المجتمع الدولي يدعو للحوكمة الرشيدة للتصدي لأزمات الساحل الأفريقي

اجتماع نواكشوط خرج باستراتيجية ضد ثالوث الفقر والتخلف والإرهاب

TT

المجتمع الدولي يدعو للحوكمة الرشيدة للتصدي لأزمات الساحل الأفريقي

أسفر الاجتماع التشاوري الاستراتيجي حول منطقة الساحل الأفريقي أمس عن الخروج باستراتيجية موحدة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، ووضع حلول مشتركة ومتفق عليها للإرهاب والتخلف والفقر.
وقال مفوض السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، إسماعيل الشرقي، في ختام الاجتماع التشاوري الذي احتضنته العاصمة الموريتانية نواكشوط، على مدى يومين، إن المشاركين خرجوا برؤية مشتركة وموحدة حول المشكلات التي يعاني منها الساحل الأفريقي، وهي الإرهاب والتخلف الاقتصادي والفقر. وأكد الشرقي أن الاجتماع خرج برؤية موحدة تتمحور حول «تلخيص 15 استراتيجية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لأفريقيا الغربية وأطراف دولية أخرى، لحل مشكلات منطقة الساحل في استراتيجية واحدة لضمان الفاعلية والديمومة». وأوضح أن الهدف هو «التكفل بالمشكلات والأزمات التي تتخبط فيها المنطقة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، مؤكدا وجوب اعتماد حوكمة رشيدة سياسية واقتصادية».
وقد أعلنت روندا خلال اجتماع نواكشوط منح مليون دولار للقوة المشتركة لدول الساحل لمحاربة الإرهاب. وقد حصلت القوة على تمويلات بلغت أكثر من 300 مليون يورو حيث من المتوقع نشرها قريبا دون تحديد موعد لذلك.
وكان الاجتماع بدأ أمس الأربعاء، حيث تحدث مفوض السلم والأمن للاتحاد الأفريقي إسماعيل الشرقي عن مجموعة مشكلات في منطقة الساحل، يبحث المشاركون في الاجتماع سبل الخروج بحلول شاملة وفعالة لها، من بينها قضايا أمنية واقتصادية واجتماعية. وقال الشرقي في تصريح صحافي إن الحل الأمني والعسكري لمعضلة الإرهاب في منطقة الساحل لا يكفيان، وإنه لا بد من اعتماد مقاربة شاملة تتضمن حلولا للحوكمة الاقتصادية والسياسية.
وأوضح أنه يتعين على الشركاء والفاعلين وبمعية الأمم المتحدة في المنطقة قراءة مشتركة وموحدة للتعامل سويا مع المشكلات المطروحة، والرهانات الموجودة للوصول إلى هدفنا بالسرعة الضرورية قياسا بالمشكلات القائمة. وحذر من أن عدم الإسراع بالحل قد يوصل منطقة الساحل إلى صومال آخر.
ومن جهته، قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، إنه كان على يقين من أن الاجتماع التشاوري الاستراتيجي حول منطقة الساحل، سيفضي إلى مقاربة شاملة من شأنها تجاوز العوائق التي تعترض التنفيذ السلس والأنجع للاستراتيجيات المتعلقة بقضايا الأمن والتنمية. وأشار إلى أن موريتانيا أخذت خطر الإرهاب في وقت مبكر على محمل الجد، واتخذت الإجراءات المناسبة بهذا الخصوص عبر إعداد استراتيجية وطنية متعددة القطاعات ضد الإرهاب والتطرف العنيف.
وأضاف أن منطقة الساحل تتعرض منذ سنوات لتحديات كبيرة في مجالات الأمن والتنمية فاقمتها التداعيات السلبية لصراعات إقليمية ودولية من جهة، والتأثيرات المأساوية للتغيرات المناخية من جهة أخرى. وقال ولد عبد العزيز إن إنشاء دول الساحل، وهي بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد لمجموعة الخمس في الساحل، لرفع تحديات انعدام الأمن والتنمية التي تواجهها هذه الدول، مكن من إيجاد إطار ناجع لدولنا ومحاور متميزة حول جميع القضايا ذات الصلة بالأمن والتنمية في المنطقة.
وكان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي قد أشاد بمبادرة إنشاء مجموعة الخمس في الساحل لتنمية المنطقة ومحاربة الإرهاب فيها. وتعهد بمساعدة الاتحاد الأفريقي لدول الساحل حتى تنهض وتتخلص من الإرهاب.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.