حكومة كردستان تخفف قيود «الادخار الإجباري» لرواتب الموظفين

الجماعة الإسلامية ترفض نسبة الاستقطاع الجديدة

نيجيرفان بارازاني يتحدث في مؤتمر صحفي في أربيل أمس (أ.ف.ب)
نيجيرفان بارازاني يتحدث في مؤتمر صحفي في أربيل أمس (أ.ف.ب)
TT

حكومة كردستان تخفف قيود «الادخار الإجباري» لرواتب الموظفين

نيجيرفان بارازاني يتحدث في مؤتمر صحفي في أربيل أمس (أ.ف.ب)
نيجيرفان بارازاني يتحدث في مؤتمر صحفي في أربيل أمس (أ.ف.ب)

بينما استمرت، لليوم الرابع على التوالي، المظاهرات الغاضبة في إقليم كردستان احتجاجا على نظام «الادخار» الإجباري في مرتبات الموظفين المتبع منذ ثلاث سنوات نتيجة الأزمة المالية، قالت حكومة الإقليم، أمس، إن مجلس وزرائها صادق على نظام جديد للادخار، يخدم قطاع الموظفين، ويخفف من قيود «الادخار الإجباري».
ويميل مراقبون في الإقليم إلى الاعتقاد، أن الضغوط الجماهيرية المتواصلة منذ أشهر، إلى جانب الأموال التي خصصتها الموازنة الاتحادية لرواتب موظفي الإقليم، دفعت حكومة أربيل إلى التخفيف من نسبة الاستقطاع والادخار في المرتبات. وأعلن رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، أن حكومته أصدرت «قرارا مهما لصالح الموظفين واقتربنا من إلغاء نظام الادخار خلال المستقبل القريب»، متهما أطراف المعارضة بالوقوف وراء موجة المظاهرات الأخيرة.
وقال البارزاني، خلال مؤتمر صحافي عقده، أمس: «يسعدني أن أعلن لأول مرة منذ 3 سنوات عن اتخاذ خطوة مهمة في سبيل إلغاء نظام الادخار»، لافتاً إلى أن «أعلى حد للادخار بموجب التعديل الجديد لا يتجاوز 25 - 30 في المائة من قيمة الراتب فقط». وأشار البارزاني إلى أن «مطالب المتظاهرين مشروعة لكن ما رأيناه خلال الأيام الماضية كان عبارة عن استغلال من الأحزاب، لتحقيق أهداف خاصة بها وهذا غير مقبول»، موضحاً أن «حق التظاهر مكفول في إقليم كردستان، لكن الحكومة سنتخذ كل ما يلزم لمنع إثارة العنف والفوضى». ولفت إلى أن «بعض الأحزاب والجهات كانت تحث العبادي على عدم إرسال الرواتب لحكومة الإقليم مباشرة لكن رئيس الوزراء العراقي لم ينتهك الدستور بعد توضيح حقيقة الأمور». واشتكى بارزاني من أن «كردستان تعرض لغبن كبير في قانون الموازنة ونرى أنه يجب إعادة النظر في ذلك».
إلى ذلك، كشف وزير المالية في إقليم كردستان ريباز حملان، أمس، عن نسب الاستقطاعات المالية الجديدة من رواتب الموظفين في الإقليم. وقال حملان، في مؤتمر صحافي، إن «الوزارة حددت وفق نظام الادخار الجديد، نسب الاستقطاعات من وراتب الموظفين في الإقليم، وإن أصحاب الرواتب التي تتراوح من 100 إلى 500 ألف دينار، غير مشمولين بالادخار، كذلك عوائل الشهداء والمؤنفلين (ضحايا عمليات الأنفال)»، مضيفا أن «أصحاب الرواتب التي تزيد على المليون دينار عراقي، سيستقطع منهم 18 في المائة، وتستقطع نسبة 30 في المائة على المرتبات التي تزيد على المليون ونصف دينار».
من جهته، رفض رئيس كتلة «الجماعة الإسلامية» الكردستانية في البرلمان الاتحادي الاتهامات التي وجهها نيجرفان البرزاني إلى الأحزاب المعارضة بالوقوف وراء موجة المظاهرات. وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتوقع من رئيس الحكومة توجيه رسالة اطمئنان للموظفين والجماهير الغاضبة لا أن يضع اللوم على الآخرين ويتهمهم بالوقوف وراء المظاهرات، كما أننا نرفض نسبة الاستقطاعات ونطالب بتعويض استقطاعات السنوات الماضية».
واعتبر سعيد، أن خطاب رئيس وزراء الإقليم «لم يكن موفقا، لأنه أعطى الشرعية لاستخدام العنف ضد المتظاهرين، حين قال باستخدام كل الطرق لوقف ما سماه الفوضى، كذلك أعطى ضوءا أخضر لعصابات الأحزاب وبلطجيتها لقمع المتظاهرين واختطافهم»، مشيرا إلى «تعرض كثير من المتظاهرين إلى عمليات تعذيب وضرب على يد قوات الأمن، كذلك ما زال رئيس كتلة الجماعة الإسلامية في برلمان الإقليم عباس محمد محتجزا لدى السلطات في أربيل، وأيضا تم الاعتداء على عضو مجلس النواب الاتحادي سليم همزة أثناء وجوده مع المتظاهرين في أربيل».
وعبّر سعيد عن «عدم ثقته بالأرقام التي تعلنها حكومة الإقليم المتعلقة بحجم الواردات والأموال المتوفرة ونعتقد أنها أكثر من ذلك، لكن المشكلة في الفساد وسوء الإدارة وتسريب الأموال للعناصر الحزبية الموالية، ودعونا مرارا إلى توزيع رواتب موظفي الإقليم اتحاديا». وتوقّع أن «تنحسر موجة المظاهرات في الأيام المقبلة إذا أوفت الحكومة بتعهداتها وقامت بصرف المرتبات في موعدها وقللت نسبة الاستقطاعات وتعويض الموظفين عن الاستقطاعات الماضية».
وكانت الموازنة الاتحادية خصصت 318 مليار دينار شهريا لموظفي الإقليم، وتصرّ حكومة بغداد على أن المبلغ يوزع على نحو 400 ألف موظف حقيقي في الإقليم، وليس على العدد الهائل من الموظفين الذي تتحدث عنه حكومة كردستان، لكن الأخيرة تصرّ على أن عدد الموظفين والمتقاعدين وذوي الشهداء وعناصر البيشمركة في الإقليم يناهز المليون و200 ألف شخص، لذلك تقول إن المبلغ المخصص في الموازنة الاتحادية لا يكفي لتغطية مرتبات هذا العدد وهي مضطرة لموضوع الادخار الإجباري، كما تتعهد بتسديد المستحقات السابقة للموظفين في حال توفر الأموال اللازمة لذلك. واستنادا إلى مصادر كردية، فإن حكومة الإقليم مدينة بنحو 14 تريليون دينار للموظفين والمتقاعدين نتيجة فرضها نظام الادخار الإجباري منذ نحو 3 سنوات. وتشير المصادر إلى «قلق يساور أغلب الموظفين من أن حكومة أربيل لن تعطيهم الأموال التي استقطعتها منهم في السنوات السابقة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».