قلق في درعا من استخدام دمشق ملف المساعدات الإنسانية

المعارضة تتمسك بإدخال مواد الإغاثة عبر الأردن

سيارات تابعة لمنظمة الهلال الأحمر السوري في طريقها إلى درعا («الشرق الأوسط»)
سيارات تابعة لمنظمة الهلال الأحمر السوري في طريقها إلى درعا («الشرق الأوسط»)
TT

قلق في درعا من استخدام دمشق ملف المساعدات الإنسانية

سيارات تابعة لمنظمة الهلال الأحمر السوري في طريقها إلى درعا («الشرق الأوسط»)
سيارات تابعة لمنظمة الهلال الأحمر السوري في طريقها إلى درعا («الشرق الأوسط»)

زاد الحديث في الفترة الأخيرة عن إدخال المساعدات الأممية إلى مناطق سيطرة المعارضة جنوب سوريا بواسطة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» و«منظمة الهلال الأحمر السوري»، بدلاً من دخولها عبر الحدود الأردنية برعاية عدد المنظمات الإغاثية.
وكان مجلس محافظة درعا الحرة التابع للحكومة السورية المؤقتة المعارضة أصدر بياناً أعلن فيه رفضه دخول المساعدات، وقال: «من خلال تجربتنا في سنوات الثورة، فإننا لا نثق بنظام القتل والدمار الأسدي ليمرر المساعدات والمواد الغذائية إلى محافظة درعا. ولنا في الزبداني وداريا والغوطة خير مثال، لذلك فإننا نرفض رفضاً قاطعاً دخول الصليب الأحمر والهلال الأحمر من خلال مناطق سيطرة النظام».
وأكد البيان على أن كل من يتعامل مع المنظمات الواقعة تحت سيطرة النظام سيتعرض للملاحقة القضائية «كونه يمهد لتأهيل النظام الذي كان السبب الرئيسي في تردي حالة المناطق المنكوبة جراء قصفها وتشريد أهلها».
وقال وزير الإدارة المحلية بالحكومة السورية المؤقتة محمد المذيب لـ«الشرق الأوسط» إن «التواصل قائم مع المنظمات الإنسانية ولجان الإغاثة الدولية عن طريق المعابر الإنسانية مع الأردن، حيث تم تأمين دخول قوافل المساعدات بشكل دوري وتوزيعها على مستحقيها بالتعاون مع المجالس المحلية على مدار السنوات الماضية دون أي معوقات». وتابع: «قبول دخول المساعدات عن طريق النظام والهلال الأحمر يعني تطبيقاً للمشروع الروسي في احتواء المناطق المحررة من خلال إغرائها بالهدن والمصالحات، ثم الإشراف على عمل المنظمات الإغاثية وإيصال المساعدات عن طريق معابر يسيطر عليها نظام الأسد».
وأشار المذيب إلى أن النظام «قد يتعمد تعطيل دخول المساعدات متى ما شاء، وربما تتنكر عناصره بهيئة موظفي الإغاثة بغرض التجسس والاضطلاع المباشر على عمل المجالس المحلية».
وترتبط مناطق سيطرة المعارضة بمناطق النظام من خلال ثلاثة معابر هي: خربة غزالة وداعل في ريفها الأوسط وكفر شمس في ريفها الشمالي، وفرضت قوات النظام وتنظيمات تابعة له المسؤولة عنها ضرائب جمركية كبيرة على البضائع المارة من خلالها أوائل يونيو (حزيران) 2017.
عماد البطين نائب رئيس مجلس محافظة درعا الحرة المعارض، قال: «لا يمكن ضمان دخول المساعدات من معابر تفرض رسوماً جمركية على السيارات المارة منها، وكأننا ننتقل من دولة لأخرى، وإننا نعتبر تلك الحواجز التي عمد نظام الأسد إلى تحويلها إلى معابر جمركية محاولة لتكريس التقسيم والتجزئة».
وفي السياق ذاته، أفاد مناف الجهماني، أحد المسؤولين في «منظمة آفاق المستقبل»، بأن «عدداً كبيراً من المنظمات العاملة في جنوب سوريا توقف نشاطاتها بالتزامن مع دخول اتفاق (خفض التصعيد) حيّز التنفيذ في يوليو (تموز) 2017، بينما خفضت نسبة المساعدات المقدمة لتشمل العائلات الأشد فقراً، وقاطني المخيمات العشوائية فقط».
ونوه الجهماني إلى أن هناك «حملة إعلامية منظمة لتشويه سمعة عمال الإغاثة والقائمين على عمل المنظمات في سوريا، وذلك من خلال تلفيق تقارير كاذبة حول سوء توزيع وابتزاز المستفيدين منها، خصوصاً النساء، وبالأخص بعد نشر هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تقريراً ادعى أن عدداً من النساء تعرضن للاستغلال الجنسي من قبل الرجال الذين يقدمون المساعدات باسم الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية الدولية».
وعمدت بعض منظمات المجتمع المدني إلى التحذير من تلك الشائعات، حيث نظم «برنامج تطوير» في الريف الشرقي من محافظة درعا ورش عمل تدريبية لعدة فئات من المجتمع. وبحسب منصور المقداد، منسق بناء القدرات في «برنامج تطوير»، فإن تجربة إقامة ندوات وورش عمل بهدف التوعية والحماية من الاستغلال «جاءت لتفنيد حقيقة التقارير التي تحدثت عن الاستغلال والعنف والتحرش الجنسي أثناء توزيع المساعدات الإنسانية في الجنوب السوري، ومن خلال المتابعة الحثيثة للمستفيدين من المساعدات تبين أن ما جاء في التقرير لم يستند على وثائق حقيقية، إنما على استبيانات عشوائية غرضها تشويه سمعة عمال الإغاثة».
يذكر أن المساعدات الأممية تدخل إلى المناطق المحررة جنوب سوريا من معبر الرمثا مع الأردن بموجب القرار 2165 الصادر عن مجلس اﻷمن منتصف يوليو 2014، الذي يقضي بفتح ممرات إنسانية تشمل كل المناطق السورية، وتشمل معابر باب السلام وباب الهوى واليعربية والرمثا. وجرى تمديد مهلة القرار الدولي نهاية العام الماضي لإدخال المساعدات «عبر الحدود».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.