فنانو الراب في تونس يتهمون السلطات باستهدافهم

سجن «ولد الكانز» بتهمة أداء أغنية «مهينة» للشرطة

فنانو الراب في تونس يتهمون السلطات باستهدافهم
فنانو الراب في تونس يتهمون السلطات باستهدافهم
TT

فنانو الراب في تونس يتهمون السلطات باستهدافهم

فنانو الراب في تونس يتهمون السلطات باستهدافهم
فنانو الراب في تونس يتهمون السلطات باستهدافهم

اتهمت نقابة فناني الراب في تونس السلطات بـ«استهداف» مغني الراب في البلاد، إثر إصدار محكمة تونسية حكما بسجن المغني الشهير علاء اليعقوبي المعروف باسم «ولد الكانز»، أربعة أشهر نافذة بتهمة أداء أغنية راب «مهينة» للشرطة خلال مهرجان موسيقي.
وقضت محكمة الناحية في مدينة الحمامات (جنوب العاصمة) أمس الخميس، بسجن علاء اليعقوبي أربعة أشهر مع النفاذ العاجل بتهمة أداء أغنية «البوليسية كلاب» خلال مشاركته يوم 22 أغسطس (آب) 2013 في مهرجان الحمامات الدولي الذي تنظمه وزارة الثقافة. كما اعتبرت «النقابة الوطنية للراب» في بيان أن «إيداع الفنانين في السجن وعرقلتهم عن ممارسة فنهم بكل حرية، هو استهداف واضح لقطاع الراب» مطالبة «بالإفراج الفوري» عن علاء اليعقوبي (26 عاما).
هذا وندّدت النقابة بسجن اليعقوبي «رغم توفر الأدلة الكافية التي تثبت براءته، وفي ظل غياب نص قانوني في المجلة (القانون) الجزائية يقضي بمحاكمة الفنانين على خلفية أعمالهم الفنية».
وقالت إنها «ترفض منطق التشفي في الحكم على ولد الكانز في الوقت الذي لم تخل تصريحات بعض الأطراف السياسية والتيارات (التونسية) من ثلب وتهديد وتحريض على العنف وصل حد المطالبة بالتصفية الجسدية ولم يتعرض أي منهم للمساءلة».
ومن جهّته نفى علاء اليعقوبي عند مثوله أمام القاضي بلقاسم الشايب أمس، أن يكون أدى أغنية «البوليسية كلاب» خلال مشاركته في مهرجان الحمامات. وقال للقاضي «الجمهور طلب مني أداء الأغنية لكني رفضت لأني أريد المصالحة».
ويذكر أنه في مطلع مارس (آذار) 2013 نشر ولد الكانز على شبكة «يوتيوب» أغنية «البوليسية كلاب» التي انتقد فيها فساد الشرطة في تونس. ومنذ نشرها وحتى اليوم شوهدت الأغنية التي أثارت سخط عناصر الأمن، أكثر من ثلاثة ملايين و400 ألف مرة.
وكان القضاء قد أصدر في 13 يونيو (حزيران) 2013، حكما ابتدائيا بسجن ولد الكانز لمدة عامين «مع النفاذ العاجل» إلا أنه أفرج عنه في الثاني من يوليو (تموز) من السنة نفسها بعد تخفيف الحكم بالاستئناف إلى السجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ.
وفي 30 أغسطس أصدرت محكمة الناحية في الحمامات حكما غيابيا بسجن ولد الكانز 21 شهرا بتهمة أداء الأغنية في مهرجان الحمامات الدولي، إلا أن محاميه طعنوا في الحكم.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».