اليومي بصيغة التاريخي

يانيس ريتسوس... «الشاعر المعلم» في طبعة ثانية

TT

اليومي بصيغة التاريخي

بين أيدي القارئ العربي، لأول مرة على حد علمنا، الجزء الأول من الأعمال الكاملة للشاعر اليوناني المعلم، كما يطلق عليه الناس في بلده، بترجمة العراقي جمال حيدر، عن اللغة اليونانية. وهي من منشورات دار «أروقة» المصرية.
تأتي أهمية هذه الترجمة من أن المترجم ارتبط بعلاقة صداقة مع الشاعر المعروف، أثناء إقامته ودراسته وعمله في اليونان، وقد التقاه في بيته وفي حياته اليومية، في مقاهي أثينا وشوارعها الخلفية مما وفر له أرضية خصبة للانطلاق نحو قصيدة ريتسوس وتقصي تحولاتها والتماعاتها، على خلفية جيدة من معرفة بالسيرة الذاتية لريتسوس وحياته شاعراً ومناضلاً ضد الفاشية ونظام العسكر في بلده منذ أواخر الستينات، وهي تجربة مريرة عاشها الشاعر إذ اعتقل واحتجز في مراكز اعتقال متعددة ومنع من الكتابة ولَم يخفف عنها سوى الحملات التضامنية معها التي قادها شعراء عالميون أشهرهم الفرنسي لوي أراغون.
في تقديمه لترجمته يستقصي جمال حيدر سيرة حياة وقصيدة، ويلقي الضوء على أبرز محطات الشاعر عبر المرض والشعر والسجن والنفي بسبب موقف هذا الشاعر من العسكرتاريا والفاشية في بلده، غير أن اللافت، بل المثير للاستغراب، أن هذه التجربة المريرة في حياة الشاعر لم تجد انعكاسات لها في قصيدته إلا ما ندر!
قد يعود الأمر إلى أكثر من سبب من بينها أن مرارة التجربة وقسوتها جعلته في حالة إنكار لا واعٍ لها ليطردها من تاريخه ويتخلص من الألم الحاد الذي عاناه خلالها، ولأنه شاعر حياة يومية تفتح أفقاً للمستقبل، كرس شعره للشعر، ولا شيء سواه، ليقيم في القصيدة ويسكن العالم اليومي للأشياء والبشر، كما يمر بها يومياً بين البيت والسوق والمقهى وما تبلغه حواسه السبع من أمكنة وروائح ووجوه، كل هذا يستغرق الشاعر على مدار الساعة فلم يعد لديه الوقت، ولا الرغبة، ولا الضرورة للالتفات نحو الماضي. الحاضر هو ما يعنيه والمستقبل هدف قصيدته وليس الماضي سوى أرشيف.
يحتفي ريتسوس باليومي الذي يتشكل من أساطير صغيرة، أو كبيرة، على مرأى من الناس، وعلى مرأى منه لأنه بين الناس. الناس الذين يحيونه في الشارع العام ويخاطبونه بالمعلم ولا يدفع ثمن كأسه أو فنجان قهوته حيث يمضي نهاره في حانة أو مقهى لأنه ضيف من الدرجة الأولى وشاعر محبوب أكثر مما يجب.
حتى الحزب الشيوعي اليوناني، على عكس الأحزاب الشيوعية العربية، قرر أن يتفرغ ريتسوس لكتابة الشعر، والشعر فقط، كما يقول المترجم، وبراتب كافٍ ليعيش حياته بلا عوز، ولَم يُطلب منه الانتماء التقليدي والعمل في هيئة حزبية.. الشاعر حزب وحده.
قصيدة ريتسوس، كما قرأتها، متوترة لغوياً، تأخذ صيغتها من المباشر إلى الإيحائي ومن الواقعي إلى السريالي، وهذا - باعتقادي - شأن الشعراء الذين لا يضعون لغتهم في صندوق مقفل.. إنهم يكتبون نصاً متحركاً عبر المدارس والعواطف والرؤى وما تمليه عليهم ضمائرهم الإبداعية في لحظة تجلٍ لا يعرفون مصدرها لكنهم يتحسسون نبضها الخفي.
ريتسوس شاعر لعوب، سواء قرأه مترجمه بلغته أو بلغتنا العربية، فهو بسيط وصعب، معقد وتلقائي، حالم وواقعي وسريالي، وأحسب أن الشاعر الحقيقي هو نص خارج أي مدرسة أو أسلوب أو صندوق فني أو آيديولوجي.. القصيدة وحدها هي ما يبرر الشاعر ولا شيء آخر.
ريتسوس ابن العائلة الأرستقراطية التي تنكر لها الزمن لاحقاً، وفرت له بيئة ثقافية قد لا تتوفر لغيره (أمه مثلاً قارئة جيدة للكتب).
بين المصحات والسجون ومراكز الاعتقال تتشكل رغبة الشاعر بالتعبير. التعبير بالقصيدة والرسم، والموسيقى واليونان، كبلد متوسطي، ضحية أكثر من قوة: الفلسفة والموسيقى والشعر والميثولوجيا.
منها، جميعاً، اغتنت تجربة هذا الشاعر وانطلقت ليصبح شاعر اليونان المعلم الذي قال عنه لوي أرغون: «إنه من أكبر شعراء هذا العصر وأكثرهم تفرداً. مضى زمن طويل لم يهزني فيه شيء كما هزني هذا الشعر الصادم بعبقريته... من أين ينبع هذا الشعر؟».
مقدمة المترجم جاءت ضافية وضرورية وهو يؤشر لأهم محطات صديقه الشاعر وسيرورة قصيدته وصيرورتها، وتوفرت على معلومات غير معروفة قبلاً، وعرضت لأهم اختبارات القصيدة وشاعرها وانكساراتها وحديثها الشيق عن الألم والموت والحب والأمل.
في رسالة إلى زوجته فاليتسا، الطبيبة، في جزيرة ساموس، وهي غير منشورة في الكتاب، يعترف ريتسوس نقدياً بضعف بعض قصائده ويبرر هذا الضعف بأنه يمثل «ضرورة ذاتية وعامة في آن».
ويضيف معترفاً بقسوة نقدية حادة: «الشعراء يمجدون أسوأ قصائدهم. أتلمس ذلك المنحى وأعرفه، تماماً، وقصيدة «هرقل ونحن» مثال على ذلك، وأعتبرها أسوأ قصائد المجموعة «تكرار» لكنني أعلم مسبقاً بأنها تثير الإعجاب».



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».