أن الحكومة حرصت على إبداء تفاعلها الإيجابي مع المتطلبات التنموية لسكان جرادة، من خلال استبعاد أية مقاربة أمنية في التعامل مع الوقفات الاحتجاجية المنظمة من طرف السكان لما يقارب 3 أشهر، وتغليب منطق الحوار والتشاور من خلال اللقاءات التي عقدتها السلطة الولائية والإقليمية مع جميع الفرقاء بالإقليم، وزيارة المنطقة من قبل وفود حكومية قصد الإنصات للانشغالات والمطالب المعبر عنها، وبحث الحلول الممكنة لمعالجتها.
واستطرد لفتيت قائلاً: «على الرغم من التفاعل الإيجابي للحكومة بشكل يفوق سقف المطالب المعبّر عنها، فإن بعض الفئات تأبى إلا أن تضع مجهودات الدولة على الهامش، من خلال سعيها بكل الوسائل إلى استغلال المطالب المشروعة المعبر عنها، وتحريض الساكنة بشكل متواصل على الاحتجاج في مسعى خائب لابتزاز الدولة».
يذكر أن جماعة «العدل والإحسان»، شبه المحظورة، كانت قد أعلنت تبرؤها من الاحتجاجات التي تعيش على إيقاعها مدينة جرادة منذ أكثر من 3 أشهر، بعد وفاة عاملين في أحد المناجم العشوائية لاستخراج الفحم الحجري.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.