تحديات الولاية الثانية للسيسي

بين محيط مرتبك في سوريا وليبيا وحوض النيل، فضلاً عن قلق داخلي من تبعات الخطوات الجديدة في مسار «الإصلاح الاقتصادي»، تلوح في أفق الولاية الثانية الجديدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عدة تحديات إقليمية وداخلية، وتمثل جميعها أبرز مهام الرجل الذي سيتولى مقاليد البلاد لـ4 سنوات مقبلة.
وإذا كان المطلوب على صعيد الملفات الإقليمية يحتاج لـ«الاستمرار في التمسك بالموقف المصري الذي أثبت صحته»، بحسب الخبراء الذين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، فإنهم عبّروا كذلك عن اعتقادهم بأن التحديات الداخلية تتقدمها الحاجة إلى إحراز «تحسن ملموس» في مستوى معيشة السواد الأعظم من المصريين الذين منحوا السيسي ملايين الأصوات، فضلاً عن التحديات الأمنية المتعلقة بمكافحة «الإرهاب»، خصوصاً في شمال سيناء التي تشهد عمليات عسكرية موسعة منذ سنوات.
الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، د.مصطفى كامل السيد، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحدي الاقتصادي هو الأكبر للرئيس المصري في الفترة المقبلة، وذلك نتيجة الاتفاق الذي أبرمته مصر مع (صندوق النقد الدولي) للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار وفق خطة متفق عليها بين الطرفين، وتقضي في أحد جوانبها برفع الدعم عن الوقود، وهي الخطوة التي يرجح على نطاق واسع أن تحدث في شهر يونيو المقبل، الأمر الذي سيتبعه زيادة كبيرة في أسعار كل السلع والخدمات». وشرح السيد أن «معدلات الفقر المتزايدة في مصر، فضلاً عن الضغوط التضخمية المرتبطة بزيادة الأسعار، وزيادة حجم الدين، خصوصاً الخارجي، جميعها مؤشرات تؤكد أن معدلات النمو وزيادة الاحتياطي النقدي الذي كان محل إشادة من قبل الحكومة التي شكلها السيسي، لا تنعكس على الغالبية العظمى من المواطنين، ولكنها قد تعني نجاحاً مصرفياً». وأكد أنه لا بديل في المرحلة المقبلة بشكل عاجل عن اعتماد إجراءات «لمنع دخول مزيد من المواطنين تحت خط الفقر». وكانت مصر، بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، إجراءات عدتها الحكومة ضمن «الإصلاح الاقتصادي» قرّرت بموجبها تحرير سعر صرف العملة المحلية، وأعقب ذلك زيادة التضخم وتسجيله معدلات غير مسبوقة بلغت 34 في المائة في يوليو (تموز) 2017، قبل أن يتراجع إلى 22.3 في المائة في يناير الماضي.
- التحدي الأمني
التحدي الداخلي ليس اقتصادياً وحسب، بل إنه كذلك أمني، وخصوصاً في شبه جزيرة سيناء التي بها أكثر البؤر «الإرهابية» اشتعالاً، ما يفسر استمرار العمليات العسكرية في نطاقها طوال الولاية الأولى من حكم السيسي، وكذلك بدء قوات الجيش والشرطة في فبراير الماضي، عملية موسعة وغير مسبوقة.
ويقول الخبير في مكافحة الإرهاب الدولي، العقيد حاتم صابر، إن التحرّكات العسكرية المصرية، خلال السنوات الأربع الماضية استطاعت أن تُوقف الإمدادات غير المسبوقة للعناصر «الإرهابية المسلحة»، خصوصاً أن «ما كشفته عملية سيناء الموسعة التي بدأت قبل شهور، أكدت أن حجم الاستعدادات والتسليح كان أقرب لتجهيزات الدول، وليس فقط مجموعات». ويضيف أن «المهمة المقبلة، ستكون بناء تمركزات جديدة في سيناء للتمهيد لخطة التنمية، خصوصاً بعد حفر 4 أنفاق أسفل قناة السويس بغرض تحفيز الاستثمار في شمال سيناء». يذكر أن السيسي أعلن في نهاية فبراير الماضي، لدى افتتاحه مقر «قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب» أن تكلفة تنمية وتطوير سيناء ستصل إلى 275 مليار جنيه (15.7 مليار دولار تقريباً).
الرغبة في تحقيق الأمن الداخلي، لا يمكن أن تتحقق سوى بتأمين الجوار الإقليمي، خصوصاً في ظل توقعات متزايدة بتحرك عناصر «داعش» الفارة من سوريا والعراق وليبيا باتجاه مصر، ولعل هذا هو ما يضع مسألة حفظ «الأمن القومي المصري» كتحدٍ ثالث في ولاية السيسي الثانية. وهنا يلفت خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، د. محمد فايز فرحات، إلى أن «الأولوية المصرية في ليبيا يجب أن ترتكز على تهيئة المناخ إلى أن تسفر الانتخابات المنتظرة عن حكومة مستقرة، ومؤسسة عسكرية بعيدة عن التجاذبات، بما يضمن سيطرة على الحدود الغربية لمصر».