مفوضية الانتخابات تقترح نظام الدوائر المتعددة لانتخاب رئيس ليبيا المقبل

صورة أرشيفية للانتخابات التي عرفتها ليبيا سنة 2012 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للانتخابات التي عرفتها ليبيا سنة 2012 (أ.ف.ب)
TT

مفوضية الانتخابات تقترح نظام الدوائر المتعددة لانتخاب رئيس ليبيا المقبل

صورة أرشيفية للانتخابات التي عرفتها ليبيا سنة 2012 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للانتخابات التي عرفتها ليبيا سنة 2012 (أ.ف.ب)

اقترحت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا انتخاب الرئيس المقبل للبلاد بنظام الدوائر الانتخابية المتعددة، بدلاً من الدائرة الواحدة؛ وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد، في حين تسعى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.
يأتي ذلك بعد مرور عامين على دخول حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، إلى العاصمة الليبية طرابلس للمرة الأولى.
وقالت المفوضية في المقترح، الذي نشره موقعها الإلكتروني الرسمي، إنه يجب الأخذ بنظام الدوائر المتعددة بدلاً من الدائرة الواحدة، بحيث يضمن نظام الانتخاب مشاركة جميع مرشحي وناخبي مختلف المناطق، معتبرة أن هذا النظام سيؤدي إلى الابتعاد قدر الإمكان عن خوض جولة ثانية من الانتخابات؛ وذلك بسبب ظروف المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد.
ورأت المفوضية أن ذلك من شأنه «مساعدة مرشحي الرئاسة في حصر دعايتهم الانتخابية في الدوائر، التي يمكن أن تكون لهم فيها حظوظ أكبر من غيرها، إضافة إلى «المرونة في حسم نتيجة المرشح الفائز؛ إذ إن هذا النظام يجمع بين الفوز بعدد من الدوائر، وكذلك الفوز بعدد النقاط التي يحصل عليها كل مرشح في كل الدوائر الانتخابية».
وطبقاً للمقترح، فإنه «يتم التنافس على مقعد رئيس الدولة على أساس نظام الدوائر المتعددة، والقيمة المتساوية لأصوات المقترعين في جميع الدوائر، وتعلن نتائج عملية الانتخاب حسبما ورد بها من نتائج، حيث قسّم البلاد إلى إحدة عشرة دائرة انتخابية رئيسة».
وقالت المفوضية، إنه في نظام الدوائر المتعددة ستقسم الرقعة الجغرافية للبلاد إلى عدد فردي من الدوائر لتفادي مسألة التساوي بين المرشحين في بعض الحالات، على أن تكون القيمة التصويتية لجميع الدوائر ذات وزن واحد في احتساب نتيجة كل مرشح.
وأضافت المفوضية موضحة، إن «كل مرشح يكون ملزماً بالحصول على أكبر عدد من أصوات كل دائرة على حدة، حيث سيتم تحويل أصوات الناخبين، التي حصل عليها كل مرشح، إلى عدد من النقاط بناءً على الترتيب المتحصل عليها في كل دائرة».
وقال عماد السايح، رئيس المفوضية في تصريحات تلفزيونية، أمس، إن هدف النظام الانتخابي الذي تم طرحه هو الوصول إلى انتخاب رئيس توافقي لجميع مدن ليبيا، لافتاً إلى أنه تمت إحالة مشاريع لقوانين انتخاب الرئيس والبرلمان والاستفتاء لمجلس النواب المتواجد بمدينة طبرق (أقصى الشرق).
وغرقت ليبيا في صراع بعد الانتفاضة التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي قبل ست سنوات، كما أدت الانتخابات السابقة التي أجريت في البلاد في 2014 إلى تشكيل حكومتين وبرلمانين متنافسين في طرابلس وفي الشرق، وكلاهما تدعمه تحالفات فضفاضة من جماعات مسلحة. وكانت حكومة السراج، التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة، قد تشكلت عقب اتفاق السلام المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب قبل نهاية عام 2015، بدعم جزئي من فصائل سياسية ومسلحة. وتتمتع هذه الحكومة بسلطة محدودة، حيث ما زالت تكافح منذ وصولها إلى طرابلس في نهاية مارس (آذار) من العام قبل الماضي لتشكيل حكومة فاعلة، أو لكبح فصائل مسلحة قوية. ووصلت الأحوال المعيشية لأسوأ أوضاعها جراء أزمة حادة في السيولة، وانقطاع متكرر للكهرباء والمياه، وتدهور الخدمات العامة.
إلى ذلك، وبينما أعلنت بعثة الأمم المتحدة عن اجتماع عقده رئيسها غسان سلامة مع اللجنة الفنية لمشروع «نحو تحقيق مصالحة وطنية في ليبيا» هذا الأسبوع، قال عبد الرحمن الشكشاك، رئيس مجلس مدينة تاورغاء، إن نازحي المدينة القاطنين في مخيم قرارة القطف ما زالوا في انتظار اجتماع اللجنة الاجتماعية بمصراتة مع نظيرتها في تاورغاء؛ لإنهاء الإجراءات المتخذة للعودة، والترتيبات الأمنية اللازمة لذلك.
وقالت البعثة الأممية، إن المشاركين خلال الاجتماع بحثوا آخر التطورات في عملية المصالحة، واقترحوا خطوات ملموسة من أجل تجاوز العقبات، التي تعوق تنفيذ الاتفاق بين تاورغاء ومصراتة، والذي تم توقيعه في أغسطس (آب) عام 201، كما حدد المشاركون الأدوار والمسؤوليات التي تقع على عاتق كل طرف.
وشددت اللجنة الفنية على وجوب أن يبقى هذا الاتفاق هو الإطار الوحيد لجميع المناقشات في المستقبل، مشيرة إلى أنه ينبغي عدم إعادة فتح هذا الاتفاق.
وبحسب بيان أصدرته البعثة، فقد دعا المجتمعون المجلس الرئاسي لحكومة السراج إلى دعم التنفيذ الكامل للاتفاق، بما في ذلك التدابير الأمنية، وتلك المتعلقة بتحقيق العدالة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.