أنقرة تستبق القمة الثلاثية بتصعيد قرب تل رفعت وعفرين

إردوغان يتوقع عمليات أخرى «في أي لحظة»

TT

أنقرة تستبق القمة الثلاثية بتصعيد قرب تل رفعت وعفرين

صعّدت تركيا من تحركاتها في شمال سوريا عشية بدء الأعمال التحضيرية للقمة بين الرؤساء التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، التي تُعقد غداً، كما أعلن إردوغان عن إمكانية انطلاق عمليات عسكرية جديدة في أي لحظة.
وأغارت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو التركي على منطقة جبال راجو في جنوب عفرين، أمس، بعد تثبيت وجود عناصر من وحدات حماية الشعب الكردية في المنطقة. وقالت مصادر تركية إن سلاح الجو التركي نفذ عملية جوية ضد مجموعة من المسلحين تم اكتشافهم في مناطق جبلية تابعة لبلدة راجو في عفرين.
ومنذ أيام تواصل قوات الجيشين التركي والسوري الحر المشاركة في عملية «غصن الزيتون» وعمليات التمشيط والتطهير في عفرين.
ولمح إردوغان، الذي تفقد، أول من أمس، الوحدات العسكرية العاملة على الحدود السورية في ولاية هطاي (جنوب تركيا)، إلى احتمال أن تطلق بلاده عمليات عسكرية جديدة «في أي لحظة»، مؤكداً عزم أنقرة أيضاً على تطهير قضاء سنجار العراقي من الإرهابيين (في إشارة إلى عناصر حزب العمال الكردستاني).
وقال إردوغان، في حفل بمدينة إسطنبول، أمس (الاثنين): «في أي لحظة يمكن أن تسمعوا عن انطلاق عملياتنا العسكرية الجديدة ضد الإرهابيين». ولفت إلى أن أنقرة أبلغت حكومة العراق بأنها ستقوم بمهمة تطهير المنطقة من «الإرهابيين»، ما لم تقم هي بهذه المهمة، قائلاً: «قلنا لبغداد إما أن تقوموا بتطهير سنجار من الإرهابيين وإما أن نأتي نحن لنقوم بهذه المهمة... لن ننتظر إذناً من أحد».
وتفقد إردوغان، مساء أول من أمس، مخفراً حدودياً في ولاية هطاي جنوب تركيا بعد مشاركته في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الولاية، هطاي، المحاذية للحدود مع سوريا، مرتدياً الزي العسكري، ورافقه رئيس أركان الجيش خلوصي أكار وقادة عسكريون وعدد من الرياضيين والفنانين الأتراك للتعبير عن تضامنهم مع جيش بلادهم في عملية «غصن الزيتون» الجارية في منطقة عفرين.
وقال إردوغان خلال زيارة المخفر الحدودي: إن «تحرير مركز مدينة عفرين قبل إتمام عملية غصن الزيتون شهرها الثاني، يعد حدثاً تاريخياً، وسط ذهول العالم من بطولة الجيش التركي».
وأكد أن عملية «تطهير تل رفعت وغيرها من المناطق من سيطرة ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا قد بدأت».
وقال إنه تتم معاملة وحدات حماية الشعب الكردية في عملية «غصن الزيتون» في شمال سوريا مثلما تم التعامل مع تنظيم «داعش» الإرهابي في عملية «درع الفرات»، معتبراً أنه لا فرق بينهما وأن كليهما تنظيم إرهابي. وأشار إلى أن عدد من تم تحييدهم منذ انطلاق عملية غصن الزيتون في منطقة عفرين في العشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي وصل إلى 3872 مسلحاً.
في غضون ذلك، نقلت وسائل إعلام عن مصادر محلية أن النظام السوري وإيران عرقلا اتفاقاً بين تركيا وروسيا بشأن تسليم مدينة تل رفعت والقرى المجاورة لها لقوات «غصن الزيتون».
كان اجتماع ضم عسكريين من تركيا وروسيا عُقد الأسبوع الماضي في ريف حلب الشمالي، لبحث السيطرة على مدينة تل رفعت، أسفر عن اتفاق لدخول القوات التركية إلى المدينة، إلا أنه فشل في اللحظات الأخيرة بسبب عرقلة النظام السوري وإيران له.
وتنطلق في أنقرة، اليوم (الثلاثاء)، الأعمال التحضيرية للقمة الثلاثية التركية الروسية الإيرانية بشأن سوريا والتي ستُعقد، غداً (الأربعاء)، حيث من المتوقع أن يصدر عن القمة بيان يدعو إلى مواصلة وقف إطلاق النار في سوريا، ووحدة أراضيها ووقف الانتهاكات، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية تركية.
وقالت المصادر إن موظفين رفيعي المستوى من تركيا وروسيا وإيران سيجتمعون، اليوم، عشية انعقاد القمة الثلاثية بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظيريه الروسي فلاديمبر بوتين والإيراني حسن روحاني، للعمل على البيان الختامي التي سيصدر عقب انتهاء القمة.
ووفقاً للمصادر، من المنتظر أن يتضمن البيان تأكيد تطابق آراء الدول الثلاث بشأن منع انتهاكات وقف إطلاق النار بسوريا ووحدة أراضيها وضرورة مواصلة وقف الاشتباكات.
وسيقدم الموظفون الذين سيجتمعون، اليوم، مقترحاتهم حول الخطوات التي ينبغي اتخاذها حيال سوريا، إلى وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران الذين سيعقدون اجتماعاً، صباح غد، يسبق انعقاد القمة.
وسيبحث وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو خلال الاجتماع، مع كلٍّ من نظيريه الروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، مشروع البيان الختامي الذي سيقدم للرؤساء الثلاثة لاعتماده.
ومن المقرر أن يعقد إردوغان اجتماعاً ثنائياً مع نظيره الإيراني حسن روحاني على هامش القمة، لتبادل الآراء بخصوص العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية، والدولية، كما يعقد اجتماعاً آخر مع بوتين.
ويسبق أعمال القمة انعقاد المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين تركيا وروسيا، اليوم (الثلاثاء)، حيث يجري بحث واقع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ومستقبله، وسير تنفيذ المشاريع الاستراتيجية المشتركة، بما فيها مشاريع الطاقة. كما ستتناول المباحثات قضايا إقليمية ودولية ملحة، لا سيما الوضع في سوريا والعمل المشترك على مكافحة الإرهاب.
وخلال قمة الأربعاء، سيستعرض الرؤساء الثلاثة سير تطبيق الاتفاقيات التي توصلوا إليها خلال قمتهم الثلاثية الأولى في سوتشي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ومن المقرر أيضاً تبادل الآراء في إجراءات إضافية يمكن اتخاذها لتعزيز نظام وقف إطلاق النار، ومواصلة عمل مناطق تخفيف التصعيد وحل المشكلات الإنسانية، إضافة إلى تحريك التسوية السياسية عبر مساري أستانة وجنيف.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».