مصدر عسكري يمني: تواطؤ داخلي وراء انفجار صنعاء

أكثر من 50 قتيلا وعشرات الجرحى في محاولة لاقتحام مجمع وزارة الدفاع

جنود يمنيون بالقرب من مجمع الدفاع الذي استهدف بهجوم وسط صنعاء أمس (رويترز)
جنود يمنيون بالقرب من مجمع الدفاع الذي استهدف بهجوم وسط صنعاء أمس (رويترز)
TT

مصدر عسكري يمني: تواطؤ داخلي وراء انفجار صنعاء

جنود يمنيون بالقرب من مجمع الدفاع الذي استهدف بهجوم وسط صنعاء أمس (رويترز)
جنود يمنيون بالقرب من مجمع الدفاع الذي استهدف بهجوم وسط صنعاء أمس (رويترز)

لقي ما لا يقل عن 52 شخصا مصرعهم وجرح نحو 162 آخرين في هجوم مزدوج نفذه مسلحون مجهولون على مجمع الدفاع العسكري وسط العاصمة اليمنية صنعاء، وقد تلت ذلك إجراءات أمنية مشددة حول السفارات الغربية والمصالح الحيوية في صنعاء.
واستهدفت سيارة مفخخة مستشفى مجمع العرضي العسكري في باب اليمن في صنعاء الذي يضم مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الدفاع ودوائرها كاملة، وسمع دوي الانفجار في أنحاء متفرقة من العاصمة صنعاء، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن عددا من السيارات التي تحمل مسلحين حاولت اقتحام المجمع عقب التفجير الانتحاري واستهدفت المستشفى بصورة مباشرة، غير أن حراسة المجمع تبادلت معها إطلاق النار لعدة ساعات قبل أن تعلن وزارة الدفاع عن سيطرتها الكاملة على الموقف والقضاء على معظم المهاجمين واعتقال عدد آخر منهم، ووصفت المصادر ما جرى في محيط مجمع الدفاع بالحرب الحقيقية التي أثارت الرعب في منطقة باب اليمن التاريخية والمكتظة بالسياح من مختلف الجنسيات، إضافة إلى أن المنطقة مكتظة بالمارة والبائعة الجائلين وبها محطات نقل الركاب بين المحافظات.
وقالت اللجنة الأمنية العليا في اليمن في وقت متأخر أمس بأن 52 طبيبا وممرضة قتلوا وأصيب نحو 162 آخرين في الهجوم الذي وقع صباح أمس الخميس على مجمع وزارة الدفاع.
وهاجم انتحاري ومسلحون يرتدون ملابس الجيش مجمع الوزارة في العاصمة صنعاء في أسوأ هجوم منفرد في اليمن منذ 18 شهرا.
وقال بيان للجنة بأن بعض القتلى من ألمانيا. ولم يوضح البيان عدد القتلى من الضباط والمسلحين.
وأدانت حكومة الوفاق الوطني في اليمن بشدة العمل «الإرهابي والإجرامي الغادر» الذي استهدف مستشفى مجمع وزارة الدفاع صباح أمس، وراح ضحيته عدد من «الشهداء» بينهم بعض الأطباء والممرضات الأجانب فيما تعرض العشرات لإصابات متفاوتة.
وأكد بيان صادر عن الحكومة «هذا العمل الإرهابي الوحشي والجبان ضد منشأة طبية ومؤسسة حكومية وطنية، يدل على أن كل من قام به أو يقف وراءه قد تجردوا من كافة القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، كما أنه يعكس ما يحملونه في نفوسهم الشريرة المريضة، من حقد مدمر وأسود ضد الإنسانية جمعاء»، بحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
وأوضح البيان «هذا العمل الإجرامي وغيره من الأعمال الإرهابية والتخريبية التي نفذت وتنفذ، تأتي في سياق المحاولات المستميتة من قبل أعداء الوطن لإفشال النظام الجديد والتسوية السياسية، وإجهاض التغيير الذي ينشده شعبنا، والحيلولة دون نجاح مؤتمر الحوار الوطني، وجر اليمن إلى أتون الفوضى والحروب».
وأعربت حكومة الوفاق الوطني عن ثقتها بأن من يسعون إلى تحقيق مقاصدهم الهدامة من خلال مثل هذه الأعمال لن يجنوا سوى أذيال الخيبة والعار، وحتما سينالون جزاءهم العادل والرادع جراء ما يقترفونه من جرائم بحق الوطن والشعب اليمني، بحسب «سبأ».
وقالت وزارة الدفاع اليمنية إن الرئيس عبد ربه منصور هادي، القائد الأعلى للقوات المسلحة قام بزيارة إلى مقر المجمع وعقد اجتماعا ضم «رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن أحمد علي الأشول والمفتش العام في القوات المسلحة اللواء الركن محمد علي القاسمي، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن عبد الباري الشميري، ورئيس هيئة العمليات اللواء الركن الدكتور ناصر عبد ربه الطاهري، وعددا من القيادات العسكرية»، ووصف هادي الاعتداء على مستشفى مجمع الدفاع بالاعتداء الإرهابي ووجه بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة تتكون من رئيس هيئة الأركان العامة ونائبه ورئيس هيئة العمليات ورئيس الاستخبارات «على أن ترفع اللجنة تقريرا بنتائج التحقيق خلال 24 ساعة».
وناشدت وزارة الصحة اليمنية المواطنين إلى المسارعة للتبرع بالدم لجرحى التفجير الانتحاري، وأكدت الوزارة استقبال الكثير من المستشفيات للمتبرعين، حيث نقل معظم الجرحى إلى المستشفى العسكري وبعض المستشفيات الحكومية، وأكدت بعض المستشفيات استقبالها لحالات قتلى وجرحى من المدنيين، بينهم طفل وامرأة، وأشارت المعلومات إلى مقتل عضو مؤتمر الحوار القاضي عبد الجليل نعمان وزوجته في حادث محاولة اقتحام مستشفى الدفاع أثناء تواجدهما هناك.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»: إن السلطات اليمنية قامت بقطع الطرق المؤدية إلى السفارتين الأميركية والبريطانية عقب التفجير الانتحاري، في وقت يعتقد أن السفارتين وغيرهما من المصالح الغربية أغلقت أبوابها خشية التهديدات الأمنية، في حين أكدت المصادر أن معظم المدارس الحكومية والأهلية المجاورة للسفارات الغربية قامت بإغلاق أبوابها وصرف الطلاب إلى منازلهم خشية أعمال إرهابية تستهدفهم كما حدث في حوادث سابقة ومماثلة وقعت قرب السفارة الأميركية، كما أغلقت كافة الطرق والمداخل المؤدية إلى المجمع ولم يسمح فقط إلا للتعزيزات العسكرية والطواقم الطبية بالمرور.
واتهم مصدر في وزارة الدفاع اليمنية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بعض القادة العسكريين بالتواطؤ في تسهيل الهجوم على مجمع العرضي، وأكد المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن الهجوم مزدوج ويحمل بصمات تنظيم القاعدة إلى جانب بصمات أطراف محلية حاولت العام الماضي اقتحام المجمع تحت ذرائع المطالبة بمستحقات، قبل أن تتم عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، واعتبر المصدر أن الذين يقفون وراء هذه العمليات يهدفون إلى إفشال مؤتمر الحوار الوطني وهو في أيامه الأخيرة قبل اختتام مخرجاته، وأنهم حاولوا إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي الذي يقف ويساند أمن واستقرار اليمن ونجاح التسوية السياسية ممثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، حسب المصدر الذي أكد أن المهاجمين كانوا يرتدون الملابس العسكرية وأنه جرى اعتقال بعض المهاجمين وتتم ملاحقة عدد آخر كانوا يستقلون سيارات أخرى خارج المجمع.
من جانبه، يقول المحلل العسكري العميد متقاعد محسن خصروف لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم الذي جرى «عملية إرهابية نوعية ورسالة واضحة لمؤسسة الرئاسة والمؤسسة الدفاعية والمؤسسة الأمنية وأن هذه الرسالة تريد القول إننا هنا مهما عملتم»، وأضاف أن هذه الرسالة تهدف أيضا إلى أن «تظهر الرئيس عبد ربه منصور هادي بالموقف الضعيف وغير القادر على إدارة البلد وأن الحكومة فاشلة وأن مؤسستي الدفاع والأمن ما زالتا تدين ببعض الولاء لمن هم خارج السلطة وهذه الرسالة جرس إنذار لمؤسسة الرئاسة والدفاع والأمن بأنه لا بد من إعادة النظر في ملف الدفاع والأمن».
وفي أولى ردود الفعل على الهجوم الذي وصفته السلطات بالإرهابي، دان مجلس التعاون الخليجي الهجوم وجدد المجلس وقوفه إلى جانب اليمن بما يحفظ أمنه واستقراره، وجاء الموقف الخليجي في اتصال هاتفي أجراه أمين عام المجلس بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وفي صنعاء دانت الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الهجوم وأكدت أنه لن يؤثر على مسيرة الحوار الوطني.
وجاء الهجوم غير المسبوق في صنعاء بعد أيام على استماع مجلس الأمن الدولي لتقرير المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر حول الأوضاع في اليمن ولقاء الأخير بعدد من المسؤولين في الإدارة الأميركية بشأن العراقيل التي تقف أمام التسوية السياسية في اليمن وقيام بعض الأطراف بافتعال المشاكل لإفشال التسوية ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما يأتي هذا الهجوم قبيل أيام على عودة بن عمر إلى صنعاء للإشراف على المرحلة الأخيرة من التسوية السياسية المتمثلة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.