كيري: «أمن إسرائيل» محوري في أي مفاوضات وخاصة مع إيران

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله جون كيري وزير الخارجية الأميركي، في رام الله، أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله جون كيري وزير الخارجية الأميركي، في رام الله، أمس (أ.ف.ب)
TT

كيري: «أمن إسرائيل» محوري في أي مفاوضات وخاصة مع إيران

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله جون كيري وزير الخارجية الأميركي، في رام الله، أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله جون كيري وزير الخارجية الأميركي، في رام الله، أمس (أ.ف.ب)

هيمنت الترتيبات الأمنية التي تطالب بها إسرائيل، على مباحثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس اللذين التقاهما في القدس ورام الله، أمس. وعرض كيري أفكارا جديدة على الزعيمين في إطار دفع المفاوضات المتعثرة. وحاول كيري طمأنة إسرائيل بالتزام الولايات المتحدة بأمنها، سواء فيما يخص الاتفاق مع الفلسطينيين أو خاصة المباحثات مع إيران. وقال كيري لنتنياهو بعد لقاء مطول أمس: «الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل وبقدرتها على الدفاع عن نفسها بنفسها».
وكشف كيري عن أفكار عرضها الجنرال الأميركي جون ألن على نتنياهو، وقال إن ألن، وهو أحد ألمع العقول الأميركية، عرض على نتنياهو «بعض الأفكار عن التحديات الأمنية التي سيجري نقاشها مرة أخرى». ولم يكشف كيري عن فحوى الاقتراحات والأفكار الأميركية، لكن وسائل إعلام إسرائيلية قالت إن الأميركيين يحملون عرضا من مرحلتين، ويتركز بشكل أساسي على مستقبل منطقة الأغوار الحدودية مع الأردن. وفي مباحثات سابقة، فجرت الأغوار المفاوضات. وتعهد نتنياهو مرارا بالإبقاء على جيشه في منطقة الأغوار لحماية أمن إسرائيل، وتعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم السماح ولو لجندي إسرائيلي واحد بالبقاء في المنطقة بعد إقامة الدولة. وتشكل الأغوار ما مساحته 26% من مساحة الضفة، وتمتد على مساحة 800 ألف دونم.
وكان كيري، تحدث إلى نتنياهو في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) في روما حول مستقبل غور الأردن، مقترحا أن تساعد قوات أميركية على المحافظة على الأمن في المنطقة.
وعرض كيري، بحسب مصادر إسرائيلية، اقتراحا من مرحلتين: الأولى، مرحلة انتقالية، وتنشر فيها إسرائيل قواتها في مناطق محددة ومقلصة مع مساعدة دولية ونقاط مراقبة متقدمة ونشر أنظمة دفاعية، وفي المرحلة الثانية تقدم الولايات المتحدة أجوبة حول أسئلة إسرائيل الأمنية حول، حجم القوات الفلسطينية التي ستحافظ على الحدود، وطبيعتها والتسلح الذي ستوفره لهما الولايات المتحدة، محطات الإنذار التي ستطالب بها إسرائيل، وتأمين الحركة الجوية لإسرائيل في حال تراجعها إلى حدود 1967. لكن، لا يبدو أن المقترح الأميركي يلاقي قبولا إسرائيليا، وقال داني دانون، نائب وزير الدفاع الإسرائيلي: «لن نسمح لكيري بأن يحقق إنجازات دبلوماسية على حسابنا، الاتفاق المؤقت يهدد مصالحنا، ولن ينجح كيري في إجبارنا على إخلاء مناطق في الضفة أو الإفراج عن معتقلين فلسطينيين».
وأضاف دانون، العضو في الجناح المتشدد في حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «من وجهة نظر إسرائيلية، لن يكون هنالك أي وجود فلسطيني حول المعابر مع الأردن». وتابع: «الأميركيون يقترحون سيطرة مشتركة على المعابر، واستخدام وسائل تكنولوجية، لكننا نعيش في الشرق الأوسط ونرى ما يحدث في لبنان».
وأردف: «مع أن الأميركيين أصدقاؤنا، سنقول لهم آسفون، لن نفعل كل ما تريدونه ولن نتخلى عن المبادئ الأساسية للأمن، حتى لو كان ذلك يعني أن المفاوضات لن تتقدم ولن يقام حفل جميل في البيت الأبيض». وتصر إسرائيل على الاتفاق أولا على الترتيبات الأمنية وذلك قبل الاتفاق على الملفات الأخرى. وربط نتنياهو بين الأمن والسلام، وقال لكيري إن إسرائيل «مستعدة لسلام تاريخي مع الفلسطينيين، أساسه فكرة الدولتين لشعبين، لكن ينبغي أن تحافظ إسرائيل، في أي اتفاق مستقبلي، على قدرة الدفاع عن نفسها بنفسها». وسعى كيري كذلك خلال الزيارة إلى طمأنة إسرائيل تجاه الاتفاق المبدئي الذي جرى التوصل إليه أخيرا مع إيران بشأن برنامجها النووي، الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه «سيئ» و«خطير» «وخطأ تاريخي». وطالب نتنياهو باتخاذ خطوات لمنع إلغاء المزيد من العقوبات المفروضة على إيران. ورد كيري بأن معظم العقوبات الأساسية المتعلقة بالنفط وقطاع المصارف لا تزال قائمة بالتأكيد، وقال: «فيما يتعلق بالعقوبات، من الواضح أننا سنكون يقظين». ووعد كيري بأن تجري بلاده مشاورات معمقة مع إسرائيل خلال الأشهر التي تسبق التوقيع على اتفاق نهائي مع إيران، وحاول التقليل من شأن وجود خلافات بين الجانبين بتأكيد أن الروابط بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يمكن كسرها. وتوجه نتنياهو لوزير الخارجية الأميركية قائلا: «جون، أنت صديق نرحب به هنا في إسرائيل دائما»، والذي قال بدوره: «أفهم التحدي الأمني الذي تواجهه إسرائيل». وحاول كيري طمأنة نتنياهو أيضا، فيما يخص الاتفاق مع إيران كذلك، بعدما قال نتنياهو: «إننا نعتقد أنه في إطار الصفقة النهائية، خلافا للصفقة المرحلية، سيكون ضروريا التوصل إلى اتفاق نهائي حول نزع القدرات النووية العسكرية الإيرانية. قد أعربت عن قلقي منذ جنيف بأن العقوبات ستبدأ في الانهيار، وأعتقد أنه يجب اتخاذ خطوات من أجل منع الاستمرار في سحق العقوبات». ورد كيري: «إن أمن إسرائيل يتصدر أولويات الولايات المتحدة في المفاوضات التي نجريها مع إيران. الولايات المتحدة ستتابع من كثب العقوبات المفروضة على إيران». وأضاف: «نظام العقوبات سيبقى، وسنشدد على تطبيقه». وتابع: «نظام العقوبات الأساسي على قطاعي النفط والبنوك لا يزال قائما بالقطع. لم يتغير. وسنكثف جهود تطبيقه من خلال وزارة الخزانة وعبر الهيئات المعنية في الولايات المتحدة».
ومن المفترض أن يلتقي كيري نتيناهو مرة ثالثة اليوم بعدما التقاه مرتين بالأمس، قبل وبعد لقاء الرئيس الفلسطيني. وناقش عباس مع كيري ملفات مختلفة، من بينها الحدود والأمن والمستوطنات. وطلب عباس من كيري الضغط على الإسرائيليين من أجل البدء بمباحثات حول الخرائط، في محاولة لتحديد حدود الدولة الفلسطينية أولا ومن ثم بحث مستقبل الأغوار والمستوطنات وطبيعة وحجم تبادل الأراضي.
ولكن الرئيس عباس رفض أفكار كيري. وأكد له مرة أخرى، كما أخبرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»»، أنه يوافق على وجود قوات دولية في الأغوار بما فيها الأميركية، مع أي ضمانات أخرى تحتاجها إسرائيل، ويمكن الاتفاق عليها، لكن من دون وجود قوات إسرائيلية. المصادر قالت أيضا إن الرئيس الفلسطيني رفض وجود حلول انتقالية لأنه جرب ذلك مع الإسرائيليين من قبل ولم ينفع فتحول اتفاق 5 سنين (الحل الذاتي) إلى مرحلة من 20 عاما ولم تنته.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.