غريفيث يلتقي في صنعاء النسخة الحوثية من «الحراك الجنوبي»

الشرعية تدرس طلباً لتعليق مهمته وتستغرب عدم إدانته التصعيد الصاروخي

غريفيث يلتقي في صنعاء النسخة الحوثية من «الحراك الجنوبي»
TT

غريفيث يلتقي في صنعاء النسخة الحوثية من «الحراك الجنوبي»

غريفيث يلتقي في صنعاء النسخة الحوثية من «الحراك الجنوبي»

واصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، أمس، لقاءاته مع الأطراف التي شملها جدول زيارته إلى صنعاء في سياق مساعيه الرامية لإحلال السلام، على الرغم من التصعيد الخطير للميليشيات الحوثية المتمثل في استهداف المدن السعودية بالصواريخ الإيرانية، التي تم تدميرها في سماءات أربع مدن بالمملكة.
وفيما عدت الحكومة اليمنية، التصعيد الانقلابي المتزامن مع الزيارة الأممية، دليلاً يؤكد «استهتار الميليشيات وعدم جديتها في إحلال السلام»، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر حكومي مطلع أن «قيادة الشرعية تدرس تقديم طلب إلى المبعوث الأممي لتعليق مهمته في صنعاء».
وأبدى المصدر اليمني، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول له بالتصريح، استغراب الحكومة الشرعية من عدم صدور أي تعليق من المبعوث غريفيث يدين التصعيد الحوثي عبر الإطلاق العبثي للصواريخ الإيرانية على الأعيان المدنية في المدن السعودية.
وكان وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي اعتبر إطلاق الميلشيات الحوثية الصواريخ خلال زيارة المبعوث الأممي مارتن غريفيث لصنعاء، «رسالة إيرانية واضحة لمنع أي مفاوضات تهدف إلى تحقيق السلام، وتأكيد على استمرار الميليشيا الحوثية في اليمن بالاعتداء على الشعب اليمني وعلى دول الجوار».
وقال المخلافي، في تصريح رسمي أمس في الرياض، أثناء لقائه مع نائبة السفير الأميركي لدى اليمن، إن التصعيد الحوثي «يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يمكن تحقيق السلام دون تسليم هذه الميليشيات للصواريخ والأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي بحوزتها، والتي نهبتها من مخازن الجيش اليمني، وكذلك التي تم تهريبها إليها من النظام الإيراني المارق».
كما عد الوزير المخلافي، «الاعتداء الحوثي السافر على أمن المملكة ومواطنيها رسالة أخرى جلية، على حد قوله، إلى الاتحاد الأوروبي ووفد السفراء الأوروبيين لدى اليمن الذين زاروا العاصمة صنعاء في مهمة إنسانية مفادها أن الميليشيا لا ترغب في السلام، وأن الوضع القائم بالنسبة لها هو وضع مثالي تجبي فيه الأموال، وتبتز القطاع الخاص، لذا فلا رغبة لها في تحقيق السلام أو حتى مناقشة أي قضايا متعلقة بالتسوية السياسية السلمية».
والتقى المبعوث غريفيث في صنعاء أمس، ممثلين لنسخة من أحد فصائل «الحراك الجنوبي» موالين لميلشيا الحوثي، كما التقى قيادات حوثية، من بينهم وزير نقل الجماعة في الحكومة الانقلابية غير المعترف بها دولياً زكريا الشامي.
وأفادت مصادر حزبية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميلشيات تحاول التأثير على المبعوث الأممي لجهة الضغط على التحالف لرفع الحظر عن مطار صنعاء، تحت ذريعة «الوضع الإنساني»، في مسعى منها لتحويله إلى بوابة مفتوحة أمام تحركات الميليشيا ودخول الخبراء الإيرانيين، بيد أن هذه المحاولات لا تجد لها طريقاً من المصداقية، خصوصاً بعد عرض التحالف منصة إطلاق صواريخ كانت تتخذ من مطار صنعاء مقراً، وبذلك تحول المطار إلى مقر عسكري يهدد المدنيين.
وأضافت المصادر أن غريفيث ناقش مع المسؤول الحوثي أهمية تسهيل تدفق المساعدات الإغاثية المقدمة من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية إلى مطار صنعاء دون عوائق.
وفي اللقاء الآخر للمبعوث الأممي مع النسخة الحوثية من «الحراك الجنوبي»، استعرض القياديان الجنوبيان المواليان للجماعة خالد باراس وأحمد القنع المطالب الحوثية نفسها التي تتبناها الجماعة بشأن وقف عمليات التحالف الداعم للشرعية.
وقالت المصادر «إن غريفيث جدد التأكيد على أن مهمته الحالية تتضمن الاستماع لكل الأطراف اليمنية لمعرفة رؤية كل منها حول كيفية تحقيق السلام».
وكان غريفيث وصل صنعاء، السبت، في زيارة هي الأولى للعاصمة اليمنية منذ تعيينه مبعوثاً أممياً إلى اليمن الشهر الماضي، في سياق مهمته للقاء قيادات الجماعة الانقلابية والأطراف الأخرى الموالية لها.
ومن المقرر، بحسب جدول الزيارة الأممية الذي وضعته الجماعة الحوثية، أن يغادر غريفيث صنعاء السبت المقبل، بعد الانتهاء من محاولة إقناع الجماعة بالرضوخ لتحقيق السلام والاستماع لمطالب قياداتها.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.