الأحزاب المسيحية تفشل في اجتذاب المقعد الماروني الوحيد بطرابلس

«القوات» و«الكتائب» لم ينجحا بضم مرشحيهما إلى أي من اللوائح

TT

الأحزاب المسيحية تفشل في اجتذاب المقعد الماروني الوحيد بطرابلس

تتركز المنافسة على المقعد الماروني الوحيد في دائرة طرابلس - المنية - الضنية المعروفة بدائرة الشمال الثانية بين لائحتي تيار «المستقبل» واللائحة التي يرأسها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي بعد فشل حزبي «القوات» و«الكتائب» بضم مرشحيهما إلى أي من اللوائح المتنافسة وتشكيل «التيار الوطني الحر» مع رئيس «المركز الوطني في الشمال» كمال الخير المحسوب على قوى 8 آذار لائحة يستبعد خبراء انتخابيون أن تنجح بتأمين الحاصل الانتخابي في ظل تناتش 8 لوائح 11 مقعدا نيابيا مخصصا للدائرة المذكورة.
وقد شكل المقعد الماروني في طرابلس مادة دسمة للسجال عشية إقرار قانون الانتخاب الجديد قبل أكثر من عام حين طالب الثنائي المسيحي في ذلك الحين (التيار الوطني والقوات) بنقله إلى الدائرة المتاخمة، دائرة البترون حيث عدد الناخبين المسيحيين أكبر من عددهم في طرابلس، حيث لا يتجاوز الـ5 آلاف، صوّت في انتخابات 2009 أقل من ألفين منهم. لكن رفض كل القوى والفرقاء الآخرين طرح نقل المقاعد والذي كان سيطال أيضا المقعدين المارونيين في البقاع الشمالي والبقاع الغربي، أدى لتثبيته في طرابلس بعد ضم قضاءي المنية والضنية إليها، لتتحول إلى دائرة انتخابية واحدة يبلغ عدد الناخبين فيها 343 ألفا، 285 ألفا منهم من السنة، 21400 من الروم الأرثوذكس، 20700 علويين، و11600 ماروني إضافة إلى 4000 من الأقليات المسيحية.
وبينما يحتدم الصراع في طرابلس على المقاعد السنية الـ8 المخصصة للدائرة ككل، في ظل تعدد المرجعيات والزعامات السنية في المنطقة وأبرزهم إلى جانب تيار «المستقبل» ورئيسه سعد الحريري، رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، الوزير السابق فيصل كرامي والوزير السابق أشرف ريفي، يبدو وقع المنافسة أخف بكثير على المقعد الماروني الوحيد كما المقعد الأرثوذكسي، فيما تتخذ المعركة على المقعد العلوي أبعادا مختلفة بعد طي صفحة الصراع المسلح بين العلويين والسنة في طرابلس.
وينحصر عدد المرشحين عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثانية بـ6، أبرزهم عن لائحة «العزم» الوزير السابق جان عبيد، عن لائحة «المستقبل» عضو المكتب السياسي في التيار جورج بكاسيني، عن لائحة تحالف «الوطني الحر» - كمال الخير، طوني ماروني، إضافة إلى الإعلامي طوني خليفة عن لائحة تحالف النائب السابق مصباح الأحدب مع «الجماعة الإسلامية» وعدد من المستقلين، كما حليم الزعني المرشح عن لائحة اللواء أشرف ريفي، وموسى خوري عن إحدى لائحتي المجتمع المدني. ويعتبر الخبير الانتخابي عبدو سعد أن الشخصية الأبرز بين المرشحين السابق ذكرهم والمرجح أن تنال العدد الأكبر من الأصوات التفضيلية، هو الوزير السابق جان عبيد، إلا أنه يشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «حصوله على العدد الأكبر من هذه الأصوات مقارنة بالمرشحين على المقعد نفسه لا يعني تلقائيا فوزه لأن ذلك يعتمد على الحواصل الانتخابية التي ستتمكن اللائحة التي ينتمي إليها من تأمينها».
وكما «الكتائب» الذي كان قد رشح ميشال خوري عن المقعد الماروني ولم يضمه بعد ذلك إلى أي من اللوائح المتنافسة، كذلك فعل حزب «القوات» الذي كان قد سمّى إيلي خوري عن هذا المقعد. وأشار رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور إلى أن قرار حزبه سحب ترشيح خوري كان سببه الرئيسي «رفض القوى الأساسية في المدينة إعطاء هذا المقعد لأي من الأحزاب المسيحية طمعا بزيادة حصتها من مقاعد هذه الدائرة وإن كان على حساب العيش المشترك وعدم حصول هذا المرشح على الأصوات الكافية من البيئة التي يمثلها»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن لدى «القوات» في هذه الدائرة نحو 6000 صوت، لم تقرر القيادة لأي لائحة ستصب. وأضاف: «لا شك أن هناك مفاوضات لأننا نسعى لقبض ثمن إعطاء هذه الأصوات لفريق معين في دائرة أخرى أو في الدائرة نفسها».
وعبّر جبور عن أسفه «لعدم تمكن القوى المسيحية من إنقاذ هذا المقعد وغيره من خلال التحالفات بعد فشل استعادته عبر قانون الانتخاب الجديد»، وقال: «فشلنا يعني استعادة التجارب الماضية حين كان السوريون يمنحون مقاعد كالمقعد الماروني في طرابلس جوائز ترضية لهذا أو ذاك».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم