ميناء «طنجة المتوسط» يضع المغرب ضمن أهم دول الربط الملاحي عالمياً

قال فؤاد بريني، رئيس الوكالة الخاصة «طنجة المتوسط»، المشرفة على المركب المينائي طنجة المتوسط (شمال المغرب)، إن هذا المشروع الرائد الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس، وخلد أخيرا الذكرى العاشرة لانطلاقته، ساهم في إدماج المغرب ضمن الدول العشرين الأولى من حيث الربط الملاحي، مشيرا إلى أن بلاده تمكنت من احتلال الرتبة السادسة عشرة عالميا في هذا المجال في سنة 2017، بعدما كانت تحتل الرتبة 83 سنة 2005.
وأضاف بريني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن قرب المركب المينائي طنجة المتوسط من أوروبا (14 كيلومترا من إسبانيا)، يسمح له بأن يكون منصة متكاملة حقيقية، أصبحت في ظرف 10 سنوات أول ميناء تصدير مغربي، إذ يعالج سنويا ما قيمته 88 مليار درهم (8.5 مليار دولار). وأوضح أن الرحلات المتعددة إلى الساحل الأوروبي تيسر عمليات التصدير إلى حد كبير، مشيرا إلى أنه يمكن أن تغادر طلبية شمال المغرب، وتعبر مضيق جبل طارق، لتصل في أقل من 24 ساعة إلى برشلونة بإسبانيا بواسطة شاحنة، بينما تستغرق الرحلة من شنغهاي 22 يوما على متن السفينة، بعد أن كانت تستغرق السلع للوصول إلى ميناء الدار البيضاء قبل ميناء طنجة المتوسط 56 يوما.
تجدر الإشارة إلى أن 286 ألف شاحنة للنقل الدولي عبرت سنة 2017، عبر ميناء طنجة المتوسط، ذي القدرة الاستيعابية لـ700 ألف شاحنة للنقل الدولي سنويا.
ويرتبط ميناء طنجة المتوسط اليوم بـ174 ميناء في جميع أنحاء العالم، موزعة على 74 بلدا، وهو يقدم خدمات كثيرة لشتى أنواع التدفقات من الحاويات والسفن، بالإضافة إلى كونه محطة للسلع المتنوعة والسيارات.
ومع أكثر من 2.8 مليون مسافر في عام 2017، والقدرة على التعامل مع 7 ملايين مسافر سنويا، أصبح ميناء طنجة المتوسط نقطة عبور 50 في المائة من تدفقات العابرين من مغاربة العالم المارين عبر مضيق جبل طارق.
وبتاريخ 30 يوليو (تموز) 2002، بمناسبة الذكرى الثالثة لعيد العرش (الجلوس)، أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس عن إنشاء ميناء طنجة المتوسط، أحد أكبر موانئ البحر الأبيض المتوسط، الذي سيشكل الطريق البحرية السريعة الثانية من خلال مرور أكثر من 100 ألف سفينة سنويا، و200 سفينة شحن يوميا من المضيق.
- مركز محوري لإعادة الشحن
في يوليو 2007، افتتح الملك محمد السادس أول محطة للحاويات في طنجة المتوسط، تديرها الشركة العالمية «آي بي إم ترمينالز». ويعد طنجة المتوسط مركزا محوريا لإعادة الشحن بالنسبة لتدفقات البضائع العالمية. ويقدم خدمات بحرية تربط آسيا وأوروبا وأفريقيا والأميركتين.
ويمثل «طنجة المتوسط» قطبا لوجيستيا موصولا بأكثر من 174 ميناء عالميا، بقدرة استيعابية لتسعة ملايين حاوية، وسبعة ملايين راكب، و700 ألف شاحنة، ومليون سيارة، و15 مليون طن من المحروقات.
ويمثل «طنجة المتوسط» أيضا قطبا صناعيا لأكثر من 800 شركة عالمية ناشطة في مجالات مختلفة من الصناعات، والطائرات، والنسيج، واللوجستيك، والخدمات، والتجارة، بحجم مبادلات يفوق 72 مليار درهم (7.8 مليار دولار).
ويذكر أن أشغال مشروع «طنجة المتوسط» انطلقت عام 2003، وجرى افتتاح «ميناء طنجة المتوسط 1» عام 2007. وفي عام 2009 جرى إطلاق المنصة الصناعية الكبرى طنجة المتوسط، على مساحة خمسة آلاف هكتار. وفي 2010 تم افتتاح ميناء المسافرين والشاحنات. وفي عام 2012 تم افتتاح مجمع «رونو طنجة المتوسط»، وفي عام 2013 افتتحت المنطقتان الصناعيتان «طنجة أوتوموتيف سيتي» و«تطوان شور» للأعمال.
وتميز عام 2014 ببلوغ «طنجة المتوسط 1» المعالجة القصوى للحاويات، إذ وصلت إلى ثلاثة ملايين حاوية. وفي 2015 جرى افتتاح المنطقة الصناعية «تطوان بارك»، كما جرى استكمال المرحلة الأولى من «ميناء طنجة المتوسط 2».
وفي 2016 تم التوقيع على عقود امتياز جديدة لاستغلال «محطة الحاويات 4» بـ«طنجة المتوسط 2»، باستثمار قدره 900 مليون دولار من طرف شركة «آي بي إم ترمينالز»، بينما عرف عام 2017 بدء تشغيل محطة الصادرات للشاحنات والحاويات.
ويتوفر المركب المينائي لطنجة المتوسط على احتياطي عقاري قدره 30 مليون متر مربع.
- منصة مينائية مندمجة
منذ انطلاق «طنجة المتوسط»، اكتسى هذا المشروع طابعا ضخما، سواء في الحجم وفي الاستثمارات، ومكَّن المركب المينائي طنجة المتوسط من تطوير منصة مينائية مندمجة عالية الأداء، تتمحور حول أنشطة إعادة الشحن والتصدير والاستيراد واللوجستيك ذات القيمة المُضافة.
ويضم المركب المينائي طنجة المتوسط، الذي يمتد على مساحة ألف هكتار، 3 موانئ: الأول هو «ميناء طنجة المتوسط 1»، الذي يتوفر على محطتين خاصتين بالحاويات، ومحطة للسكة الحديدية، ومحطة المحروقات، ومحطة البضائع المتنوعة، ومحطة للسيارات.
أما الميناء الثاني فهو «طنجة المتوسط 2»، ويتوفر على محطتين خاصتين بالحاويات.
بينما يبقى الميناء الثالث، هو «ميناء طنجة المتوسط للركاب»، ويشتمل على مناطق الولوج والتفتيش الحدودي، وأرصفة إركاب المسافرين والنقل الدولي الطرقي، ومناطق التنظيم والمحطة البحرية.
ويوجد ضمن المركب المينائي أيضا «مركز طنجة المتوسط للأعمال»، الذي يتوفر على منصة صناعية كبرى، وهي منصة تدرج ضمن رؤية طويلة الأمد للتنمية، استنادا على قاعدة أرضية مخصصة لهذا الغرض، وتبلغ مساحتها 50 مليون متر مربع، حيث يتم استثمار هذه المساحة تدريجيا، وفقا لأفضل المعايير العالمية، في بناء مجمعات صناعية ولوجستية.
وتشمل هذه المنصة الصناعية الكبرى ست مناطق للأنشطة المطورة على مساحة 1600 هكتار، وبلغ حجم المعاملات عند التصدير 72 مليار درهم (7.8 مليار دولار).
ويتعلق الأمر أولا بالمنطقة الحرة طنجة متعددة الأنشطة، على مساحة 400 هكتار، وتشمل السيارات والطيران والإلكترونيات والنسيج. وثانيا بمنطقة «رونو طنجة المتوسط»، وفيها أول مصنع لإنتاج السيارات في أفريقيا على مساحة 300 هكتار. وثالثا بمنطقة «طنجة أوتوموتيف سيتي»، وهي منطقة حرة على مساحة 300 هكتار مخصصة لقطاع السيارات، وتقع على بعد كيلومترين من مصنع «رونو طنجة المتوسط». ورابعا بمنطقة «تطوان بارك»، وتقع على مساحة 150 هكتارا مخصصة للصناعات الخفيفة، والتصنيع والتجارة والخدمات اللوجيستية. وخامسا بمنطقة «تطوان شور»، وهي منطقة مخصصة لمهن ترحيل الخدمات (أوف شورينغ) وتقع على مساحة 6 هكتارات. وسادسا بمنطقة حرة لوجيستية، وتقع على مساحة 200 هكتار محاذية للميناء ومخصصة للأنشطة اللوجيستية.
يذكر أن «طنجة المتوسط» استقطب منذ إنشائه وطيلة سنوات تطويره استثمارا إجماليا بقيمة 78 مليار درهم (8 مليارات دولار) على الجانب المتعلق بالميناء والجانب الصناعي. ومن ثم نجد أن شركات دولية مثل «آي بي إم ترمينالز»، و«أرغيت»، و«رونو»، و«سيمنز»، و«دلفي»، و«داهر»، و«لير»، و«يازاكي»، حققت استثمارات كبيرة في «طنجة المتوسط».
وفي أحدث تصنيف للمناطق الحرة العالمية لعام 2017، قامت خدمة معلومات الاستثمارات الأجنبية المباشرة «إف دي آي إنتلجنس»، التي تقدمها مجموعة «فايننشيال تايمز» البريطانية، بنشر التصنيف العالمي للمناطق الجغرافية الرئيسية الست. ويقارن هذا الترتيب السنوي بين نحو 60 منطقة حرة حسب المعايير الدولية، ويقيس قدرتها التنافسية حسب تطلعات المستثمرين العالميين.
في سياق ذلك، توجت المنصة الصناعية «طنجة المتوسط» باختيارها للمرة الثانية على التوالي، كأول منطقة حرة في القارة الأفريقية.
- أول ميناء بيئي في أفريقيا
تجدر الإشارة إلى أن «طنجة المتوسط» هو أول ميناء أفريقي يمنح لقب «الميناء البيئي»، جنبا إلى جنب مع شهادة إدارة البيئة أيزو 14001 لأنشطة «استقبال السفن والخدمات المرتبطة بها». ويصنف ميناء طنجة المتوسط أيضا ضمن مصاف 10 موانئ أوروبية حاصلة على شهادة أيزو - بيرس المزدوجة، من بين نحو 100 ميناء معتمد من قبل المنظمة الأوروبية للموانئ البحرية (إسبو).
والى جانب كل ذلك، يلعب ميناء طنجة المتوسط دورا رئيسيا في تعزيز التنمية الاقتصادية لجهة الشمال، إذ يشكل المشروع منذ إنشائه محركا لخلق الثروة، من خلال استراتيجية تتمحور حول خلق فرص الشغل، وتعزيز الصادرات وإعادة التوازن لتنمية منطقة الشمال. وتأكد أثرها الاقتصادي والاجتماعي على المنطقة من خلال توفير 65 ألف فرصة عمل جديدة.
ومن خلال هذه المعطيات الإيجابية، يكون المركب المينائي لطنجة المتوسط قد جسد رؤية الملك محمد السادس، الذي قال في خطاب إطلاق المشروع في فبراير (شباط) 2003: «المغرب بهذا المشروع يعمق جذور انتمائه للفضاء الأورو - متوسطي ولمحيطه المغاربي والعربي، ويعزز هويته المتميزة كقطب للتبادل بين أوروبا وبين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ويدعم دوره المحوري كفاعل وشريك في المبادلات الدولية». وخلص إلى القول إن المشروع يبقى «قاعدة اقتصادية متينة ذات مستوى دولي ومناطق اقتصادية حرة، تمكنها من تطوير مؤهلتها الغنية لجعلها نموذجا للتنمية الجهوية المندمجة».
- مؤسسة التنمية البشرية
يتوفر المركب المينائي طنجة المتوسط على مؤسسة للتنمية البشرية، وهي جمعية معترف بها ذات منفعة عامة وغير ربحية، تم تأسيسها في شهر مايو (أيار) 2007. وتهدف هذه المؤسسة إلى المساهمة في التنمية المتناغمة للمركب المينائي مع بيئته المحيطة، إلى جانب كونها شريكا للجماعات (البلديات) والمؤسسات الحكومية والجمعيات المحلية.
وتنشط هذه المؤسسة في مجالات استراتيجية، هي: التعليم والإدماج المهني والصحة والثقافة والشؤون الاجتماعية. وعرفت المؤسسة ما بين 2008 و2017 إنجاز 552 مشروعا تنمويا، واستفاد منها نحو 218 ألف مستفيد مباشر.