معركة رئاسة البرلمان من دون أفق... ومحسومة لصالح بري

«حزب الله» يعتبره «مرشحه الدائم»... و«القوات» لن تخوض «تصفية سياسية»

نبيه بري مترئساً احدى جلسات مجلس النواب  (الوكالة الوطنية)
نبيه بري مترئساً احدى جلسات مجلس النواب (الوكالة الوطنية)
TT

معركة رئاسة البرلمان من دون أفق... ومحسومة لصالح بري

نبيه بري مترئساً احدى جلسات مجلس النواب  (الوكالة الوطنية)
نبيه بري مترئساً احدى جلسات مجلس النواب (الوكالة الوطنية)

في موازاة المعركة الانتخابية النيابية الحامية، بدأت بوادر معركة رئاسة مجلس النواب تظهر رغم إقرار الأفرقاء بأن خوضها لن يؤدي إلى أي تغيير نتيجة الواقع السياسي الواضح والمحسوم لصالح بقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري في منصبه، وهو الذي يتمتّع بالميثاقية اللازمة المستمدة بشكل أساسي من حليفه «حزب الله» الذي تقول مصادر مقربة منه لـ«الشرق الأوسط» إن «مرشحنا في الأمس واليوم وغداً هو نبيه بري».
وأولى هذه البوادر تنقل بشكل مباشر وغير مباشر عن «التيار الوطني الحر» ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، المعروف بعلاقته السيئة مع بري و«حركة أمل»، التي كانت قد ظهرت بشكل أساسي منذ انتخاب ميشال عون رئيساً الذي لم يحظ بتصويت نواب «أمل»، وما تلاها من خلافات سياسية وصلت إلى حد وصف باسيل بري بـ«البلطجي». وإذا كان بعض مسؤولي «الوطني الحر» يعلنون صراحة عدم حماستهم لانتخاب بري، فإن البعض الآخر يرى أن هذا الموضوع سابق لأوانه، مع تأكيدهم أنه يخضع لاعتبارات سياسية وميثاقية، في وقت يصف مصدر مطّلع على موقف «حزب الله»، المعركة بأنها «من دون أفق».
هذه الاعتبارات السياسية والميثاقية ينطلق منها النائب في «التيار الوطني الحر» آلان عون، في وصفه انتخابات رئاسة البرلمان المقبلة، مع تأكيده أن هناك آراء متباينة في التيار بين من يؤيد انتخاب بري وبين من يرفضه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «في السياسة قد نتعامل مع هذه الانتخابات، كما تعاملوا هم مع رئاسة الجمهورية التي كانت تمتلك الميثاقية المطلوبة من قبل الأحزاب المسيحية، إنما لا شكّ أن الحديث في هذا الموضوع قبل الانتخابات النيابية سابق لأوانه، وهو سيخضع بلا شكّ للنقاش داخل تكتل التيار ليبنى على الشيء مقتضاه».
ويدرك بري الذي يرأس «حركة أمل»، جيداً، وانطلاقاً من كل الأحداث والمعطيات السياسية، أن «الوطني الحر» يحاول التصويب عليه في انتخابات رئاسة البرلمان، وهو ما ردّ عليه بالقول "فليرشّحوا غيري لرئاسة المجلس وسنرى كيف سيكونون بحاجة للإمام علي"، بحسب ما نقلت عنه قناة "mtv" ليعود بعدها مكتبه ويصدر نفيا. لكن هذا النفي لا يلغي واقع الحملة التي يعيها بري وعبّر عنها صراحة النائب في كتلته أمس، هاني قبيسي، منتقدا "الوطني الحر" من دون أن يسميه ..". عندما سئل عن الموضوع. وانتقد النائب في كتلته هاني قبيسي، «الوطني الحر»، من دون أن يسميه، قائلاً: «سياسياً نسمع في كل يوم لغة جديدة بأن هناك من يريد إنقاذ الوطن وإصلاحه، وتغييره بتحالفات من هنا وهناك، ومؤامرات واتصالات. وعنوانهم الأول إضعاف دولة الرئيس نبيه بري، ورفضهم أن يكون رئيساً للمجلس النيابي، وهذا ما لا نرضى ولن نرضى به في منطقتنا، فكتلة (التنمية والتحرير) كما سماها دولة الرئيس قدمت إنماءً وتحريراً. وعندما فشلوا قالوا لا نريد لـ(حركة أمل) أن تكون في وزارة المالية، وعندما اقتنعوا بفشلهم قالوا نريد إيصال الرئيس نبيه بري ضعيفاً إلى رئاسة المجلس. نعم يريدون التآمر على من قاوم وصمد وضحى، ويركبون التحالفات مع كل مشبوه على الساحة اللبنانية».
وبانتظار ما ستفرزه نتائج الانتخابات النيابية التي بنيت تحالفاتها على مصالح مؤقتة، التي ستليها انتخابات رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة وتشكيل مجلس الوزراء، يرى مصدر مطّلع على موقف «حزب الله» أن «معركة رئاسة البرلمان من دون أفق وأي شخص يقرّر خوضها يدرك تماماً أنها خاسرة»، في وقت يؤكد مصدر في «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» أن «مرشّح الحزب بالأمس واليوم وغداً هو بري».
وتوضح المصادر المطلعة على موقف الحزب قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «يندرج إطلاق الرصاص على رئاسة البرلمان ضمن الحملات الانتخابية، وقد تهدف إلى التصويب على وزارة المالية التي كان قد أعلن بري تمسكه بها والمحسومة بدورها، لكن وعلى كل الأحوال، هي معركة من دون أفق ولا تحتاج إلى نقاش، خصوصاً في ضوء شبه اتفاق مسبق من قبل كل الكتل النيابية الكبرى على الرئيس بري، وحتى من بينها (القوات اللبنانية)، إضافة طبعاً إلى (الحزب الاشتراكي) و(تيار المردة) و(تيار المستقبل) برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري».
موقف «القوات» السياسي الداعم لبري يعبّر عنه، أيضاً، مسؤول الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» «أن رئيس (القوات) سمير جعجع لطالما عبر عن احترامه ومودته لصديقه الرئيس بري، ورغم أن نواب (القوات) لم يصوّتوا لصالح بري في العامين 2005 و2009، حيث كانت الانتخابات خاضعة للاصطفافات السياسية بين (8 و14 آذار)، ولا علاقة لها بشخصية بري، نؤكد اليوم أن أولوية (القوات) هي أن تكون رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، كما رئاسة الجمهورية، تعبّر عن وجدان البيئة التي تمّثلها، وبالتالي لن تكون في خيار مغاير لهذا الواقع، كما أنها لا يمكن أن تدخل في عملية تصفية سياسية بين موقع سياسي وآخر أو في معارك غيرها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.