تقرير: تنامي الفساد السياسي بسبب الانقسام الفلسطيني

TT

تقرير: تنامي الفساد السياسي بسبب الانقسام الفلسطيني

أطلق الائتلاف الفلسطيني من أجل النزاهة والمساءلة «أمان» نتائج تقريره السنوي العاشر، حول «واقع النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2017»، مظهرا تناميا خطيرا في الفساد السياسي، وتراجعا للنزاهة في الحكم وإدارة الشأن العام.
وعقد الائتلاف أمس مؤتمره السنوي بوجود مسؤولين فلسطينيين رسميين، ومسؤولي مؤسسات عامة وأهلية، وصحافيين، وأكاديميين، وشخصيات اعتبارية، وسفراء، ومانحين دوليين.
وقال المدير التنفيذي لائتلاف «أمان»، مجدي أبو زيد، إن المؤتمر يأتي في ظل تراجع انفتاح الحكومة على المجتمع المدني، وتراجع في توفير المعلومات المتعلقة بالمال والشأن العام، مؤكدا أنه تم رصد المعلومات والحقائق من مصادرها، وتوثيقها، وتحليلها، من قبل فريق إعداد التقرير، على الرغم من مماطلة وامتناع بعض الجهات الرسمية في الإفصاح عن المعلومات أثناء مرحلة إعداد التقرير.
وتطرق التقرير إلى الأداء الحكومي ونزاهته، ومدى انتشار الفساد وطرقه وكيفية محاربته.
وقال رئيس مجلس إدارة ائتلاف «أمان»، عبد القادر الحسيني، إن عام 2017 شهد تناميا خطيرا في الفساد السياسي، تمثل في تسييس التشريعات والقرارات كأحد إفرازات الانقسام السياسي.
وركز التقرير - إضافة إلى تنامي الفساد السياسي - على تراجع النزاهة في الحكم. وقال مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان، عزمي الشعيبي، إن السمة العامة التي طبعت عام 2017، كانت تراجع النزاهة في الحكم وإدارة الشأن العام، التي اتضحت في عدد من الممارسات والمظاهر.
من أبرز مظاهر تراجع النزاهة، استمرار عدم الفصل بين السلطات في عام 2017، فضلا عن تردي أوضاع قطاع العدالة، وضعف ممانعة الحكومة أمام سلطة مكتب الرئيس، الأمر الذي ولّد فرصا كثيرة أمام متنفذين لتقاسم المراكز والموارد. وانتقد الشعيبي هيئة مكافحة الفساد؛ لأنها لم تعلن موقفها من وجود تحقيقات مع بعض الشخصيات الكبيرة في شبهات فساد، منها «بسبب ضغوطات سياسية ومؤثرات خارجية تمارس عليها».
وأشار الشعيبي إلى تعيين رئيس لهيئة المدن الصناعية بشكل مخالف للأنظمة والقرارات، وبراتب قارب 18000 دولار.
وختم الشعيبي حديثه بالإشارة إلى استمرار غياب الشفافية والمنافسة عن التعيينات في الوظائف العليا، مع تجاهل احترام مبدأ تكافؤ الفرص.
وعلى صعيد القضاء والتشريع، كانت أبرز التحديات عدم إنجاز عملية الإصلاح، بالإضافة إلى استمرار حالة الفوضى، والتسرع في إصدار قرارات بقانون في ظل غياب المجلس التشريعي.
وتجلى القصور في نظم المساءلة في غياب وحدات شكاوى حتى نهاية عام 2017، على المواقع الإلكترونية لوزارة المالية والتخطيط، ووزارة الشؤون الخارجية وشؤون المغتربين.
أما التعيينات في الوظائف العليا، فقد استمرت دون شفافية أو منافسة عادلة، مع تجاهل احترام مبدأ تكافؤ الفرص، كما استمرت ظاهرة الموظفين المفروزين للعمل لدى الفصائل الفلسطينية، أو شخصيات وطنية، أو منظمات وجمعيات غير حكومية، مع تلقي رواتبهم من وزارة المالية.
وانتقد تقرير واقع النزاهة ومكافحة الفساد، عدم إصدار قانوني الحق في الحصول على المعلومات والأرشيف الوطني، واستمرار حجب الاتفاقيات العامة الموقعة بالنيابة عن الفلسطينيين، بالإضافة إلى حجب بعض المعلومات والقرارات، أو عدم نشرها في الوقت المناسب. كما انتقد ظهور نفقات عامة لا تتناسب مع أولويات شعب تحت الاحتلال، كاستمرار استئجار وشراء وبناء المباني الحكومية الجديدة، وبناء قصر الضيافة الرئاسي، وتحويله لمكتبة عامة، ودفع رواتب وعلاوات لموظفين في شركة طيران غير موجودة عمليا.
ورصد التقرير حالات فساد خلال العام، منها: منح إعفاءات جمركية على شراء سيارات لمتنفذين خلافا للقانون، كشكل من أشكال المحاباة لدى أفراد مقربين من الطبقة السياسية، وتم تقديم شكوى رسمية للنائب العام بوجود شبهات فساد مالي وإداري في بيع أراضي الكنيسة الأرثوذكسية، بينما استمرت ظاهرة الفساد على المعابر في قطاع غزة، وظهرت بعض حالات اختلاس في قطاع المؤسسات الأهلية، إضافة إلى شبهة فساد في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.
كما استمر انتشار حالات الجرائم الاقتصادية في الضفة والقطاع.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.