الجزائر: المعارضة تجدد دعوتها لـ«مرشح توافقي» لرئاسية 2019

حزب الأغلبية يؤكد أن منصب الرئيس من نصيب مرشح السلطة

TT

الجزائر: المعارضة تجدد دعوتها لـ«مرشح توافقي» لرئاسية 2019

ركزت أحزاب المعارضة في الجزائر، أمس، على الدفع بفكرة «مرشح التوافق للرئاسة» إلى ساحة التداول السياسي، بعدما لاقت تجاهلاً في وسائل الإعلام والشارع. وفي مقابل ذلك، قال حزب الأغلبية، إن مكان رئاسية 2019 «محجوز من طرف صاحبها»، في إشارة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يرجح بأنه سيترشح لولاية خامسة.
وروّج لـ«مرشح التوافق» عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي (حركة مجتمع السلم)، وسفيان جيلالي، رئيس «جيل جديد» (ليبرالي)، ومحمد ذويبي، أمين عام «حركة النهضة» (إسلامية)، وبدرجة أقل عبد القادر بن قرينة، وزير السياحة سابقاً، والرئيس الجديد لـ«حركة البناء»، وهو توجه إسلامي لا يتبنى خطاً معارضاً ضد السلطة.
وقال مقري، إنه على استعداد لمساندة «مرشح توافقي» تختاره السلطة والمعارضة، بحجة أن أوضاع البلاد التي تميزها أزمة مالية حادة في حاجة اليوم إلى تضافر جهود رجال السلطة والمعارضة لتجاوزها، مبرزاً أن الحكومة وحدها لا يمكنها حل الأزمة.
وتتعامل ثلاثة أحزاب من المعارضة ببرود شديد مع فكرة «مرشح التوافق»، وهي «جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم حزب معارض)، و«حزب العمال» اليساري ورئيسته لويزة حنون، التي ترشحت للرئاسة مرات عدة، و«جبهة المستقبل»، التي يرأسها عبد العزيز بلعيد، مرشح رئاسية 2014. ولكل من هذه الأحزاب الثلاثة نظرته لانتخابات الرئاسة المرتقبة العام المقبل. فـ«القوى الاشتراكية» تتمسك بمشروعها «الإجماع الوطني» الذي طرحته في 2015 حلاً لـ«أزمة شرعية النظام». ويقترح المشروع أرضية عمل تتمثل في حكومة انتقالية، تتفق عليها المعارضة والسلطة. غير أن الرئيس بوتفليقة رفضها.
أما حنون، فقد أطلقت مؤخراً فكرة «جمعية تأسيسية منتخبة»، بمعنى برلمان جديد، في حين تعتبر البرلمان الحالي «وليد تزوير»، رغم أنها عضو فيه. وقد رد جمال ولد عباس، أمين عام «جبهة التحرير الوطني»، عليها بالقول «إنها تطالب بمحو كل المؤسسات التي أقامتها الجزائر منذ الاستقلال». في حين يتجه بلعيد إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة، غير عابئ بالأفكار التي تطرحها المعارضة، رغم أن حظوظه ستكون ضئيلة أمام مرشح النظام، سواء كان عبد العزيز بوتفليقة، أم شخصاً آخر.
وقال مصدر مقرب من الرئاسة لـ«الشرق الأوسط»، إن بوتفليقة لن يعلن ترشحه إلا قبل شهر من موعد الرئاسية، هذا في حال ترشح. وكتب موقع إلكتروني يديره نجل وزير الدفاع الأسبق اللواء خالد نزار، إن أفراد عائلة الرئيس ناشدوه الابتعاد عن الشأن العام بنهاية ولايته الرابعة، التي قضاها كلها بعيداً عن التسيير بسبب سوء حالته الصحية. وبحسب المصدر نفسه، فإن الرئيس «سوف يقول كلمته فيمن سيخلفه، وبالاتفاق مع الجيش إذا عزف عن الاستمرار في الحكم».
في غضون ذلك، قالت: «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» في تقرير أمس، إنها تقترح على السياسيين والمسؤولين «حلولاً لتحصين الأمن القومي، بدل تسويق شعارات شعبوية وخطابات للاستهلاك». ودعت الحكومة إلى «القضاء على الآفات التي يتغذى منها الإرهاب، وفي مقدمتها الفقر والبطالة والتهميش؛ فالأمن الاجتماعي يمثل حجر الأساس في بناء الأمن القومي للدولة». كما أشار التنظيم الحقوقي إلى «ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لموﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭﺓ ﻟﻠﺤﺩﻭﺩ، وتجار المخدرات والأسلحة، وشبكات تهريب البشر، وشبكة تبيض الأموال، باعتبارها المورد الأساسي، الذي يتيح للجماعات الإرهابية تمويل جزء كبير من نشاطاتها الإجرامية».
وتحدثت «الرابطة» عن «أهمية نشر ثقافة التسامح وحقوق الإنسان، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وذلك عن طريق مؤتمرات، على ألا تكون مناسباتية». وطالبت الحكومة بـ«احترام حرية التعبير والصحافة»، في إشارة إلى متابعة صحافيين ومدونين بسبب التعبير عن آرائهم ضد الحكومة بمواقع التواصل الاجتماعي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».